سوريا تخفف قيود تمويل مشتريات المطاعم السياحية بالدولار

دمشق - خففت السلطات السورية الأحد قيود تمويل مشتريات المطاعم السياحية بالدولار في خطوة تعكس مدى اختناق هذا القطاع نتيجة عدم قدرته على توفير مستلزمات نشاطه من السوق المحلية التي تعاني منذ 13 عاما.
وتصطدم طموحات دمشق لانتشال السياحة المنهارة من الخراب، الذي حل بها بسبب سنوات الحرب، بالكثير من العقبات رغم بروز مؤشرات على عودة مظاهر الحياة لهذا القطاع الذي يحتاج إلى الكثير من الحوافز.
وأصدر البنك المركزي قرارا يسمح “لمنشآت الإطعام السياحية باستخدام جزء من مدخراتها من العملة الصعبة لتمويل مستورداتها من الأطعمة غير المتوافرة بالسوق المحلية والمدرجة على قوائم الوجبات المتعارف عليها عالميا لمنشآت الإطعام من الدرجة الرابعة والخامسة”.
ولم يحدد المركزي قيمة المشتريات التي يفترض أن تمولها كل منشأة أو الشركة التي تدير هذه الفئة من المطاعم، لكنه، أوضح في بيان عبر حسابه على منصة تلغرام أن القرار يأتي استنادا لتوصية اللجنة الاقتصادية، بهدف تنشيط قطاع السياحة الخارجية.
ولفت إلى أن الغاية من هذا الإجراء تكمن في رفع مستوى الخدمات السياحية وجذب السياح من خارج البلاد، مع المحافظة على ألا تتجاوز قيم هذه المستوردات نسبة محدودة من عائدات المنشآت السياحية بالقطع الأجنبي.
وفي سبتمبر الماضي، أكد وزير السياحة محمد مرتيني أن عدد المنشآت السياحية في سوريا يبلغ 3470، منها 2675 مطعما و798 منشأة إطعام وأن القطاع يوفر 170 ألف فرصة عمل.
وتسعى السياحة السورية إلى استكمال معركة إزالة العثرات الكثيرة التي أثرت عليها أثناء سنوات الحرب وما تلاها من أزمات عالمية وحظر غربي أملا في تحصيل البعض من المكاسب رغم تآكل البنية التحتية التي لا تزال شاحبة جراء الدمار وقلة التمويلات.
وقال مرتيني خلال تصريح لإحدى وسائل الإعلام المحلية في ذلك الوقت إن الحكومة تعمل على فتح آفاق السياحة وخطوط تجارية واقتصادية مع العديد من الدول، حيث تم الحديث على مشروع لتنفيذ العديد من المشاريع ضمن خطط إعادة الإعمار.
وأعادت الحكومة تأهيل العديد من المنشآت السياحية المدمرة كما تم تدشين منشآت جديدة في الأشهر الماضية بكل من محافظات حماة وحمص وحلب واللاذقية وطرطوس. وأكد مرتيني على أن ثمة عدة مشاريع أخرى قيد الإنجاز والتي تلبي احتياجات سوق العمل في المرحلة الحالية والمستقبلية.
وازداد العبء الاقتصادي على السوريين في مناطق سيطرة دمشق عقب تجاوز الدولار حاجز 14 ألف ليرة، وارتفاع أسعار الوقود الذي رافقه ارتفاع في أسعار السلع الأساسية والخدمات.
وخسرت العملة السورية أكثر من 99 في المئة من قيمتها منذ اندلاع الحرب، بعدما كان التداول يجري بواقع 47 ليرة للدولار. وخلال العام الماضي استقبلت سوريا حوالي مليوني سائح، جاء أغلبهم بهدف السياحة الدينية، بنمو عن مستويات العام السابق حين زار البلاد أكثر من 1.8 مليون سائح.
وفي ذروتها عام 2010، جذبت سوريا 10 ملايين سائح، كثير منهم من الغربيين. وتغير كل ذلك مع بداية الحرب، التي دمرت البنية التحتية لكافة القطاعات وجعلت نصف السكان يغادرون البلاد.
وكانت الوجهة السورية تشتهر بغناها الطبيعي والأثري، وسبق وأن صنفت كواحدة من أفضل المواقع السياحية في العالم، غير أن الأزمة أفضت إلى اختفاء مظاهر نشاط القطاع من البلاد.
◙ الوجهة السورية كانت تشتهر بغناها الطبيعي والأثري وسبق وأن صنفت كواحدة من أفضل المواقع السياحية في العالم
ويعتقد متابعون أن القطاع، الذي أسهم لسنوات قبل الحرب بنحو 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي محاصر بالتحديات أبرزها القيود الغربية المفروضة على الاقتصاد السوري، التي تمنع تطوير السياحة من بوابة جذب رؤوس الأموال الخارجية.
ورغم عودة العلاقات السورية مع الدول العربية، لكن الحكومة لم تقدم حلولا فعالة لدفع الاقتصاد للتعافي، وحاولت طيلة السنوات الأخيرة وقف تدهور قيمة الليرة عبر تشديد قبضتها على مفاصل الاقتصاد والحصول على النقد الأجنبي بطرق غير مشروعة.
ويقول محللون إن الأوضاع المالية لدمشق في حفرة مغلقة ولم يعد أمامها أي منفذ للتحسن بعد انقطاع أكبر مصادر تمويلها مع توقف تهريب العملة الصعبة من لبنان، الذي يعاني من أزمة خانقة منذ أربع سنوات، والدعم من طهران الغارقة في أزماتها الخانقة.
وكانت تقارير محلية قد تناولت خلال السنوات الماضية ظاهرة دخول كميات كبيرة من العملة السورية لسحب الدولارات من السوق اللبنانية لتمويل حاجات دمشق.
وأقرّ البرلمان الشهر الماضي مشروع الموازنة العامة التقشفية لهذا العام بحجم 5.52 مليار دولار بانخفاض عن الموازنة السابقة بنحو 45 في المئة على أساس سعر الصرف الرسمي البالغ 11.5 ألف ليرة للدولار الواحد.
وتضمنت الموازنة عجزا يبلغ نحو 373 مليون دولار، لكن لا توجد معطيات حول قدرة الحكومة على تعبئة الأموال اللازمة لمواجهة ارتفع الإنفاق التشغيلي بمقدار 96 في المئة، وتضاعف الإنفاق والاستثماري مرتين على أساس سنوي.