سلطنة عمان تمضي في تطوير تنافسية صناعة التعدين

تعول سلطنة عمان على تطوير قطاع التعدين لجعله أكثر تنافسية خاصة في ظل السباق في منطقة الخليج على هذا المورد المهم، إذ تعمل الحكومة على تنفيذ إستراتيجيتها الطموحة لإيقاظ مكامن حقول الإنتاج المستهدفة من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، بما يخدم التنمية.
مسقط - تخطط الحكومة العمانية من خلال إستراتيجية طموحة لجعل قطاع التعدين مجالا ذا قيمة مضافة، وهو ما من شأنه تحقيق تنمية مستدامة من خلال زيادة تنافسية هذه الصناعة وإتاحة الفرصة للشركات تطويرَ عمليات البحث والتنقيب وجلب المزيد من الاستثمار.
وفي أحدث خطواتها في هذا الاتجاه أرست وزارة الطاقة والمعادن العمانية الأربعاء عقدي امتياز جديدين للتنقيب واستكشاف المعادن على شركتين محليتين، وذلك في إطار جهود الحكومة لتعزيز دور القطاع في التنمية الاقتصادية.
وتسعى مسقط إلى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية المتمثلة بالشركات المتخصصة في المعادن والتي تملك تقنيات وتكنولوجيا متقدمة وإمكانات تجعلها قادرة على التنقيب عن الثروات المعدنية الكامنة في البلاد.
وتقول مسقط إن البلاد تتميز بتوفر خامات معدنية متنوعة بجودة عالية متوزعة على مختلف المحافظات، وأن الطلب المتنامي لمختلف أنواع المعادن يلبي متطلبات الصناعة والبناء والتكنولوجيا المتقدمة، ما يجعل القطاع يسهم في دعم الناتج المحلي الإجمالي.
وتراهن الحكومة على تطوير القطاع، بسبب الآفاق الواعدة التي يقدمها في تعزيز النمو الاقتصاد ومعالجة الاختلالات المالية من خلال زيادة إيرادات الدولة من العملة الصعبة.
وأوضح وزير الطاقة سالم العوفي أن توقيع الاتفاقيتين يأتي تتويجا للجهود المبذولة في تطوير قطاع المعادن طيلة الفترة الماضية من خلال تخصيص مناطق للامتياز تطرح للتنافس على أسس الشفافية وتكافؤ الفرص.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية عن العوفي قوله إن “الاتفاقيتين تركزان على تعزيز القدرات الوطنية من خلال برامج تدريبية متخصصة في إدارة الموارد الطبيعية وتطبيق التكنولوجيا المتقدمة في قطاع المعادن”.
وأضاف “لقد تم إنشاء منصة رقمية تتيح للمستثمرين الوصول بسهولة إلى الفرص التعدينية المتاحة، مما يسهم في تسهيل الإجراءات الاستثمارية وجعلها أكثر جاذبية”.
ولم يذكر العوفي قيمة العقدين، لكنه أكد أن الوزارة تعمل على ربط الأنشطة التعدينية بمشاريع تعزز المحتوى المحلي، بما يسهم في دعم المجتمعات المحلية وحماية البيئة، الأمر الذي يعزز مكانة البلاد كوجهة استثمارية متميزة في قطاع.
وأبرم نيابة عن الحكومة في الاتفاقية الخاصة بمنطقة الامتياز أي 11 وزير الطاقة، بينما وقعها من جانب شركة الكروم العُمانية حميد المقبالي رئيس مجلس إدارة الشركة.
وتشمل الاتفاقية التزام الشركة خلال المرحلة الاستكشافية بتنفيذ مسوحات طبوغرافية وجيوفيزيائية واستشعار عن بُعد، بالإضافة إلى رسم الخرائط الجيولوجية، وإجراء التحليل الجيوكيميائي والفيزيائي وتنفيذ عمليات حفر مكثفة بإجمالي طول 35 كيلومترا.
وتقع منطقة الامتياز أي 11 بمحافظة البريمي شمال البلاد، وتبلغ مساحتها نحو 1438 كيلومترا مربعا، وتتميز بوجود سلسلة صخور الأفيولايت في الجزء الشرقي، وتحتوي المنطقة على مؤشرات الكروم، والنحاس، مما يجعلها ذات أهمية استراتيجية.
وأكد حميد المقبالي أن الكروم تُعد أول شركة مساهمة عامة عُمانية تعمل في قطاع التعدين، وقد نجحت في تحقيق نتائج مالية متميزة خلال السنوات الماضية، مما جعلها نموذجًا جاذبًا للاستثمارات في القطاع التعديني في سلطنة عُمان من خلال المساهمة العامة.
وقال إن “الشركة تتبنى إستراتيجية نمو طموحة تهدف إلى توسيع نطاق عملياتها وتعزيز القيمة المضافة لمنتجاتها، مع التركيز على التميز في الأداء التشغيلي، كما تولي أهمية كبيرة لمواردها البشرية، باعتبارها العامل الأساسي لتحقيق أهدافها وطموحاتها المستقبلية”.
كما وقّع العوفي الاتفاقية الخاصة بمنطقة الامتياز أف 51 مع الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عُمان ناصر المقبالي.
وتشمل المرحلة الأولية لعمليات الاستكشاف، القيام بالدراسات المكتبية، والمسوحات الطبوغرافية والجيولوجية، بالإضافة إلى عمليات الحفر وتحليل العينات.
وتقع منطقة الامتياز أف 51 في محافظة الوسطى، وتمتد على مساحة 2156 كيلومترا مربعًا، وأظهرت الدراسات الأولية أن المنطقة تحتوي على كميات كبيرة من خام السيليكا بنسب نقاوة تصل إلى 95 في المئة.
الامتياز الأول أي 11 ستستثمر فيه شركة الكروم، والامتياز الثاني أف 51 ستتولى استكشافه شركة تنمية معادن عمان
وتعمل الوزارة بالتعاون مع شركة تنمية معادن عُمان على استكشاف هذه الموارد، ودراسة إمكانية تعدينها وفقا لمتطلبات الصناعة المعنية بدرجة نقاوة السيليكا.
وقال ناصر المقبالي إن “الاتفاقية تمثل خطوة إستراتيجية مهمة ضمن جهود الشركة لتوسيع محفظتها من الموارد المعدنية ذات الأهمية الإستراتيجية”.
وأشار إلى أن شركة تنمية معادن عمان تولي اهتماما خاصّا بتطوير إنتاج السيليكا الناعمة والتي من المؤمل أن تسهم إيجابًا في تعزيز دور سلطنة عُمان كأحد مراكز التعدين المهمة بالمنطقة.
وتهدف الشركة من خلال هذا المشروع إلى جذب استثمارات حديثة في عمليات التعدين والصناعات التحويلية المرتبطة بخام السيليكا الناعمة مثل الزجاج والألواح الشمسية بما يعزز من رؤية سلطنة عُمان في مجالات تصنيع حلول الطاقة النظيفة.
وكانت الحكومة قد وضعت قبل أربع سنوات قطاع المناجم والتعدين بين أهم أولويات خطتها الإستراتيجية رؤية 2040، التي تركز على توسيع نشاطه من خلال استقطاب الاستثمارات.
أما الهدف الأبعد، من وراء إنعاش نشاط التعدين، فهو أن يساهم القطاع في تحقيق 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030 ليكون مجالات يساهم في تعزيز العائدات على أسس مستدامة.
وتتوفر في السلطنة العديد من الخامات المعدنية الفلزية كالنحاس والكروم وخام الحديد والمنجنيز، والخامات اللافلزية كالرخام والحجر الجيري والجبس والطين والسليكا والدلوميت والحجر الرملي والكاولين ومنتجات الكسارات المختلفة وغيرها.
وتظهر البيانات الرسمية أن صادرات قطاع التعدين في البلد الخليجي سجل صعودا سريعا خلال العام الماضي، بعدما بلغت 40 مليون طن مقارنة بنحو 36.5 مليون طن على أساس سنوي.
وبحسب إحصائيات صادرة عن وزارة الطاقة والمعادن جاءت الزيادة بنسبة بلغت 9.5 في المئة خلال العام 2023، مقارنة بالعام الذي سبقه.
وشهد إنتاج بعض المعادن نموا ملموسا، مثل الحجر الجيري الذي زادت كمياته إلى 12.6 مليون طن، خلال العام الماضي، مقابل 12.2 مليون طن قبل عام. كما ارتفع إنتاج الجبس في غضون سنة إلى 13.3 مليون طن، مقارنة بنحو 10.6 ملايين طن.