سن الرشد في الصومال 15 سنة: عرائس زهرات ومعتقلون صبيان

التعديلات تخلط بين سن البلوغ في الخامسة عشرة وسنّ المسؤولية اعتبارا من الثامنة عشرة وتقوض حقوق الأطفال.
السبت 2024/03/30
مخاوف من التشريع لزواج القاصرات

مقديشو - يثير تعديل دستوري يقوم على خفض سنّ الرشد، من 18 إلى 15 عاما، المخاوف في الصومال لكونه سيفتح الباب على نطاق واسع لزواج القاصرات، الذي يخلق واقعا تكون فيه العرائس زهرات صغيرات، ويتيح اعتقال الأطفال ومحاكمتهم بقوانين وضعت خصيصا للراشدين، ويفتح الطريق لتجنيد الأطفال في الجيش الحكومي.

وتخلط التعديلات المقترحة التي من المرتقب أن يناقشها البرلمان السبت بين سنّ البلوغ اعتبارا من الخامسة عشرة وسنّ المسؤولية اعتبارا من الثامنة عشرة. ويقود هذا الخلط إلى تقويض القوانين الدولية لحماية حقوق الأطفال.

ويوحي استعجال مناقشة القانون الجديد بالتأثير الكبير للقوى المحافظة في الصومال. ومن شأن إقرار القانون أن يجعل الحكومة تشترك في الأفكار والسلوكيات الاجتماعية نفسها التي تعتمدها حركة الشباب المتطرفة التي تحاربها مقديشو منذ عدة سنوات.

◙ بعض الأسر تزوج بناتها لتقليل العبء المادي أو للحصول على دخل
◙ بعض الأسر تزوج بناتها لتقليل العبء المادي أو للحصول على دخل

ويثير مشروع القانون موجة انتقادات بين المشرعين، إذ يجيز الزواج عند البلوغ الذي ربما يبدأ في سن العاشرة عند بعض البنات، وليس فقط عند سن الخامسة عشرة.

وبحسب بيانات منظمة “فتيات وليس زوجات” الدولية، تُزوّج 36 في المئة من الفتيات في الصومال دون سن الثامنة عشرة وتزوج 17 في المئة منهن دون سن الخامسة عشرة. وأظهرت بيانات مسح حكومي في عام 2020 أن نحو ثلث الفتيات يتزوجن قبل سن الثامنة عشرة، وأكثر من نصف هؤلاء قبل سن الخامسة عشرة.

واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن “سنّ الرشد الجديدة هذه قد تؤدّي عمليا إلى مفاقمة مواضع الالتباس في القانون الصومالي في هذا الخصوص، ما قد يتسبّب في زيادة هشاشة الأطفال”.

وأكّدت أن “التعديل المقترح بتحديد سنّ البلوغ بـ15 عاما سيعرّض الفتيات خصوصا لخطر الزواج بدرجة أعلى، ما قد يؤثّر على صحتهن، لاسيّما الصحّة الإنجابية، وحصولهن على التعليم وعلى الحماية من أشكال أخرى من الاستغلال”.

وذكرت ديبا بانديان، المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في تصريحات سابقة  أن “بعض الأسر تزوج بناتها لتقليل العبء المادي أو للحصول على دخل، وبعضها الآخر قد يفعل هذا لتأمين مستقبل بناته أو حمايتهن”.

ومن شأن النزول بسن الرشد إلى خمس عشرة سنة أن تكون له تداعيات وخيمة على وضع الأطفال عموما، وليس الفتيات فقط. ويصير بإمكان الحكومة أن تعتقل الأطفال وتسجنهم وتعاملهم معاملة الكبار خاصة أولئك الذين جندتهم حركة الشباب وزجت بهم في الحرب.

وبدلا من تخصيص برامج توعوية وتقديم علاجات نفسية للأطفال المجندين قسرا، يرفع المشروع الجديد في وجوههم القوانين الزجرية التي تساوي بينهم وبين من تولى تجنيدهم وشحن عقولهم بأفكار متطرفة.

◙ مشروع القانون يثير موجة انتقادات بين المشرعين، إذ يجيز الزواج عند البلوغ الذي ربما يبدأ في سن العاشرة عند بعض البنات

وترى هيومن رايتس ووتش أن اعتماد هذا التعديل يعتبر “مخالفا لالتزامات الصومال بموجب اتفاقية الأمم المتحدة
بعض الأسر تزوج بناتها لتقليل العبء المادي أو للحصول على دخل
لحقوق الأطفال التي تعرّف الطفل على أنه شخص دون الثامنة عشرة”.

وقالت إن “الأطفال يخضعون منذ زمن بعيد للتوقيف والاعتقال والسجن وكذلك البالغين”، منددة بمعاملة السلطات الصومالية “الفتيان المشتبه بانتمائهم إلى حركة الشباب كما لو كانوا بالغين، في انتهاك للقانون الدولي”.

وأضافت “قام عناصر الاستخبارات بتهديد فتيان معتقلين وضربهم وفي بعض الأحيان تعذيبهم. وكذلك أصدرت محاكم عسكرية أحكاما في حقّ أطفال كما لو أنهم بالغون”.

ويعيق الأسلوب الحكومي في التعاطي المتشدد مع المجندين الصغار لدى حركة الشباب خططا حكومية أخرى لتشجيعهم على تسليم أنفسهم والعودة إلى عائلاتهم وكذلك السعي لإعادة إدماجهم في الحياة العامة.

وإذا نزلت الحكومة بسن التجنيد إلى خمسة عشر عاما، فستجد نفسها تقوم بما تقوم به حركة الشباب من تجنيد للقصر والزج بهم في أتون الحرب دون مراعاة أنهم مازالوا أطفالا، ما يفقد الخطاب الحكومي مصداقيته. ويواجه الصومال منذ أكثر من 16 عاما تمرّدا داميا من قبَل حركة الشباب المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تسعى إلى الإطاحة بالحكومة الصومالية.

1