سلطنة عمان تعول على الثورة الصناعية الرابعة لتحفيز الاقتصاد

مسقط- وضعت سلطنة عمان اللحاق بركب البلدان التي انخرطت في مسار توظيف الثورة الصناعية الرابعة في نمو اقتصادها هدفا للمرحلة المقبلة بفضل ما توفره التكنولوجيا المتطورة من إمكانيات هائلة لتعزيز كفاءة القطاعات الإنتاجية.
ويعول البلد الذي اقتصاده من بين الأضعف بين بلدان الخليج العربي، إلى جانب البحرين، على الاستفادة من التقدم التكنولوجي والابتكار لتنفيذ رؤيته في تنويع مصادر الدخل وخدمة خطط الدولة في تلبية متطلبات التنمية الصناعية.
ولتجسيد هذا الاتجاه أبرمت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات الاثنين، وبدعم من وزارة الاقتصاد، اتفاقية تعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي لإنشاء مركز الثورة الصناعية الرابعة في السلطنة.
وأكد علي الشيذاني وكيل وزارة النقل والاتصالات أن هذا التعاون يعكس التزام بلده بتبني أحدث الابتكارات والتقنيات المتقدمة لدفع عجلة التنمية المستدامة وتحقيق أهداف رؤية عُمان 2040.
المركز الذي سيبدأ العمل في الربع الأول من 2025 يعد السادس في الشرق الأوسط والثاني والعشرين على مستوى العالم
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى الشيذاني قوله إن “هذه الخطوة تأتي ضمن جهود الوزارة المستمرة لنقل المعرفة وتوطين التقنية وترسيخ مكانة سلطنة عُمان كمركز إقليمي للتقنيات والابتكار في المنطقة.”
وأوضح أن الاتفاقية ستفتح آفاقا جديدة للتعاون في مجالات رئيسية تشمل في المرحلة الأولى عددًا من المجالات مثل تعزيز الابتكار التقني.
وتسعى الوزارة من خلالها إلى تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة بما يتواءم مع مبادرات ومشاريع البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي.
وبين الشيذاني أن من المجالات التي سيتم التركيز عليها في هذا التعاون حوكمة البيانات والذكاء الاصطناعي بحيث سيجري العمل على وضع أطر تنظيمية فعالة، بما يعزز الثقة في التقنيات المتقدمة.
وفي مجال دعم الاستدامة وحلول المناخ ستعمل الوزارة على تطوير سياسات وتطبيقات ذكاء اصطناعي مبتكرة لدعم الحلول المناخية المستدامة، والمساهمة في معالجة القضايا البيئية العالمية.
وبالنسبة إلى التعاون الدولي ونقل الخبرات، قال الشيذاني إن الاتفاقية “ستتيح لنا التعاون مع شبكات دولية من مراكز الثورة الصناعية الرابعة حول العالم، ما يضمن تبادل الخبرات وتسريع وتيرة الابتكار الرقمي.”
ويعد المركز الجديد للثورة الصناعية الرابعة السادس من نوعه في الشرق الأوسط، سيتم تأسيسه بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، والمركز الـ22 عالميًّا، حيث من المتوقع أن يدخل حيز النشاط خلال الربع الأول من 2025.
وأكد سيباستيان بوكاب رئيس الشبكات والشراكات وعضو اللجنة التنفيذية بالمنتدى الاقتصادي العالمي أن هذه الاتفاقية تتيح مجالات كبيرة للتعاون بين سلطنة عُمان والمنتدى الاقتصادي العالمي في مجالات ومسارات تقنية متقدمة تتسق مع رؤية عمان 2040.
وأشار إلى أن المركز سيتيح العمل عن قرب على مشاريع عديدة تعزز الابتكار الرقمي والحلول الرقمية المستدامة للتحديات القائمة في مختلف المجالات. وتهدف الاتفاقية إلى تسريع تبني تطبيقات التقنيات الناشئة والذكاء الاصطناعي وفق الأسس والمعايير الدولية والاستفادة من شبكة الخبراء الدوليين في المجال الرقمي التي تتوفر لدى المنتدى الاقتصادي العالمي.
كما ستعمل على إطلاق مبادرات لجمع أصحاب المصلحة من مختلف القطاعات، بدءًا من الحكومة وقطاع الأعمال والمؤسسات الأكاديمية للمناقشة والتعاون لوضع السياسات المشتركة. ومن بين أهداف الاتفاقية أيضا المساعدة في إنشاء بيئة تجريبية للمخرجات مثل مبادئ الحوكمة والسياسة والأطر التنظيمية التي تعزز التقليل من المخاطر المرتبطة بتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.
وتسهم كذلك في توجيه أنشطة المنتدى الاقتصادي العالمي في مختلف مجالات تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة من خلال المشاركة بفاعلية في منصات المنتدى، وإطلاق برنامج تبادل الخبرات بين الطرفين، والمشاركة في مجتمع الثورة الصناعية الرابعة للمنتدى.
يذكر أن المنتدى أنشئ للتعاون بين القطاعين العام والخاص من خلال مراكز الثورة الصناعية الرابعة، وهي شبكة عالمية لأصحاب المصلحة المتعددين تقوم بتنفيذ العديد من المبادرات من أجل تسريع ونشر الاستفادة من التكنولوجيا الجديدة والتخفيف من مخاطرها. كما تجمع الشبكة بين عناصر مختبرات الابتكار ومراكز الفكر ومنتديات السياسة ومؤسسات الأعمال من أجل المساهمة في إيجاد البيئة المناسبة لدعم الابتكار التكنولوجي.
وفي تجربة فريدة بالبلاد بدأت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية (مدائن) سنة 2001 في اعتماد منهجية للاستفادة من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بهدف إيجاد النموذج الأمثل للاستفادة من تطبيقات التّقنيات الحديثة.
وأكد المسؤولون في مدائن آنذاك أن الخطوة ستساعد في توفير فرص متنوعة للأعمال وتجاوز التحديات المرتبطة بإدارة عمليات المدن الصناعية التابعة لها. وكانت وكالة الطاقة الدولية قد حثت سلطنة عمان على الاهتمام بالابتكار الصناعي نظرا لما يوفره من فرص واعدة في تعزيز قدرتها التنافسية في مجال الصادرات وإعادة تعريف إطارها الاقتصادي.
وقالت الوكالة في تقرير نشرته في نوفمبر 2023 إنه يستوجب على مسقط “اغتنام الفرصة والاستفادة من نقاط قوتها في مجال الطاقة والمعادن لتصبح رائدة في الابتكار الصناعي.”
وأشار معدو التقرير إلى أنه من الضروري زيادة عمليات الاستكشاف في التعدين وتصنيع التكنولوجيا، بما في ذلك الهيدروجين كقطاع أساسي، بالإضافة إلى المشاريع الصناعية في المنتجات النظيفة.