سوريا تقترب من العودة إلى الحاضنة العربية بعد 12 عاما من العزلة

السعودية تقود جهود عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية لكن تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي.
السبت 2023/04/15
مقعد لم يعد شاغرا بعد الآن

الرياض - بعد 12 عاما من العزلة الدبلوماسية ومن حرب مستمرّة، تقترب سوريا من العودة إلى الحاضنة العربية عبر السعودية التي نظّمت اجتماعا إقليميا الجمعة للبحث في إعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية. وقال دبلوماسي عربي إن "السعودية هي التي تقود هذه الجهود بالكامل لكن تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي".

وفي نوفمبر 2011، علّقت جامعة الدول العربية (18 عضوا من أصل 22) مشاركة سوريا في اجتماعاتها، بعدما رفضت دمشق وضع حدّ لحملة القمع العنيف للاحتجاجات الشعبية التي بدأت في مارس 2011.

ورحّبت بهذه الخطوة يومها الدول الغربية وتركيا، في حين انتقدتها روسيا وإيران والعراق ولبنان. وفرضت الجامعة العربية على سوريا عقوبات اقتصادية، بما في ذلك تجميد المعاملات التجارية معها ووقف الرحلات الجوية منها وإليها.

وجاءت هذه العقوبات بعد أشهر على إجراءات اقتصادية أميركية وأوروبية ضدّ قادة سوريين ومصالح اقتصادية سورية، فضلا عن إدانات من جانب الأمم المتحدة.

◙ الرئيس السوري يستقبل وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي البلد الذي حافظ على علاقات فاترة مع سوريا خلال الحرب
◙ الرئيس السوري استقبل وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، البلد الذي حافظ على علاقات فاترة مع سوريا خلال الحرب

وفي فبراير 2012، أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي (البحرين، الكويت، سلطنة عمان، السعودية والإمارات) سحب سفرائها من سوريا. وفي العام 2013، شغلت المعارضة السورية مقعد سوريا خلال قمة الجامعة العربية.

وفي الثاني عشر من أبريل 2023، أجرى وزير الخارجية السوري فيصل المقداد زيارة مفاجئة إلى المملكة العربية السعودية، هي الأولى منذ بداية الحرب في بلاده.

ويندرج اجتماع تسع دول عربية في جدّة الجمعة لبحث الموضوع السوري، في إطار رغبة الرياض في التهدئة مع طهران الداعمة لدمشق.

وكانت دول عربية عدّة على رأسها السعودية أقفلت سفاراتها وسحبت سفراءها من سوريا، احتجاجا على قمع النظام السوري في العام 2011 للانتفاضة الشعبية، التي تطورت إلى نزاع دام دعمت خلاله السعودية وغيرها من الدول العربية فصائل المعارضة السورية.

لكن تتالت خلال السنتين الماضيتين مؤشرات التقارب بين دمشق وعواصم عدة، بينها أبوظبي التي أعادت علاقاتها الدبلوماسية، والرياض التي أجرت محادثات مع دمشق حول استئناف الخدمات القنصلية بين البلدين.

ويعدّ الزلزال الذي وقع في السادس من فبراير 2023 ودمّر مناطق شاسعة في تركيا وسوريا، سببا آخر سمح للرئيس السوري بشار الأسد باستئناف الاتصالات مع الدول العربية التي أرسلت مساعدات إنسانية إلى دمشق. وهبطت طائرة مساعدات سعودية في فبراير في حلب، ثاني كبرى مدن البلاد، لتكون بذلك أول طائرة سعودية تصل إلى سوريا منذ بداية الحرب.

وكذلك اتصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بنظيره السوري، في محادثة هي الأولى بين رئيسي البلدين منذ 12 عاما، رغم أنّ العلاقات لم تنقطع تماما بين القاهرة ودمشق. وفي نهاية فبراير، أُوفد وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق في زيارة "إنسانية".

وبعد الزلزال، استقبل الرئيس السوري وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، البلد الذي حافظ على علاقات فاترة مع سوريا خلال الحرب. وفي أكتوبر 2021، اتّصل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بالرئيس السوري.

ومنذ نهاية العام 2018، أعادت دولة الإمارات فتح سفارتها في دمشق. كما زار الأسد الإمارات في مارس 2022، في أول زيارة له إلى دولة عربية منذ الحرب.

وخلال استقباله الأسد في مارس 2023، اعتبر الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أنّ الوقت حان كي تعود دمشق إلى الحاضنة العربية. وفي غضون ذلك، أجرى البلدان مناقشات بشأن استئناف تقديم خدماتهما القنصلية.

◙ الجهود الدبلوماسية تجاه سوريا يصعب فصلها عن التقارب الحاصل بين طهران والرياض اللتين توصلتا إلى اتفاق بينهما بعد قطيعة لسبع سنوات

وفي الثاني عشر من أبريل 2023، أعلنت سوريا وتونس نيّتهما استئناف العلاقات الدبلوماسية. وكانت تونس قد عيّنت ممثّلا قنصليا في دمشق منذ العام 2015.

وزار الأسد في فبراير 2023 سلطنة عُمان، للمرة الأولى خلال 12 عاما من الحرب. وكانت السلطنة الدولة الخليجية الوحيدة التي حافظت على علاقات دبلوماسية رسمية مع سوريا.

ويصعب فصل الجهود الدبلوماسية تجاه سوريا عن التقارب الحاصل بين طهران والرياض اللتين أعلنتا في العاشر من مارس التوصل إلى اتفاق بينهما بعد قطيعة استمرت سبع سنوات، إثر مهاجمة البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران على خلفية إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر في السعودية.

وقبل زيارة وفد إيراني للسعودية هذا الأسبوع، زار وفد سعودي السبت طهران لمناقشة آليات إعادة فتح بعثات المملكة الدبلوماسية في الجمهورية الإسلامية. والسعودية وإيران على طرفي نقيض في عدد من قضايا المنطقة، بينها الحرب في اليمن.

وتقود السعودية منذ 2015 تحالفا عسكريا يدعم الحكومة اليمنية، في حين تدعم إيران الحوثيين الذين دخلوا العاصمة صنعاء في 2014. وأدت الحرب إلى مقتل مئات الآلاف بشكل مباشر وغير مباشر واعتماد معظم السكان على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.

2