سنغور شاعرا
كان لي شرف التعرّف على الشاعر الكبير ليبولد سيدار سنغور (1906-2001) في مدينة أصيلة المغربيّة في صيف عام 1987. حدث ذلك خلال الحفل التكريمي البهيج الذي أقيم له هناك، وانتهى بتدشين ساحة جميلة تحمل اسمه.
وبصحبة زوجته الفرنسيّة، كان قد قرّر الاستقرار في باريس لينهي ما تبقّى له من العمر بين الكتب، وفي أحضان الشعر الذي كان يحبه أكثر من أيّ شيء آخر في الدنيا. وكانت نيتي عند مجيئه إلى المنستير أن أجري معه حوارا حول الشعر والسياسة التي كان قد طلّقها دون حسرة أو ندم.
غير أنه اعتذر عن طريق سكرتيره بلطف شديد. وعندما التقيت به في أصيلة، ذكّرته بما حدث في المنستير، فابتسم وقال:”بما أنك تصرّ على ملاحقتي فأنا تحت أمرك، ولا تنسى أني أكنّ حبّا خاصّا لتونس!”.
تمّ لقائي به في فندق “النزه” بطنجة حيث كان يقيم. تحدثنا طويلا، وكان وجهه يطفح بنور طفولته البعيدة.
وكان سنغور قد بدأ مسيرته الشعريّة متأثّرا بالشّاعرين الفرنسيّين بول كلوديل وشارل بيغواي. ويبدو هذا التّأثير جليّا في القصائد التي تضمّنها ديوانه الأوّل “أناشيد الظّلال”.
ويقول الفرنسي جان-كلود-تريشيه إن سنغور كان دائم التردّد على بيتهم في سنوات طفولته. وكان يقرأ قصائده بصوت آسر. وعندما أصبح رئيسا، زاره تريشيه في مقرّ إقامته بداكار فاستقبله بحفاوة.