سوريا تترقب حكومة تكنوقراط بوجوه جديدة وسط آمال بالتغيير والإعمار

الحكومة الجديدة تتألف من 22 حقيبة وزارية، فيما سيحتفظ الشرع بالوزارات السيادية، مع توجه باستحداث هيئات بدلا من بعض الوزارات.
السبت 2025/03/29
آمال معلقة على الحكومة الجديدة

دمشق – وسط ترقب شعبي محموم، تستعد سوريا للإعلان عن تشكيل حكومتها الجديدة في تمام الساعة العاشرة من مساء اليوم السبت، في خطوة ينظر إليها السوريون على أنها "يوم غير عادي"، يحمل في طياته آمالا عريضة بالتغيير والتحسن، وفق موقع تلفزيون سوريا" القريب من السلطات.

وهذا التشكيل الحكومي، الذي يأتي بعد أشهر من الإطاحة بنظام بشار الأسد، يمثل منعطفا حاسمًا في تاريخ البلاد، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل والإعمار.

وتتسرب معلومات من مصادر مقربة من السلطات، تشير إلى أن الحكومة الجديدة ستكون "حكومة تكنوقراط" بامتياز، مؤلفة من 22 حقيبة وزارية، ومعظم وزرائها من الوجوه الجديدة.

وهذا التوجه يعكس رغبة الإدارة السورية الجديدة في إحداث نقلة نوعية في الأداء المؤسساتي، وتقديم نموذج حكم يعتمد على الكفاءة والخبرة، ويتجاوز المحاصصات السياسية والطائفية.

وتتداول الأوساط السورية أسماء بارزة من المتوقع أن تشغل حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، من بينها نضال الشعار للاقتصاد، ومروان حلبي للتعليم العالي، وهند قبوات للشؤون الاجتماعية والعمل، وعبدالسلام هيكل للاتصالات، ورائد الصالح مدير الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) لوزارة الكوارث المستحدثة. وهذه الأسماء تحمل في طياتها خبرات وكفاءات متنوعة، وتعكس التوجه نحو الاعتماد على الكفاءات الوطنية في بناء سوريا الجديدة.

وذكرت التقارير اسم الباحث الاقتصادي المعروف عبدالقادر حصرية مطروح بقوة لمنصب حاكم مصرف سوريا المركزي في مهمة صعبة لإدارة اقتصاد بلاده منهك بفعل الحرب والعقوبات، فيما تتجه الحكومة الجديدة إلى استحداث هيئات بدلاً من بعض الوزارات، من بينها الإفتاء والطيران والاستثمار.

وبحسب التقارير المتداولة فإن الشرع، والذي سيترأس الحكومة السورية المرتقبة (وفقا لبنود الإعلان الدستوري) سيحتفظ بالوزارات السيادية كما هي الآن، حيث سيستمر وزيرا الخارجية أسعد الشيباني والدفاع مرهف أبوقصرة في منصبيهما. كما ستبقى وزارة الداخلية من نصيب شخصية محسوبة على الشرع وهيئة تحرير الشام، دون أن يتم التوصل إلى اسم المرشح النهائي.

ويأتي تشكيل الحكومة الجديدة في ظل تحديات جمة تواجه سوريا، من بينها إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وإدارة اقتصاد منهك بفعل الصراع والعقوبات، وتحقيق المصالحة الوطنية، وتلبية مطالب المجتمع الدولي بحكومة تمثل كافة أطياف الشعب السوري. وهذه التحديات تتطلب من الحكومة الجديدة جهودًا مضاعفة، وتكاتفا من جميع السوريين، لبناء مستقبل أفضل للبلاد.

ويعلق السوريون آمالا كبيرة على الحكومة الجديدة، في أن تكون قادرة على تحقيق التغيير الملموس، وتحسين الأوضاع المعيشية، وإطلاق ماراثون العمل والإعمار.

ويرى مراقبون أن نجاح هذه الحكومة في تحقيق أهدافها، سيشكل حافزًا للسوريين على المساهمة في تطوير وطنهم، ورفع مستواه إلى مصاف الدول المتقدمة في ميادين الحضارة والعلم والتكنولوجيا.

ويمثل تشكيل الحكومة الجديدة مرحلة جديدة في تاريخ سوريا، تتطلب من جميع السوريين تجاوز خلافات الماضي، وتوحيد الجهود، لبناء مستقبل أفضل للبلاد. ويبقى السؤال، هل ستكون هذه الحكومة قادرة على تحقيق آمال السوريين، وتلبية تطلعاتهم في التغيير والتحسن؟

والإعلان المرتقب عن تشكيل الحكومة يأتي بعد ساعات فقط من إعلان تعيين الشيخ أسامة عبدالكريم الرفاعي مفتياً عاماً لسوريا بقرار رسمي من الرئيس السوري أحمد الشرع.

وقال الشرع -في كلمة أثناء مؤتمر تشكيل مجلس الإفتاء الأعلى وتعيين مفتي الجمهورية العربية السورية، الجمعة، "اليوم نسعى جميعا لإعادة بناء سوريا بكوادرها وعلمائها وأبنائها".

وأضاف "لا يخفى على أحد مسؤولية الفتوى وأمانتها ودورها في بناء الدولة الجديدة، خاصة بعدما تعرّض جناب الفتوى للتعدي من غير أهله، وتصدى له من ليس بكفء".

وأقرّت السلطات السورية منتصف الشهر الجاري إعلاناً دستورياً للمرحلة الانتقالية، يُحدد مدتها بخمس سنوات يتولى خلالها الشرع السلطة التنفيذية في البلاد، وذلك بعد 3 أشهر من الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد عقب نزاع امتد 14 عاما.

وكانت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام أطاحت بالأسد مع دخولها دمشق في الثامن من ديسمبر الماضي، إثر هجوم بدأته من معقلها في شمال غربي البلاد أواخر نوفمبر.

وأعلنت السلطات الجديدة حينها تعيين حكومة تصريف أعمال لإدارة البلاد لفترة تمتد لثلاثة أشهر.

ويكرر المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مطالبهما من السلطات السورية بضرورة أن تشمل الحكومة الجديدة كافة أطياف الشعب السوري، وتمثل كافة الشرائح السياسية والاجتماعية من المجتمع السوري، وليس كما كانت حكومة تسيير الأعمال، "من لون واحد".