سوء التغذية مرض متفشّ لا يفرق بين الفقراء والأغنياء

الوجبات الغذائية غير الصحية مسؤولة عن وفاة واحد من كل خمسة أي ما يعادل 22 بالمئة من البالغين على مستوى العالم.
الثلاثاء 2019/12/17
أكثر من 149 مليون طفل يعانون من تراجع في النمو نتيجة سوء التغذية

باريس  –  يرى باحثون أن العالم ليس على المسار الصحيح بعد، لتحقيق الأهداف والغايات المتفق عليها عالميا بشأن التغذية، رغم إحراز بعض التقدم. وأكد الخبراء أن سوء التغذية يعتبر من أكبر التحديات التي يتعين على جميع البلدان معالجتها. ففي الوقت الذي يعاني فيه أكثر من 149 مليون طفل من قلة النمو، تتزايد السمنة في مرحلة الطفولة في كل الدول.

ويحذر تقرير في مجلة “ذي لانست” الطبية من أن كلا من البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل تشكو من عدم تمكن سكانها من الحصول على طعام صحي بأسعار معقولة. وهو ما يعزز مشكلتي البدانة ونقص التغذية في الآن نفسه.

وأوضح التقرير أن “العبء المزدوج لسوء التغذية” يؤثر على أكثر من ثلث الدول التي صنفت على أنها منخفضة ومتوسطة الدخل (48 من أصل 126).

وأكثر ما يثير القلق هو ظهور هذه المشكلة بشكل متزايد ضمن الأسرة الواحدة، والمثال الأكثر شيوعا هو الأم التي تعاني من الوزن الزائد والطفل الذي يعاني من نقص في التغذية الصحية وهما يعيشان تحت سقف واحد. ويرتبط سوء التغذية بشكليه بمشكلات صحية وبالوفاة المبكرة ما يؤثر بشكل كبير على النظام الصحي للبلد وإنتاجية العمل. 

سوء التغذية بشكليه يرتبط بمشكلات صحية وبالوفاة المبكرة ما يؤثر إلى حد كبير على النظام الصحي للبلد

وأفاد التقرير الذي جرى إعداده بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، بأنه لم يعد من الممكن اعتبار مشكلة الوزن الزائد مرتبطة بالدول الغنية، كما لم يعد نقص التغذية مرتبطا بالدول الفقيرة.

وأوضح كاتبو التقرير “في حين أن أكثر من 149 مليون طفل يعانون من تراجع في النمو، فإن مشكلة الوزن الزائد والبدانة في مرحلة الطفولة تتزايد في كل مكان تقريبا، والوجبات الغذائية غير الصحية مسؤولة عن وفاة واحد من كل خمسة أي ما يعادل 22 بالمئة من البالغين على مستوى العالم”.

وحذّر التقرير من أن “التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المترتبة على التقاعس عن العمل (لمحاربة سوء التغذية) ستعيق نمو الأفراد والمجتمعات وتطورها لعقود”.

ووجد أن الانتشار الأكثر حدة لهذه المشكلة كان في البلدان الأشد فقرا، ما يعكس بشكل أساسي الارتفاع السريع في نسبة الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد الأمر الذي يضيف إلى تحدي الجوع المستمر منذ وقت طويل. وأرجع ذلك الأمر خصوصا إلى سهولة الحصول على الأغذية غير الصحية الرخيصة والغنية بالملح والسكر والدهون بالإضافة إلى “انخفاض كبير” في النشاط البدني اليومي.

وأضاف الباحثون أن سوء التغذية كان منتشرا في ما يصل إلى 35 بالمئة من الأسر في بعض البلدان، مع أعلى المستويات في أذربيجان وغواتيمالا ومصر وجزر القمر وساو تومي وبرينسيب.

الوجبات الصحية طريق لجسم سليم
الوجبات الصحية طريق لجسم سليم 

وفي بعض الأحيان، يمكن قياس سوء التغذية لدى أطفال يعانون من زيادة في الوزن ونقص في النمو في آن واحد بسبب نقص المواد الغذائية الصحية، بشكل فردي، وقد سجل أعلى معدل في ألبانيا وكان 15 بالمئة.

ووفقا للتقرير، شهدت كل البلدان تقريبا انخفاضا في حالات هزال الأطفال وتراجع النمو لكن تلك البلدان شهدت أيضا زيادة في عدد النساء اللواتي يعانين من الوزن الزائد.

وألقى التقرير باللوم على “التغيرات السريعة في الأنظمة الغذائية وأنواع الطعام” في معظم البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل مع زيادة عدد المتاجر التي تبيع وجبات جاهزة إضافة إلى انخفاض الأماكن التي تبيع أغذية طازجة.

في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، ارتفعت مبيعات الأغذية المعالجة والمعلبة من حوالي 10 بالمئة في العام 1990 إلى 60 بالمئة في عشر سنوات فقط.

ولفت التقرير إلى أن تغيير هذا التوجه سيتطلب “تحولات مجتمعية كبيرة”.

ويمكن أن تشمل التدابير دعما للأغذية الصحية وتقديم وجبات صحية ومغذية في المدارس والتثقيف الغذائي بما في ذلك الترويج للرضاعة الطبيعية، وهو خيار غير مكلف وصحّي.

17