سنة سوداء يا جميل

بعد ساعات، سيبدأ عام 2019، ربما كان مثيراً للشفقة -إن لم يكن الرعب- ما نشرته مؤخراً مجلة “ذا ايكونوميست” البريطانية في طبعتها الخاصة المعتادة كل ديسمبر، حول توقعاتها للعام الجديد.. إذ جاء غلافها وكأنه شيفرة سوداوية لما يمكن أن يحدث مستقبلاً.
وبغض النظر عن الغلاف التشاؤمي، إلا أن كثيرين يحملون من التفاؤل ما يتجاوز الواقع، وتحمل عبارات التهنئة المتبادلة سذاجة تشبه تلك الأماني التي تصاحب أي عُرس بـ”الرفاء والبنين” دون أن يدري أي “عريس” أو “عروس” -حتى لا تستاء فصيلة نون النسوة- بأن ما قاله متفائلاً يوماً الشاعر الزنجي جيمس بلدوين: “يا للروعة.. إن المستقبل أسود”.. سيكون واقعاً مريراً يطبع المدعو “شهر العسل” ليصبح “برميل زفت” خاصة بعد وعود الطلاق ومعارك “المهر” ومن يتحمل تكاليف الزفاف؟ والأهم كارثة كل بيت مصري.. “النيش”! ذلك الركن العاطل المعروض للزينة والتباهي وكأنه منطقة عسكرية “ممنوع الاقتراب” منها أو استخدامها إلا للضيوف إذا جاءوا.. وليتحول الزواج إلى حرب باردة بين قطبين كلاهما “عالم ذرات” على طريقة سمير غانم وجورج سيدهم في مسرحية “المتزوجون”، تجعلنا نترحم على أسعد زوجين في التاريخ.. آدم وحواء!
أما لماذا؟ فلأنها لم تعايره بِعَدد المهندسين والدكاترة الذين تقدَّموا لها وكانت غلطتها السوداء أنها رَفَضَتهُم وقبلته هو بالذات وعملت منه “بني آدم”، ولم تذكره بأنها دوماً تتحمل ضغوطه المتكررة ولم تلجأ غاضبة لبيت أمها تاركة الأولاد “هابيل” و”قابيل” ليتحمل مسؤولية إرضاعهما وجلب “البامبرز” لهما، بينما يذكرها هو -أي آدم- بأنه لم “يتكبر” عليها ويسخر منها عندما أمسكت لأول مرة بكوب من شاي “ليبتون” ما إن أخرجت كيسه حتى مدَّت “بوزها” بلهفة والتقطت معه صورة “سيلفي” تذكارية اعتقاداً بأنه الرئيس الأميركي ترامب!
حرب العيوب الزوجية هذه، تذكرني بسؤال رجل لأحد الحكماء: كيف أعرف عيوبي؟ فابتسم الأخير وقال: أخبر زوجتك فقط بأحد عيوبها.. وستفضحك بكل عيوبك، وعيوب أهلك والجيران والمعارف والأصحاب إضافة إلى عيوب بعض سكان الدول المجاورة أيضاً!
أقول قولي هذا بمناسبة ملف ذا ايكونوميست المذكور أعلاه -وأيضاً ذكرى عيد ميلادي ما قبل الـ-90 لتحذروا من حرب المعايرة الدولية، وتعرفوا أن أقلام “الروج” الحمراء أو الوردية التي نحلم بها سواء على الشفاه أو لعام جديد، ليست إلا ألغام وأصابع ديناميت وعبوات موقوتة تنتظر فقط من يسحب ذراع الأمان.. أمان.. وربنا يستر!