سوريا ترسي مشروع تطوير ميناء طرطوس على موانئ دبي

شراكة تترجم الاهتمام المتزايد من مستثمرين عالميين بسوريا.
السبت 2025/05/17
تمت الصفقة، متى التنفيذ

دمشق - أرست سوريا الجمعة مشروع تطوير ميناء طرطوس، لمجموعة موانئ دبي العالمية، في خطوة إستراتيجية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للموانئ واللوجستيات بعد اتفاق مع عملاق الشحن الفرنسي سي.أم.أي – سي.جي.أم لتطوير ميناء اللاذقية قبل أسبوعين.

ووقّعت الهيئة العامة للمنافذ البحرية والبرية مذكرة تفاهم بقيمة 800 مليون دولار مع موانئ دبي، ستقوم بموجبها المجموعة الإماراتية بتطوير وتشغيل محطة حاويات متعددة الأغراض في ميناء طرطوس.

وتترجم هذه الشراكة الاهتمام المتزايد من مستثمرين عالميين بسوريا، وهي الأولى بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع رفع العقوبات عن دمشق، مما يفتح المجال أمام تدفقات استثمارية من دول الخليج وتركيا ولبنان.

وذكرت الهيئة أن المذكرة تتضمن “استثمارا شاملا في تطوير وإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس، بهدف رفع كفاءة الميناء وزيادة طاقته التشغيلية.”

800

مليون دولار حجم الاستثمار الذي ستضخه الشركة الإماراتية لتأهيل وتشغيل الميناء السوري

وأكدت في بيان أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية أن “المشروع يهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية وتعزيز مكانة سوريا كمركز لوجستي في المنطقة.”

كما اتفق الطرفان على التعاون في تأسيس مناطق صناعية ومناطق حرة، إضافة إلى موانئ جافة ومحطات عبور للبضائع في عدد من المناطق الإستراتيجية داخل سوريا.

ويرى خبراء أن المشروع سيُسهم في تقليص تكاليف النقل، وتسريع حركة الصادرات والواردات، مما يُعزز القدرة التنافسية لسوريا. كما يُتوقع أن تشجع المناطق الحرة والصناعية على جذب شركات عالمية، خاصة في قطاعات التصنيع والخدمات اللوجستية.

وصرح وزير النقل السوري زهير خزيم بأن الاتفاقية مع المجموعة الإماراتية، إحدى أكبر مشغلي الموانئ عالميا، ستُحدث نقلة نوعية في البنية التحتية، مشيرا إلى أن المشروع سيوفر الآلاف من فرص العمل ويُعزز الاقتصاد المحلي.

وكان النظام السابق قد أبرم مع شركة الهندسة الروسية ستروي ترانس غاز في عام 2019 عقدا لإدارة ميناء طرطوس لمدة 49 عاما، إلا أن الإدارة الجديدة ألغت هذه الاتفاقية عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد مطلع ديسمبر الماضي.

ويُعد ميناء طرطوس، أحد أكبر الموانئ السورية، ركيزة حيوية لإعادة إحياء التجارة البحرية، خاصة مع موقعه الإستراتيجي على البحر المتوسط عبر تصدير المنتجات الزراعية والنفطية والحبوب وغيرها من السلع.

وتمتلك سوريا في شريطها الساحلي الممتد من الحدود التركية شمالا حتى لبنان جنوبا بطول 65 كيلومترا خمسة موانئ أكبرها اللاذقية ثم طرطوس وجبلة وبانياس وأرواد التي تعمل بنظام التشغيل المباشر من إدارة تابعة لهيئة المنافذ البرية والبحرية.

من جانبها، أكدت موانئ دبي التزامها بدعم سوريا في تحقيق طموحاتها الاقتصادية، مستفيدة من خبرتها في إدارة أكثر من 80 ميناء عالميا.

خبراء يرون أن المشروع سيُسهم في تقليص تكاليف النقل، وتسريع حركة الصادرات والواردات، مما يُعزز القدرة التنافسية لسوريا

وهذه الصفقة الأكبر التي تعقدها الحكومة السورية الجديدة، وتأتي بعد إعلان سي.أم.أي – سي.جي.أم، ثالث أكبر شركة شحن حاويات عبر البحر في العالم، أنها ستتولى تطوير وتشغيل ميناء اللاذقية بقيمة 230 مليون يورو، بعد توقيعها عقدا مع الهيئة مطلع مايو.

وظلت شركة سي.أم.أي تشغّل محطة الحاويات في ميناء اللاذقية خلال فترة حكم بشار الأسد منذ العام 2009 بناء على عقد قديم جرى تجديده أكثر من مرة آخرها في أكتوبر 2024، قبل التوصل إلى العقد الجديد مع الإدارة الحالية، بحسب مدير المرفأ.

واعتبر خبراء أن تجديد العقد مع الشركة الفرنسية هو ضربة للطموحات الإيرانية التي كانت تريد وضع يدها على هذا المرفأ السوري.

وخلال الحرب في سوريا التي اندلعت أوائل عام 2011، تراجعت أعداد سفن الشحن التي تتردد على الموانئ السورية مع إحجام شركات النقل البحري بسبب مخاطر الحرب والعقوبات المفروضة على البلاد.

وفرض تباطؤ وصول شحنات المواد الغذائية وغيرها من السلع الضرورية ضغوطا على نظام الأسد، الذي واجه صعوبات في إبقاء خطوط الإمدادات التجارية مفتوحة، خاصة في ظل عقوبات “قيصر” الأميركية.

واضطر تجار سوريون إلى شحن بضائعهم عبر ميناء العقبة الأردني، بدلا من ميناء اللاذقية بسبب انخفاض وقت الانتظار والكلفة ولتجنب التدقيق الصارم والتأخير اللذين يتعرضون لهما عند قيامهم بالاستيراد عبر خطوط الشحن المباشرة بسبب العقوبات الأميركية.

كما تعطلت سلاسل الإنتاج والتجارة بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والقيود الاقتصادية الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على النظام السابق، فضلا عن هروب رؤوس الأموال إلى الخارج وهجرة السكان.

وكانت الصادرات السورية تتضمن بحسب الأمم المتحدة، السلع الغذائية والوقود والسلع الكيميائية والمعدات والنقل والسلع المصنعّة. أما الواردات فتتضمن المواد المعدنية والآلات والأجهزة الكيمياوية واللدائن الصناعية والوقود ووسائل النقل والأغذية.

11