سنجار حجر عثرة في طريق استكمال ترتيبات خفض مظاهر العسكرة بشمال العراق

الموصل (العراق) - تقترب ترتيبات أمنية أقرتها السلطات العراقية بهدف الحدّ من مظاهر العسكرة في عدد من محافظات الشمال العراقي من الاكتمال.
لكن تلك الترتيبات التي تأتي امتدادا لجهود بسط الاستقرار بالكامل وتجاوز مخلّفات حقبة داعش في المحافظات التي دارت على أرضها إحدى أكثر حلقات الحرب ضد التنظيم عنفا ودموية، تصطدم بالوضع الخاص لقضاء سنجار الواقع غربي مدينة الموصل مركز محافظة نينوى.
ويوجد في سنجار مقاتلون إيزيديون منتمون لحزب العمال الكردستاني الملاحق من قبل تركيا كجماعة إرهابية، ويتشبّثون بوجودهم هناك استنادا إلى دورهم في مواجهة داعش ويحظون بدعم من فصائل شيعية مسلّحة موجودة بدورها في القضاء وترفض مغادرته بسبب موقعه الإستراتيجي على المحور الرابط بين نينوى والأراضي السورية والمستخدم من قبل تلك الفصائل المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في نقل المقاتلين والأسلحة في الاتّجاهين.
وقالت مصادر أمنية عراقية إنّ سنجار لن تكون مشمولة بقرار تسليم الملف الأمني لمحافظة نينوى من الجيش العراقي إلى وزارة الداخلية والمنتظر الانتهاء من تنفيذه نهاية شهر يونيو الجاري.
وكان الوضع في سنجار موضوع اتّفاق تمّ إبرامه قبل أربع سنوات بين الحكومة الاتحادية العراقية والحكومة المحلّية لإقليم كردستان العراق نصّ على إخراج مختلف الجماعات المسلحة من القضاء وتسليم ملفّه الأمني لقوّة شُرطية رسمية يتمّ تشكيلها للغرض.
تركيا وإيران حاضرتان إلى جانب أطراف محلية عراقية متعدّدة في صورة الصراع الدائر على قضاء سنجار
لكن الاتفاق ظل منذ ذلك الحين يراوح مكانه ولا يجد طريقه للتنفيذ بسبب رفض الميليشيات ذات النفوذ داخل أجهزة الدولة العراقية سحب عناصرها من القضاء.
وباتت التجاذبات حول سنجار تتجاوز حدود العراق إلى جواره الإقليمي وتحديدا إلى تركيا التي تعتبره ملاذا لمنظمة إرهابية مهدّدة لأمنها واستقرارها، وإيران التي تعتبره موضعا إستراتيجيا للميليشيات التابعة لها يؤمّن الربط بين الأراضي السورية والعراقية.
ومؤخّرا دخل عامل جديد على التجاذب والصراع على سنجار التي طرحت كممر محتمل لمشروع طريق التنمية الذي اتفق العراق وعدد من البلدان الإقليمية على إنشائه ليربط بين المنطقة المطلة على مياه الخليج في أقصى الجنوب العراقي والأراضي التركية شمالا.
وتقترح قوى سياسية وفصائل عراقية مسلّحة جعل مسار الطريق بغرب الموصل لتفادي قطعه مسافة طويلة داخل أراضي إقليم كردستان العراق.
ولا يُستبعد أن توافق تركيا الشريكة الرئيسية في مشروع الطريق على ذلك المسار أملا في أن يكون دافعا للسلطات العراقية لإخلاء القضاء بالكامل من مقاتلي حزب العمّال.
وحددت وزارة الداخلية العراقية يوم الثلاثين من يونيو الجاري موعدا لتسليم الملف الأمني في محافظة نينوى من الجيش إلى الشرطة وذلك بعد عشر سنوات من سيطرة تنظيم داعش على الموصل مركزالمحافظة، وبعد سبع سنوات من طرده منها.
يوجد في سنجار مقاتلون إيزيديون منتمون لحزب العمال الكردستاني الملاحق من قبل تركيا كجماعة إرهابية
وتمّ إلى حدّ الآن تشكيل قوّة شرطية لتولي حفظ الأمن في سنجار مكوّنة من 1500 رجل من ضمن قوة أكبر نص عليها الاتفاق المذكور وكان يفترض أن يبلغ قوامها 2500 رجل.
ومع تعثّر تنفيذ الاتّفاق واستثناء سنجار من ترتيبات خفض العسكرة، تقرّرت الاستعانة بوحدتين من القوّة التي تم تشكيلها لحفظ الأمن في الموصل بدلا عن قوات الجيش التي سيتم سحبها من هناك.
ومن المنتظر أن تشمل عملية نقل الملف الأمني من الجيش إلى الشرطة، إلى جانب نينوى كلا من محافظتي الأنبار وصلاح الدين اللتين شهدتا أيضا حلقات دامية من الحرب ضدّ داعش والتي دارت بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة وبمشاركة الجيش والشرطة العراقيين، وكذلك ميليشيات الحشد الشعبي المكوّن بالأساس من مقاتلين شيعة كانوا قد دخلوا تلك المناطق ذات الغالبية السنية ما ساهم في إحداث توتّرات طائفية.
ونقلت شبكة رووداو الإخبارية الكردية العراقية عن محمد كاكائي رئيس اللجنة الأمنية في نينوى قوله إن عملية نقل الملفات الأمنية للمحافظات الثلاث قد تتأخر إلى منصف يوليو القادم، ما يكشف عن وجود مشاكل لوجستية وربما عوائق ذات طبيعة سياسية في طريق إتمام العملية التي يطالب بها السكان منذ سنوات بهدف تطبيع الأوضاع في مناطقهم.
إلى ذلك أشار كاكائي إلى وجود إشكال خاص يتعلّق بمصير مخيم الجدعة الواقع بريف محافظة نينوى والذي يضم بضعة آلاف من عوائل مقاتلي تنظيم داعش الذين يرفض سكان العديد من المناطق عودتهم إليها.
ولا تستطيع الشرطة تأمين المخيّم في ظل النقمة الشديدة على سكّانه من قبل العديد من المكونات من إيزيديين وغيرهم. وعلى هذه الخلفية قال كاكائي إنّ من الحلول المطروحة إلى حدّ الآن أن تشترك ثلاث جهات في تأمين المخيم، بحيث تقوم شرطة محلية بحراسة بواباته وينشئ جهاز الأمن الوطني مكتب استخبارات داخله، على أن يقتصر دور الجيش العراقي على إقامة حزام أمني حوله.