سوريا تخفض سعر عملتها لمواجهة اتساع الأزمات الاقتصادية المزمنة

انهيار الليرة رفع أسعار السلع ليجد السوريون صعوبة في شراء الطعام ودفع فواتير الكهرباء وغيرها من الأساسيات الأخرى.
الثلاثاء 2023/01/03
نقود بلا قيمة

دمشق- بدأت الحكومة السورية مع العام الجديد على وقع تغييرات في السياسات النقدية، والتي تؤكد بوضوح مدى عمق الأزمات المزمنة التي تعتري الاقتصاد في ظل الضغوط المالية الشديدة.

واضطرت دمشق إلى القيام بخفض أكبر في قيمة العملة المحلية هو الثالث منذ مطلع العام الماضي، في تحرك يقول محللون إنه يعكس تضاءل هوامش تحرك المسؤولين لمواجهة الأزمة المالية التي يحاولون إخفاءها خلف يافطة الإصلاح.

وذكر البنك المركزي في بيان الاثنين أنه “خفّض سعر الصرف الرسمي للعملة المحلية إلى 4522 ليرة للدولار، في حين يبلغ سعر العملة الأميركية في السوق السوداء المستخدم في معظم الأنشطة الاقتصادية نحو 6500 ليرة”.

4522

ليرة سعر الدولار بعدما كان 3015 ليرة لكنه بعيد عن سعر السوق السوداء البالغ 6500 ليرة

وكان المركزي قد خفّض سعر الليرة في سبتمبر الماضي لتصل إلى 3015 ليرة للدولار، في حين بلغ السعر في السوق السوداء آنذاك نحو 4440 ليرة.

وفي أبريل الماضي خفض البنك سعر العملة المحلية إلى 2814 ليرة للدولار ليقترب من السعر في السوق السوداء، الذي بلغ حينها 3900 للدولار. وكان السعر الرسمي قبل تلك الخطوة عند نحو 2500 ليرة لكل دولار.

ومنذ أكثر من عشر سنوات تراجعت وفرة النقد الأجنبي داخل الأسواق المحلية، في وقت أصبح المتعاملون والمواطنون يفضلون الدولار على العملة المحلية، لحماية مدخراتهم من تراجع أسعار الصرف.

وسعر الصرف الرسمي يستخدم في حركة التجارة الخارجية أي الصادرات والواردات، مما يعني أن البلاد تتجه إلى مرحلة تضخم خلال الأشهر القادمة.

وتعاني سوريا أزمة اقتصادية نجمت عن الصراع المستمر منذ سنوات وعقوبات غربية وأزمة عملة ترجع في جانب منها إلى انهيار مالي في لبنان إلى جانب فقدان الحكومة السيطرة على المناطق المنتجة للنفط في الشمال الشرقي.

ورفع انهيار الليرة الناجم عن هذه العوامل أسعار السلع وزاد المصاعب ليجد السوريون صعوبة في شراء الطعام ودفع فواتير الكهرباء وغيرها من الأساسيات الأخرى.

وبات الوقود شحيحا للغاية، مما أجبر الحكومة على تقنين استهلاك الكهرباء بل وإغلاق المباني العامة خلال عطلات نهاية الأسبوع.

وكان سعر الليرة 47 للدولار قبل اندلاع الاحتجاجات على الرئيس بشار الأسد في مارس 2011 لتتحول إلى حرب مدمرة تشير التقديرات إلى أنها كلفت الاقتصاد السوري قرابة نصف تريليون دولار.

غلاء المعيشة
غلاء المعيشة

وتلجأ الدول عادة إلى قرار تخفيض قيمة عملاتها لإعادة التوازن إلى موازينها التجارية التي تعرف عجزا بنيويا أو على الأقل للتخفيف من تلك الفجوة، لكن في الحالة السورية يسود اعتقاد على نطاق واسع أن تحركات السلطة النقدية قد تأتي بنتائج عكسية.

وأصبح الاقتصاد السوري، الذي أصابه الشلل بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد، معتمدا على الدولار بشكل متزايد إذ يحاول السكان حماية أنفسهم من انخفاض قيمة العملة والتضخم.

وتسود حالة من التشاؤم بين السوريين من السقوط في حفرة أزمات أعمق حيث يدفع انحدار قيمة الليرة أسعار جميع السلع في الأسواق إلى الارتفاع بشكل أكبر.

وتعاني كافة المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية وقوات قسد وفصائل المعارضة في مناطق شمال سوريا وشرقها من ارتفاع كبير في الأسعار وسط تدني دخل المواطنين واعتماد غالبيتهم على التحويلات الخارجية من ذويهم.

وتوقف المركزي منذ أغسطس 2020 عن إصدار النشرة الشهرية حول التضخم، لكن مكتب الإحصاء الحكومي قال في 2021 إنها بلغت أكثر من 163 في المئة بنهاية العام الذي تفشى فيه الوباء، لكن خبراء يشككون في الرقم ويقولون إنه أعلى من ذلك بكثير.

وقال برنامج الأغذية العالمي في تقرير حول حالة الاقتصاد السوري إنه “في مطلع 2021 كانت أسعار المواد الغذائية أعلى 33 مرة من متوسط خمس سنوات قبل الحرب”.

وبحسب إحصائيات البرنامج فإن قرابة 9.3 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، قياسا بما تم تسجيله قبل الأزمة الصحية حين أشارت التقديرات إلى أنهم بحدود 7.9 مليون شخص.

11