سوريا تكافح لتنمية قطاع الطاقة رغم العقوبات

دمشق - تعمل سوريا على إعادة إحياء قطاع إنتاج الوقود الأحفوري في المناطق الخاضعة لسيطرتها أملا في تخفيف الضغوط المسلطة على فاتورة الطاقة التي بالكاد تستطيع الحكومة توفيرها حتى تؤمن احتياجات السكان.
ودعا وزير النفط فراس قدور في حديث للصحافيين على هامش معرض سوريا الدولي الرابع للبترول والغاز والطاقة (سيربترو 2023) المقام على أرض مدينة المعارض بدمشق، المستثمرين الراغبين إلى المشاركة في تنمية قطاع الطاقة.
وقال فراس الذي تولى منصبه في مارس الماضي خلفا لبسام طعمة إن “الوزارة طرحت خطة للاستثمار في النفط والغاز والمعادن وأن الأبواب مفتوحة أمام جميع الأصدقاء والإخوة والحلفاء للمشاركة في إعادة بناء البنية التحتية”.
وتجد دمشق صعوبة في جذب الشركات الغربية للعمل في هذا النشاط لأنها ستكون معرضة لعقوبات “قيصر”، وحتى شركات حلفاء سوريا وخاصة روسيا ليست في أحسن حال لخوض هذه المغامرة.
ومُني القطاع بخسائر مباشرة تتعلق بقيمة كميات النفط والغاز المهدورة والمسروقة والبنى التحتية والمنشآت وخطوط النقل والآليات التي تعرضت للنهب والتخريب، جراء أعمال العنف والخسائر غير المباشرة وتشمل تأجيل إنتاج النفط وفوات منفعته.
وقال قدور إن “خسائر قطاع الطاقة في سوريا تقترب من 100 مليار دولار”.
وتعاني العديد من مدن البلاد من شح كبير في الوقود، حيث يصل سعر لتر البنزين العادي ولتر المازوت (الديزل) في السوق السوداء إلى نحو 10 آلاف ليرة (أكثر من دولار).
وخلال السنوات الأولى من الصراع، انخفض إنتاج سوريا من النفط من 385 ألف برميل يوميا قبل الحرب إلى 8 آلاف برميل يوميا.
وكان الإنتاج قد بلغ الذروة قبل اندلاع الأزمة بأعوام بتسجيل 600 ألف برميل يوميا، وفق الأرقام الرسمية المعلنة، التي يرى كثير من الخبراء والمؤسسات المالية والمنظمات الدواية أنها أقل من الواقع بكثير.
أما إنتاج الغاز فقد تقهقر من 21 مليون متر مكعب ليصل إلى نحو تسعة ملايين متر مكعب يوميا، بينما توقف إنتاج الفوسفات بشكل كلي.
وأكد رئيس شركة النفط السورية الحكومية فرحات جميل عبدالله أن إنتاج النفط في سوريا انخفض من 385 ألف برميل يوميا قبل الأزمة إلى 15 ألفا الآن، بينما انخفض إنتاج الغاز من 30 مليون متر مكعب يوميا إلى 10 ملايين متر مكعب الآن.
وعزا عبدالله في تصريح لوكالة شينخوا على هامش المعرض سبب الانخفاض إلى العقوبات الأميركية. وقال إن “معظم حقول الطاقة خرجت عن سيطرة الحكومة نتيجة وجود القوات الأميركية في المناطق الغنية بالنفط في شمال وشرق سوريا”.
إجمالي احتياطات سوريا من الغاز إذا تمت إضافة العديد من الاكتشافات الجديدة مؤخرا يبلغ 28 تريليون متر مكعب
وتابع “خرجت معظم حقول الطاقة عن السيطرة، والتي كانت تغذي البلاد بالدرجة الأولى بالنفط والغاز، ونتيجة للعقوبات المفروضة على سوريا والوضع في البلاد، أصبح هناك نقص في النفط والغاز”.
وفي محاولة للتخفيف من الأثر السلبي لعقوبات “قيصر” على البلاد، قال عبدالله إن شركة النفط الحكومية “كثفت عملها في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة غرب نهر الفرات وتعمل حاليًا على حفر آبار في خمسة مواقع لتجاوز الانخفاض الحاصل”.
وكان إنتاج النفط يشكل أبرز مصدر للعملات الأجنبية والموارد للحكومة السورية قبل اندلاع الأزمة، التي دفعتها إلى استيراد حاجتها من النفط بشكل شبه كامل، لاسيما من حليفتها إيران.
وانهار إنتاج النفط بالبلاد بعد أن فقدت دمشق معظم حقولها شرقي نهر الفرات خاصة في دير الزور، حيث باتت تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وتلقى دعما مباشرا من الولايات المتحدة.
وحاليا تتقاسم قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية بشكل أساسي ثروات النفط والغاز، حيث تقع أبرز حقول النفط وأكبرها تحت سيطرة الأكراد فيما تسيطر دمشق على أبرز حقول الغاز.
وتسيطر دمشق على حقول الورد والتيم والشولة والنيشان النفطية في دير الزور وحقل الثورة في الرقة وحقل جزل في حمص وسط البلاد.
دمشق لم تتمكن من إنتاج سوى 5.7 مليون طن من المشتقات النفطية في مصفاتي حمص وبانياس نتيجة لتعرض البنية التحتية لدمار كبير
كما تُمسك بحقل الشاعر، أكبر حقول الغاز، غرب مدينة تدمر في ريف حمص وسط البلاد، الذي خرج عن سيطرة نظام بشار الأسد قبل أن تستعيده قواته بشكل كامل في العام 2017، وأيضا تسيطر على حقول صدد وآراك في حمص.
وبحسب وزارة النفط كان حقل الشاعر ينتج نحو 3 ملايين متر مكعب يوميا من إجمالي إنتاج يومي يبلغ نحو 15 مليون متر مكعب.
في المقابل، تسيطر قوات سوريا الديمقراطية بشكل رئيسي في دير الزور شرق البلاد على حقل العمر، وهو الأكبر في البلاد، والتنك وجفرا.
كما تستحوذ على الرميلان في الحسكة شمال شرق البلاد وحقول صغرى في الحسكة والرقة شمالا. ويقع حقلا كونيكو للغاز في دير الزور والسويدية في الحسكة تحت نطاق سيطرتها.
وتوكد مدى إبراهيم وهي مهندسة كيميائية في الشركة السورية للغاز إن “العقوبات الأميركية أثرت على عملهم، حيث أعاقت العقوبات استيراد الأدوات والآلات اللازمة”.
وقالت لوكالة شينخوا “نحن دائما في حاجة إلى معدات من دول أجنبية، ولكن بالطبع بفضل مهاراتنا وخبراتنا الوطنية وكذلك الدول الصديقة، تمكنا من الصمود في الأوقات الصعبة للأزمة”.
وكان احتياطي سوريا من الغاز في عام 2008 بواقع 240.7 مليار متر مكعب، وتحتل المرتبة 42 عالميا، إلا أن الهيئة الجيولوجية الأميركية قدرت في العام 2020 احتياطيات البلاد من هذا المورد في البحر المتوسط فقط بنحو 700 مليار متر مكعب.
وبحسب تقديرات مركز فيريل للدراسات في برلين، فإن إجمالي احتياطات سوريا من الغاز إذا تمت إضافة العديد من الاكتشافات الجديدة مؤخرا يبلغ 28 تريليون متر مكعب.
ونتيجة لتعرض البنية التحتية لدمار كبير، لم تتمكن دمشق من إنتاج سوى 5.7 مليون طن من المشتقات النفطية في مصفاتي حمص وبانياس.