سوريا تكافح لإعادة إحياء قطاع الطاقة المشلول

دمشق - تبذل سوريا جهودا مضنية من أجل إعادة إحياء قطاع النفط والغاز المشلول في المناطق الخاضعة لسيطرتها، في محاولة لتخفيف الضغوط المسلطة على فاتورة الطاقة، التي بالكاد تستطيع الحكومة توفيرها حتى تؤمّن احتياجات السكان.
وانهار إنتاج النفط في البلاد بعد أن فقدت دمشق معظم حقولها شرقي نهر الفرات خاصة في دير الزور، بعدما أصبحت تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي يقودها الأكراد وتلقى دعما مباشرا من الولايات المتحدة.
في المقابل، لا تسيطر دمشق إلا على عدد محدود من الحقول النفطية من بينها الورد والتيم والشولة والنيشان في دير الزور، وحقل الثورة في الرقة وحقل جزل في حمص وسط البلاد.
وكان إنتاج النفط يشكل أبرز مصدر للعملات الأجنبية والموارد للحكومة قبل اندلاع الأزمة في العام 2011، والتي دفعتها إلى استيراد احتياجاتها بشكل شبه كامل، لاسيما من حليفتها إيران.
وبالنسبة إلى إنتاج الغاز، فتظهر معلومات عن وزارة النفط أن حقل الشاعر الواقع شرق محافظة حمص، والذي أعادت القوات الحكومية السيطرة عليه في 2021 كان ينتج نحو 3 ملايين متر مكعب يوميا من إجمالي إنتاج يومي يبلغ نحو 15 مليون متر مكعب.
والحقل الذي يشكل موردا إستراتيجيا للبلاد لا يزال تحت التأهيل بعدما لحقت به أضرار كبيرة أثناء الحرب. ومن المتوقع أن يدخل مرحلة الإنتاج خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وفي محاولة لاستكشاف فرص تطوير صناعة الوقود الأحفوري، تنظم الشركة السورية للنفط الحكومية على مدار هذا الأسبوع فعالية تهدف من خلالها إلى تبادل الرؤى ونقل الخبرات والتجارب بين كوادر القطاع، وسبل مواجهة التحديات المستقبلية بكفاءة وفاعلية.
ويتضمن برنامج الأسبوع العلمي محاضرات حول واقع وآفاق القطاع النفطي السوري، والوقاية من الترسبات الملحية في منظومة حقن المياه الطبيعية، وتبسيط الإجراءات.
كما يتطرق إلى أهمية تطبيق معايير الصحة والسلامة والبيئة في مجال الصناعة النفطية، وأنظمة الإنتاج بالرفع الصناعي، إضافة إلى موضوعات أخرى متنوعة.
وتبقى مشكلة التمويل التحدي الأكبر أمام المسؤولين، لأنها المحرك الأساسي لإعادة ضبط هذه الصناعة التي تعاني من كثرة المشاكل.
وأكد وزير النفط فراس قدور خلال افتتاح الحدث الأحد الماضي أن القطاع يواجه تحديات كبيرة تتطلب التفكير الإبداعي والتعاون الفعال.
120
مليار دولار حجم خسائر القطاع منذ اندلاع الحرب في 2011، وفق الأرقام الرسمية
ونسبت وكالة الأنباء السورية الرسمية إلى قدور قوله “نحن أمام فرصة لاكتساب المعرفة وتبادلها مع الخبراء في مجالاتهم، وتطوير حلول مبتكرة تعزز الأداء”.
ويشارك في الأسبوع العلمي أقسام البترول في الجامعات الحكومية والخاصة، وهو ما يسهم في تعزيز التواصل الأكاديمي الصناعي، وتأهيل الكوادر البشرية المتخصصة لمواكبة التحولات العلمية والتكنولوجية في مجالات النفط والغاز المختلفة.
واعتبر ياسر حورية، ممثل الجامعة السورية الخاصة، أن هذه الفعالية تسهم في تطوير برامج تعليمية تتماشى مع احتياجات السوق.
وقال “هناك حاجة إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والشركات النفطية لضمان إعداد خريجين مؤهلين قادرين على مواجهة التحديات التي يواجهها القطاع”.
وتشير تقديرات وزارة الطاقة إلى أن الخسائر التي تكبدها القطاع بشكل مباشر وغير مباشر بلغت نحو 120 مليار دولار حتى الآن، ما جعل البلد يستورد حاجته من النفط والغاز وخاصة من روسيا وإيران بعد أن كانت سوريا مكتفية ذاتيا قبل الحرب.
وخلال السنوات الأولى من الصراع انخفض إنتاج سوريا من النفط من 385 ألف برميل يوميا قبل الحرب إلى 8 آلاف برميل يوميا.
أما إنتاج الغاز فقد تقهقر من 21 مليون متر مكعب ليصل إلى نحو تسعة ملايين متر مكعب يوميا، بينما توقف إنتاج الفوسفات بشكل كلي.
وتفرض الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية عقوبات اقتصادية على سوريا. وأقرت واشنطن في عام 2019 ما يعرف بـ”قانون قيصر”، الذي يتضمن عقوبات تمس الاقتصاد السوري وشخصيات وكيانات سورية.
ولمواجهة التحديات التي تواجه قطاع النفط والغاز تدرس وزارة الطاقة منذ توقف الأعمال الحربية قبل خمس سنوات إستراتيجيات بديلة لتأمين المنتجات النفطية للمستهلكين وتقليل الآثار السلبية على قطاعات الاقتصاد المختلفة.
وتعطي دمشق الأولوية للاستثمار في مناطق غرب نهر الفرات مع العمل على تنشيط استكشاف حقول غاز جديدة، حيث ترى أهمية لزيادة معدلات الإنتاج وتطبيق التقنيات المتطورة بمساعدة الدول الداعمة.