سوريا تعرض اعترافات خلية داعشية خططت لاستهداف كنيسة ومقاما دينيا

المتهمان يعترفان بالتخطيط لتفجير كنيسة معلولا في رأس السنة وتنفيذ 3 عمليات انتحارية في مقام السيدة زينب، واغتيال الشرع خلال تجمع شعبي.
الأربعاء 2025/03/19
دمشق تؤكد أن الخلية تسعى لإثارة الفتنة الطائفية

دمشق – يشكل استمرار التهديدات المتطرفة خطرا كبيرا على الاستقرار الداخلي في سوريا خصوصا من طرف تنظيم داعش، وذلك في ظل الأوضاع الأمنية المعقدة التي تشهدها البلاد منذ بداية الحرب الأهلية في 2011.

وعرضت وزارة الداخلية السورية مقطع فيديو يظهر تفاصيل القبض على خلية خططت لاستهداف كنيسة في معلولة وتفجير داخل مقام السيدة زينب في دمشق واغتيال الرئيس أحمد الشرع لـ"إثارة الفتنة" في البلد.

ويشكل استهداف مواقع دينية حساسة مثل كنيسة في معلولا، وهي مدينة ذات أهمية دينية وتاريخية كبيرة للمسيحيين في سوريا، ومقام السيدة زينب، وهو موقع ديني هام للمسلمين الشيعة، خطرا كبيرا في إثارة الفتنة الطائفية وزعزعة الاستقرار في البلاد.

وتعتبر مدينة معلولا من أقدم المدن المسيحية في العالم، وتضم كنائس وأديرة تاريخية، فيما يعتبر مقام السيدة زينب من أهم المزارات الدينية في سوريا، ويقصده ملايين الزوار سنوياً.

ونشر المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية الفيلم المرئي "في قبضة الأمن المصير المحتوم"، لافتا إلى أن "إدارة الأمن العام بالتعاون مع جهاز الاستخبارات، ألقت القبض على خلية إجرامية (تابعة لتنظيم داعش) حاولت التفجير في معلولا والسيدة زينب ومتورطة بمقتل القائد أبوماريا القحطاني".

وأوضحت الداخلية في بداية الفيديو، أن "خلية أمنية اجتمعت لتنفيذ عمليات نوعية في قلب سوريا.. عمليات تحمل طابع الحساسية القصوى في الزمان والمكان، ساعية بذلك لزعزعة الأمن والاستقرار، وزرع الفوضى في البلاد".

وعرّف الفيديو، الذي شمل مشاهد تمثيلية، أحد المتهمين بأنه "أركان سعيد فضل الملقب بـ"أبوالحارث العراقي"، مسؤول ملف الوافدين، نائب مسؤول التجهيز لولاية العراق، مسؤول الخلايا التابعة لولاية العراق في سوريا"، ومتهم آخر بأنه "محمد علي الحسين الملقب بـ'أبووليد الحمصي'، لوجستي لدى أبوالحارث، مسؤول إحدى الخلايا التابعة لأبو الحارس".

وقد اعترف المتهمان بأن الخلية خططت لإرسال سيارة مفخخة إلى منطقة معلولا لاستهداف كنيسة في رأس السنة، في حين فشلت هذه العملية بسبب التشديد الأمني، وتوجهوا بعد ذلك إلى التخطيط لتنفيذ 3 عمليات انتحارية في مقام السيدة زينب.

وتواصل أحد المتهمين مع 3 لبنانيين تم تجهيزهم بعبوات ناسفة للتفجير داخل المقام، واعترف أن الغاية من العمل على تفجير السيدة زينب كان تأجيج الشارع العام والرأي الدولي وإثارة الفتنة.

وكانت الخطة تقضي بأن ينفذ اثنان من عناصر الخلية التفجير في المقام، ويتنكر الثالث كصحافي في حال قدوم أحمد الشرع وتجمع الناس، وينفذ التفجير.

في حين أن المعلومات الاستخباراتية الدقيقة والعمليات الاستباقية، أحبطت خططهم الخبيثة، وفقا للوزارة.

وفي اليوم الثاني، تم إلقاء القبض على الخلية التي كانت مكلفة بهذا العمل.

وتشير هذه الأحداث إلى استمرار التهديدات الإرهابية في سوريا، وسعي بعض الجماعات إلى استغلال الأوضاع لزعزعة الاستقرار، حيث أن استهداف المواقع الدينية من شأنه أن يزيد في تأجيج الصراعات الطائفية، وخلق حالة من الفوضى.

ويعتقد أن الحكومة السورية الجديدة تسعى من خلال استخدام هذه الاعترافات ونشرها عبر مقطع الفيديو إلى استعراض القوة لإظهار أنها قوية ولا يمكن أن تقبل بهجمات تمس الأمن القومي لبلادها.

وبينما تواصل الإدارة السورية جهودها في محاربة الإرهاب واستعادة الأمن، تزداد المخاوف من أن هذه العمليات قد تُحرف النقاش العام وتخلق انقسامات اجتماعية أكثر تعقيدا.

ويقول محللون ومراقبون إن الأمن القومي السوري يتطلب استراتيجيات متعددة لا تقتصر على الحلول العسكرية فقط، بل تشمل أيضا معالجة جذور التوترات الطائفية والنزاعات العميقة التي تزعزع التعايش بين أبناء الشعب السوري وهو أمر دفع احمد الشرع لتشكيل مجلس للأمن القومي.

وتعهد وزير الخارجية العرقي فؤاد حسين ونظيره السوري أسعد الشيباني خلال زيارته للعراق بالعمل على مكافحة تنظيم داعش وهي نفس التعهدات التي أقرتها الحكومة السورية للمجتمع الدولي بهدف الحصول على دعم اقتصادي.

والتعاون الاستخباراتي الدولي يمكن أن يشكل أحد العوامل المهمة في مواجهة هذه التهديدات. ففي وقت سابق، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا يفيد بأن الولايات المتحدة قد قدمت معلومات استخباراتية حيوية ساعدت في إحباط الهجوم المحتمل على مقام السيدة زينب. وهذا التعاون بين الحكومات يبرز أهمية التنسيق الدولي في مكافحة الإرهاب، إلا أن القلق لا يزال قائماً بشأن قدرة هذه الجهود على القضاء النهائي على التهديدات التي يواصل تنظيم "داعش" نشرها.

ويبقى التحدي الأكبر في سوريا هو الحد من قدرة التنظيمات الإرهابية على التأثير في التوازن الاجتماعي والسياسي داخل البلاد. ومع تزايد التوترات الطائفية ومحاولات "داعش" للاستفادة منها، يتعين على الحكومة السورية أن تواصل جهودها في مكافحة الإرهاب وتعزيز السلم الأهلي بين مختلف الطوائف. هذا يتطلب رؤية استراتيجية شاملة تجمع بين الأمن العسكري والتعاون الدولي، وكذلك معالجة الملفات الداخلية الحساسة التي قد تُستخدم كوقود لصراعات جديدة.