سلوكيات الحريديم تفاقم انتشار وباء كورونا في إسرائيل

الحكومة عاجزة عن فرض سلطتها على المجتمعات المتدينة رغم أنها الأعلى في عدد الإصابات بالفايروس.
الاثنين 2020/03/30
الحريديون يرفضون الالتزام

القدس – على وقع تزايد أعداد المصابين بفايروس كورونا وجهت وسائل إعلام إسرائيلية اتهامات لليهود المتدينين بالتسبب في انتشار هذا الوباء، من خلال عدم الالتزام بتدابير الوقاية والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة تباعا.

وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية الأحد عن تسجيل 405 إصابة جديدة بفايروس كورونا المستجد خلال الساعات الماضية، ما يرفع عدد المصابين إلى 3865. ومن بين المصابين 66 في حالة وصفت بالحرجة، من ضمنهم شاب عمره 22 عاما، وُضع على جهاز التنفس الصناعي، ولم يكن يعاني أي أمراض أخرى قبل العدوى.

واعتبرت الوزارة أن مجتمعات اليهود المتشددين (الحريديم) هي الأعلى في عدد الإصابات، مقارنة بالمناطق الأخرى، وذكرت في تقرير أن عدد الحالات في مجتمعي اليهود في القدس المحتلة و”بني براك” شرق تل أبيب ارتفع منذ الجمعة إلى 352 و300، بينما وصل العدد الأقصى في المجتمعات اليهودية العلمانية التي لا يقيم بها متشددون، في تل أبيب في نفس التاريخ إلى 211 إصابة.

وهناك تخوف في وزارة الصحة من وجود حالات إصابة لم يتم الإبلاغ عنها في أحياء مثل “ميئا شعاريم” و”غيئولا”، حيث غالبية سكانهما من الحريديم لا ينصاعون بتاتا لتعليمات الوزارة، وماتزال شوارع الحيين تغص بالمارة.

ولفتت الإذاعة العامة الإسرائيلية إلى أنه يصعب تطبيق التعليمات وقيود الحجر في هذين الحيين على وجه الخصوص لسببين أساسين. الأول أنهما مكتظان جدا. والسبب الثاني أن السكان فيهما يرفضان الانصياع لتعليمات صادرة عن الحكومة.

وواجهت الشرطة الإسرائيلية في الأيام الماضية صعوبات في فرض تطبيق قانون الطوارئ الذي أعلنته حكومة تصريف الأعمال التي يقودها بنيامين نتنياهو، خاصة في الأحياء التي تضم الحريديم، ويصر هؤلاء على الاستمرار في أداء طقوسهم ورفض إغلاق المعابد والمدارس الدينية.

أزمة تفشي فايروس كورونا ستجعل إسرائيل تدفع ثمن إهمال أقلياتها تحديدا اليهود المتشددين دينيا

واحتفل هؤلاء الشهر الجاري بعيد المساخر “بوريم” في مدينة بني براك متحدّين بذلك تزايد أعداد الإصابات في المدينة وسط حالة ارتباك لحكومة نتنياهو التي يعد اليهود المتشددون من خلال مشاركة حزبي “شاس” و”يهودت هتوراه” أحد أركانها.

ويرفض اليهود المتشددون الذين يتميزون بلباس القلنسوات والثياب السوداء الالتزام بالقوانين الوضعية حتى تلك التي لها علاقة بالصحة العامة وسبق وأن سجلت وفيات لأطفال في المجتمع الحريدي بسبب رفض عائلاتهم تطعيمهم.

ويعتبر بعض الحاخامات المتشددين أن فايروس كورونا هو ابتلاء من الله، فيما يذهب آخرون إلى اعتبار الفايروس علامة عن قرب ظهور السيد المسيح.

وأكد تحليل نشرته صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية الأحد أن أزمة تفشي فايروس كورونا ستجعل إسرائيل تدفع ثمن إهمال أقلياتها وتحديدا اليهود المتشددين دينيا. وأشار التحليل إلى أن معاملة إسرائيل الخاطئة مع سكانها من اليهود المتشددين برز بالفعل كأحد أخطر إخفاقاتها في التعامل مع أزمة فايروس كورونا.

وذكرت الصحيفة أنه على مدار أسابيع عديدة، انشغل كثيرون بانتقاد مجرد الإشارة إلى هذه المشكلة، وكأن الحديث عنها يمثل “معاداة للسامية” تستهدف قطاعا معينا. ولفتت إلى أنه خلال الفترة ذاتها، تم ترك المجتمع ليسجل أعدادا متزايدة من الإصابات.

وأشارت “هاآرتس” في تحليلها إلى أنه رغم التأكيد منذ البداية على أن المعابد الدينية هي الأماكن الأخطر لنشر العدوى، فإن تعامل حكومة بنيامين نتنياهو، التي تضم وزيرا للصحة ينتمي للمتشددين دينيا، كان ضعيفا بصورة مخزية، موضحة أنه تم ترك المعابد مفتوحة لفترة طويلة، إلى درجة أنه لا يزال يتم السماح حتى الآن ببعض الشعائر رغم أنه طُلب من الجميع تقريبا البقاء تحت إغلاق شبه كامل.

الإصرار على أداء الطقوس الدينية
الإصرار على أداء الطقوس الدينية

واعتبرت أن الحكومة استسلمت للمتدينين والمتشددين، الذين لم يدركوا بعد الأهمية الكبيرة للوقت. وبدلا من حماية صحة هذه المجموعة، كما هو متوقع، فقد ألقت الحكومة بهذه المسؤولية على عاتق الحاخامات ورجال الدين.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجّه قبل أيام انتقادات محتشمة لمجتمع الحريديم قائلا إن بعض اليهود المتشددين في إسرائيل “وجزء من الأقليات”، فيما بدا إشارة إلى العرب، لم يستوعبوا الرسالة. وأضاف نتنياهو “إذا لم يتم فهم الرسالة، فلن أتردد في فرض أمر الإغلاق”.

والاتهامات لمتدينين بالتسبب في نشر فايروس كورونا الذي يبدو العالم مكبلا اليوم أمام عدوانيته لا تقتصر فقط على الداخل الإسرائيلي فقد سبق ووجهت عدة دول انتقادات لطوائف وجماعات دينية للمساهمة في انتشار هذه الجائحة.

واضطرت الحكومة في سنغافورة على سبيل المثال إلى التدخل وإغلاق مؤقت للمساجد بعد تسجيل إصابات في صفوف مصلين كانوا شاركوا في مؤتمر إسلامي بماليزيا المجاورة، مع قيام السلطات السنغافورية بتعقب نحو 100 ممن حضروا ذلك المؤتمر.

وقبلها كانت كوريا الجنوبية وجهت اتهامات لأعضاء من كنيسة شينتشونجي، وهي طائفة مسيحية منغلقة على ذاتها، بلعب دور في تفشي الوباء.

وقدّمت الحكومة شكوى إلى النيابة العامة ضدّ 12 من قادة الطائفة، تتهمهم فيها بالقتل والتسبب في ضرر وانتهاك قانون مكافحة الأمراض المعدية، من خلال المماطلة في منح السلطات قائمة أعضائها الـ230 ألفا “السريين”.

كان عدد من أبناء الطائفة قد زاروا مدينة ووهان الصينية التي كانت أول من ظهر فيها المرض في ديسمبر الماضي، ونقل هؤلاء العدوى إلى نحو نصف الأعضاء.

وفي مشهد ليلي مثير عمد مواطنون من دول مغاربية إلى خرق الحظر العام والقيام بمسيرات تضرع إلى الله لإنهاء الفايروس الأمر الذي دفع السلطات للتحرك ووقف تلك المسيرات خشية انتشار العدوى.

2