سلمان رشدي: الذكاء الاصطناعي لا يهدد الروائيين المتمرسين

مؤلف كتاب "آيات شيطانية" يرى أن أدوات الكتابة المولّدة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تشكل تهديداً للكتّاب من ذوي الأسلوب الأكثر تقليدية.
الجمعة 2024/03/22
لا أصالة في نصوص الذكاء الاصطناعي

باريس - اعتبر الكاتب البريطاني – الأميركي سلمان رشدي في مقال نشرته مجلة فرنسية الخميس أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد تشكل تهديدا لكتّاب روايات الإثارة والخيال العلمي، لكنها تفتقر إلى الأصالة والفكاهة اللازمتين لتهديد عمل الروائيين المتمرّسين.

وفي مقال مترجم إلى الفرنسية نشرته مجلة “لا نوفيل روفو فرانسيز” (La Nouvelle Revue Francaise)، قال رشدي إنه اختبر برمجية “تشات جي بي تي” (ChatGPT) عبر الطلب منه كتابة 200 كلمة بأسلوبه.

وقال رشدي إن النص الذي أنجزته البرمجية «كان ليُرمى في النفايات». ووصف النتائج التي حصل عليها من برمجية الذكاء الاصطناعي الشهيرة بأنها “كتلة من الهراء”.

وكتب في المقال “لا يمكن لأيّ شخص قرأ صفحة واحدة من كتاباتي أن يظن أنني الكاتب. إنه أمر مطمئن”.

ومع ذلك، رأى مؤلف كتاب “آيات شيطانية” الحائز على جائزة بوكر الأدبية، أن أدوات الكتابة المولّدة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تشكل تهديداً للكتّاب من ذوي الأسلوب الأكثر تقليدية.

وقال “المشكلة هي أن هذه الكائنات تتعلم بسرعة كبيرة”، مضيفا أن هذا الأمر قد يكون مقلقا بالنسبة إلى الكتاب في أنواع أدبية بينها الإثارة والخيال العلمي، حيث تكون الأصالة في الكتابة أقل أهمية. وقد يكون التهديد حادا بشكل خاص بالنسبة إلى كتّاب السينما والتلفزيون بالنظر إلى أن هوليوود تعمل باستمرار على إنتاج نسخ جديدة من الفيلم نفسه، فمن الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي لصياغة السيناريوهات”.

يمكن للذكاء الاصطناعي الكتابة في أنواع أدبية بينها الإثارة والخيال العلمي حيث تكون الأصالة في الكتابة أقل أهمية

وقد أصدر حكما قياسيا على مهارات “تشات جي بي تي”، إذ اعتبر أن النصوص المولدة بهذه البرمجية “لا تتمتع بأيّ أصالة” وكانت على ما يبدو “خالية تماما من أي حس دعابة”.

وفي مقاله يواصل رشدي تشكيكه السابق في قدرة برامج الذكاء الاصطناعي على صياغة نصوص أدبية تضاهي بجودتها مؤلفات الكتّاب، رغم أن الكتّاب لا يخفون قلقهم من أن تغزو العالم مؤلفات منجزة بواسطة هذه التقنية.

ويشهد قطاع النشر الأدبي، على غرار مجالات أخرى كثيرة، حالا من الغليان بعد أن اهتز بفعل الثورة التكنولوجية التي أطلقتها برامج الذكاء الاصطناعي مثل «تشات جي بي تي»، ويبدي العاملون في هذا القطاع شعورا عميقا بعدم الأمان.

وينافس الذكاء الاصطناعي بالفعل خدمات الترجمة، كما يتطور في مجالات النشر العلمي والقانوني، لكنه يظل هامشيا في الإبداع الأدبي، ولكن عندما يتعلق الأمر بكتابة الروايات، لا يزال الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الإلهام، وفق الكاتب البريطاني الشهير سلمان رشدي، الذي اختبر ذلك بعد قراءة نص قصير جرى إنشاؤه بأسلوبه بواسطة البرامج.

وتكثر الكتب التي أُنتجت بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، على منصة «كي دي بي» التابعة لشركة «أمازون»، المخصصة للنشر الذاتي، كما يلاحظ المتخصصون، حتى أن بعض هذه المنشورات باتت من أكثر الكتب مبيعا، وتطالب المنصة المؤلفين بأن يعلنوا على الموقع ما إذا كانت أعمالهم أُنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي (صور أو نصوص أو ترجمات).

واتخذ العديد من المؤلفين في سبتمبر الماضي، بينهم جورج آر آر مارتن، صاحب قصة «غايم أوف ثرونز» الملحمية، وملك أفلام الإثارة جون غريشام، إجراءات قانونية في الولايات المتحدة ضد شركة «أوبن إيه آي» الناشئة في كاليفورنيا، متهمين إياها باستخدام أعمالهم لتلقين خوارزميات «تشات جي بي تي» مع تجاهل حقوق الطبع والنشر الخاصة بهم.

وفي رسالة مفتوحة وقّع عليها الكثير من الكتاب، مثل مارغريت أتوود ودان براون، حذر اتحاد المؤلفين الأميركيين عمالقة التكنولوجيا هذا الصيف من أن الملايين من الكتب والمقالات والقصائد المحمية بحقوق الطبع والنشر تشكل غذاء لأنظمة الذكاء الاصطناعي، مع وجبات لا نهاية لها من دون فواتير.

يذكر أن سلمان رشدي من أكثر الأسماء الأدبية تأثيرا في العالم، وقد انتقلت الإثارة من كتاباته إلى حياته إذ أمضى رشدي سنوات طويلة مختبئاً بعد فتوى إيرانية بهدر دمه عام 1989 بسبب كتابه “آيات شيطانية” الذي اعتُبر مسيئاً للإسلام.

وتعرّض سلمان رشدي لعملية طعن أفقدته القدرة على استخدام عينه اليمنى في أغسطس 2022 خلال مؤتمر أدبي في منطقة نيويورك.

13