سوريا تعلن إحباط مخططات لداعش قرب دمشق في رسالة للداخل والخارج

الداخلية تكشف تنفيذ عملية أمنية نوعية ودقيقة وتوقيف عدد من أفراد خلايا التنظيم ينشطون في مناطق الغوطة الغربية كانوا يخططون لزعزعة استقرار المنطقة.
الاثنين 2025/05/26
عملية أمنية تعيد تعريف استقرار سوريا

دمشق - أعلنت وزارة الداخلية السورية الإثنين تنفيذ عملية أمنية "نوعية" قرب دمشق، أسفرت عن توقيف عناصر من خلايا تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، قالت إنها كانت تخطط لـ"زعزعة الأمن والاستقرار".

وهذه العملية، التي تأتي في توقيت دقيق، تحمل رسائل واضحة للداخل والخارج، لتؤكد السلطات من خلالها التزامها الراسخ بمكافحة الإرهاب وضمان استقرار البلاد.

وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق العميد حسام الطحان في بيان "بناء على معلومات دقيقة" عن "وجود خلايا إرهابية تابعة لتنظيم داعش تنشط في عدد من مناطق الغوطة الغربية (...) نفّذنا يوم أمس (الأحد) عملية أمنية نوعية، دقيقة ومحكمة، أسفرت عن إلقاء القبض على عدد من أفراد تلك الخلايا".

وأضاف "ضُبطت بحوزتهم كميات من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة" إضافة الى "سترات انتحارية، كانوا يخططون لاستخدامها في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة"، ما يُشير إلى استمرار التهديد الذي يُشكله تنظيم داعش، حتى بعد التغيرات الكبيرة في المشهد السياسي السوري.

ومنذ إطاحة الرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر، تراجعت وتيرة الهجمات التي ينفذها التنظيم المتطرف في مناطق سيطرة السلطة الجديدة، مما قد يُفسر على أنه تراجع في قدرات التنظيم أو تغيير في أولوياته.

وتُعد هذه ثاني عملية أمنية تنفذها السلطات السورية الشهر الجاري، إذ قُتل عنصر من قوات الأمن وثلاثة من عناصر التنظيم في عملية مماثلة بمدينة حلب (شمال) في 17 مايو.

وتُسلط هذه العمليات المتتالية الضوء على استراتيجية داعش التي تعتمد على الخلايا النائمة وتنفيذ الهجمات المتفرقة لزعزعة الاستقرار.

وبعد سيطرته على مناطق واسعة في سوريا والعراق عام 2014، تعرض تنظيم الدولة الإسلامية لانتكاسات متتالية بلغت ذروتها بهزيمته عام 2019 في سوريا. لكن عناصره الذين انكفأوا إلى البادية السورية، وهي منطقة صحراوية شاسعة توفر بيئة مثالية لإعادة التجمع والتخطيط للهجمات، يواصلون تنفيذ هجمات لا سيما ضد القوات الكردية في شمال شرق سوريا، مما يدل على قدرتهم على التكيف وتغيير تكتيكاتهم.

وكان تنظيم الدولة الإسلامية قد خسر آخر معاقله في محيط العاصمة، بمنطقة الحجر الأسود قرب دمشق، بعد معارك طاحنة مع قوات النظام السوري في يونيو 2018. وعلى الرغم من هذه الهزيمة، فإن وجود خلاياه في ريف دمشق يشير إلى محاولات مستمرة لإعادة ترسيخ موطئ قدم له بالقرب من مراكز السلطة.

وخلال السنوات الماضية، استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن مرارا قادة من التنظيم خلال تواريهم في محافظة إدلب، معقل هيئة تحرير الشام التي قادت الهجوم الذي أطاح بالرئيس الأسد. وقضى اثنان من زعماء التنظيم بضربات على إدلب، مما يُظهر هذا التواجد في إدلب، رغم كونه معقل جماعات أخرى، قدرة التنظيم على الاختباء والاستفادة من الفوضى في مناطق مختلفة من سوريا.

وتحمل هذه العملية الأمنية "النوعية" بالقرب من دمشق دلالات عميقة ورسائل متعددة الأوجه، تمتد آثارها لتشمل المستويين الداخلي والخارجي على حد سواء.

فداخليا، تؤكد السلطات السورية بشكل حازم قدرتها المتواصلة على ملاحقة خلايا التنظيمات الإرهابية، مما يرمي إلى بث الطمأنينة والثقة في نفوس المواطنين بعد فترة طويلة من عدم الاستقرار. هذه العملية تعيد التأكيد على أن الدولة قادرة على فرض الأمن والنظام، حتى في ظل التحديات الراهنة.

أما على الصعيد الخارجي، فتسعى دمشق بوضوح إلى إظهار فعاليتها وجديتها في مكافحة الإرهاب، وهي رسالة ذات أهمية قصوى في ظل التحولات الأخيرة التي يشهدها المشهد السوري، إذ تسعى القيادة الحالية لتأكيد قدرتها على ضبط الأمن وتطهير البلاد من بقايا التنظيمات المتطرفة.

وهذا الجهد يهدف إلى بناء جسور الثقة مع المجتمع الدولي، وربما فتح آفاق جديدة للتعاون الأمني والدبلوماسي، في مرحلة تتطلب فيها سوريا إعادة تعريف لدورها في المنطقة.

وتعمل السلطة الجديدة على تحسين علاقاتها مع الدول الغربية، التي ترفع عقوباتها تباعا عنها، وآخرها الولايات المتحدة، في تحوّل كبير للسياسة الأميركية تجاه سوريا.

وتعول سوريا على دعم الدول الحليفة والغربية من أجل دفع عجلة التعافي الاقتصادي بعد سنوات الحرب ورفع العقوبات الغربية وآخرها الأميركية. وتعمل على تكريس شرعيتها وتنظيم عمل مؤسساتها بينها وزارة الداخلية التي أعلنت السبت عن هيكلية تنظيمية جديدة.