سوريا تستعين بالصين لتطوير مناطقها الحرة

دمشق - سرّعت سوريا من خطواتها لترميم اقتصادها لتصل حملتها إلى الاستعانة بالاستثمارات الصينية بهدف تطوير المناطق الحرة، بما يخدم تطلعاتها نحو بناء نقاط تجارية تساعد في تحريك نشاط الشركات وتولّد فرص عمل.
وأعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية مساء الخميس الماضي عن شراكة مع شركة فيدي كونتراكتينغ الصينية لاستثمار مناطق حرة بمساحة تتجاوز مليون متر مربع، لمدة عشرين عاما.
ومن المنتظر أن تسهم هذه الاستثمارات في تحسين البنية التحتية للمناطق الحرة وتوسيع أنشطتها الصناعية والتجارية، ما يعزز من مكانة سوريا كمركز إقليمي للنقل والخدمات اللوجستية.
وقالت الهيئة في بيان نشرته على حسابها في منصة إكس إنها أبرمت “مذكرة تفاهم إستراتيجية مع فيدي كونتراكتينغ، تقضي بمنح الشركة حق استثمار كامل المنطقة الحرة في حسياء في محافظة حمص (وسط)، بمساحة تُقدّر بنحو 850 ألف متر مربع.”
وأوضحت أن الهدف هو “إنشاء منطقة صناعية متكاملة تحتوي على مصانع متخصصة ومنشآت إنتاجية.”
وشملت مذكرة التفاهم كذلك “منح الشركة الصينية حق استثمار 300 ألف متر مربع من المنطقة الحرة في عدرا (في ريف دمشق)، بهدف ترسيخ مشاريع تجارية وخدمية تواكب متطلبات السوق المحلية والإقليمية،” بحسب البيان.
وبموجب الاتفاقية “تلتزم الشركة المستثمرة بتنفيذ مراحل المشروع وفق جدول زمني محدد، بما يضمن تحقيق الجدوى الاقتصادية وتعزيز دور المناطق الحرة كمحرك للتنمية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة،” بحسب الهيئة.
ووفق البيان، تُعد مذكرة التفاهم “جزءا من سياسة الهيئة في إعادة تنشيط المناطق الحرة السورية واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية” في خطوة تأمل أن “تسهم في توفير فرص عمل، ونقل التكنولوجيا، ورفع حجم التبادل التجاري عبر المنافذ البرية والبحرية.”
وأواخر أبريل الماضي فتحت الهيئة باب التسجيل على الفرص الاستثمارية في المناطق الحرة في دمشق ومطار دمشق الدولي وعدرا وحسياء وحلب والمسلمية والداخلية والمرفئية في اللاذقية والمنطقة الحرة المرفئية في طرطوس.
وتضم البلاد العديد من المناطق الحرة التي يتيح النشاط فيها مزايا عديدة للمستثمرين الأجانب، بينها الإعفاء الكامل من كافة الضرائب والرسوم، وحرية استخدام اليد العاملة المحلية أو الأجنبية، عدا عن حرية تحويل الرأسمال الأجنبي المستثمر.
وتدير المؤسسة العامة للمناطق الحرة في سوريا هذه المدن، وأهمها دمشق وحلب واللاذقية ودرعا والحسكة. وتضاف إليها المنطقة الحرة السورية – الأردنية المشتركة التي تم افتتاحها عام 2000 في موقع جابر نصيب على الحدود بين البلدين.
وسبق أن نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن مدير المؤسسة العامة للمناطق الحرة محمد زيتون قوله إن “اعتماد الاقتصاد الحر في سوريا ستكون له انعكاسات إيجابية حكماً على عمل المستثمرين في المناطق الحرة.”
سوريا الآن في حاجة ماسة إلى الاستثمارات الأجنبية لتشييد بنيتها التحتية وإحياء مختلف الصناعات والقطاعات
وسوريا الآن في حاجة ماسة إلى الاستثمارات الأجنبية لتشييد بنيتها التحتية وإحياء مختلف الصناعات والقطاعات، ولذلك تعمل الصين على حيازة حصة من السوق، خاصة بعد التحولات المتسارعة التي شهدتها البلاد منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر 2024.
ويتمتع البلد بأهمية إستراتيجية بالنسبة إلى بكين لأنها تقع بين العراق الذي يمدها بنحو عشرة في المئة من استهلاكها النفطي، وتركيا التي تمثل نهاية ممرات اقتصادية ممتدة عبر آسيا إلى أوروبا.
وتكافح السلطات السورية الجديدة من أجل دفع عجلة الاقتصاد تمهيدا لبدء مرحلة التعافي. وتعوّل السلطات على مفاعيل مواتية لخطوة رفع العقوبات الأميركية والأوروبية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن، خلال زيارته إلى السعودية، الأسبوع الماضي، شطب العقوبات عن دمشق، مشيرا إلى أنه اتخذ هذا القرار بعد مناقشته مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
كما منح الاتحاد الأوروبي الثلاثاء الماضي الضوء الأخضر لشطب كافة العقوبات عن دمشق، في خطوة ستساعد في دعم عملية تعافي البلد.
ومنذ سقوط الأسد، تدعو الإدارة السورية الجديدة المجتمع الدولي لإسقاط العقوبات التي كانت فرضت على النظام السابق، لإنعاش الاقتصاد المنهك جراء النزاع الذي بدأ عام 2011.
ولزيادة الزخم أبدى صندوق النقد الدولي الخميس استعداده لتقديم الدعم الفني لسوريا بعد إعلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عنها.
وقالت جولي كوزاك مديرة إدارة الاتصالات في الصندوق “يستعد موظفونا لدعم جهود المجتمع الدولي الرامية إلى مساعدة سوريا على إعادة تأهيل اقتصادها، حالما تسمح الظروف بذلك.”
وقالت “ستحتاج سوريا إلى مساعدة كبيرة لإعادة بناء مؤسساتها الاقتصادية.. نحن على أهبة الاستعداد لتقديم المشورة والمساعدة الفنية الموجهة وذات الأولوية في مجالات خبرتنا.”
وأضافت أن الصندوق، الذي أجرى آخر تقييم لسياسات سوريا الاقتصادية في 2009 يتوقع أن يدعم رفع العقوبات جهود سوريا في التغلب على التحديات الاقتصادية ودفع عجلة إعادة الإعمار.