سلطنة عمان تسرع خطواتها نحو تحرير سوق الكهرباء

إطلاق سياسة استخدام الطاقة المتجددة للتوليد الذاتي والبيع المباشر.
الاثنين 2025/01/27
من هنا طريقكم للإنتاج الأخضر

قطعت سلطنة عمان خطوة أخرى باتجاه تجسيد إستراتيجية الارتقاء بقطاع الكهرباء حتى تحرير هذه السوق بغية اكتساب القدرة على الرؤية اللازمة لتنمية كافة القطاعات وتوفير الإمدادات بأسعار معقولة للمستهلكين، وبالتالي تعزيز دوره في نمو الاقتصاد.

مسقط- أضفت الحكومة العمانية على سياساتها المتعلقة بتحرير سوق الكهرباء زخما جديدا بعدما شهد هذا التوجه تحولا ملحوظا في سياق إصلاح الاقتصاد الذي تتطلع عبره إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية مع العمل على استدامتها وفق الطلب المحلي وبأسعار تنافسية.

ويمضي المسؤولون قدما نحو المزيد من تحرير القطاع عبر تمكين الإمدادات من محطات التوليد للمستهلكين ولاسيما الكبار منهم مثل المصانع، دون اللجوء إلى الكيانات الحكومية لإتمام عمليات الشراء والحصول على الخدمات.

وفي أحدث خطوة في هذا المسار، أصدرت وزارة الطاقة قبل أيام “سياسة استخدام الطاقة المتجددة للتوليد الذاتي والبيع المباشر”، التي تهدف إلى المساهمة في تحرير سوق الكهرباء وتعزيز استغلال مصادر الطاقة من المصادر المستدامة.

محسن الحضرمي: خطتنا هي خطوة جوهرية للاستفادة من الطاقة البديلة
محسن الحضرمي: خطتنا هي خطوة جوهرية للاستفادة من الطاقة البديلة

وتأتي هذه السياسة ضمن رؤية سلطنة عُمان الهادفة إلى تعزيز التنمية المستدامة وتشجيع الاستثمار في الطاقة النظيفة بما يدعم الجهود الوطنية لتطوير قطاع الطاقة المتجددة، ويحقق توازنًا بين مصالح المستثمرين والمستهلكين.

وتسهم الإجراءات التنظيمية لتطوير قطاع الطاقة في جلب الاستثمارات الأجنبية سريعا، كما أن توافر الموارد الطبيعة من طاقة الرياح والشمسية عزّز دخول الشراكات الدولية لبناء مشاريع تشكل قيمة مضافة للاقتصاد.

ويشكل تخفيض كلفة إنتاج في السوق المحلية الهدف الرئيسي من تحرير سوق الكهرباء وهذا ما تسعى له الهيئة، لاسيما أن هناك حزمة من مشاريع الطاقة المتجددة التي من المتوقع أن يتم ربطها بالشبكة خلال السنوات القادمة.

ومن المرجح أن يسهم ذلك في تقليل استخدام الغاز في إنتاج الكهرباء وانخفاض الانبعاثات الكربونية ومواكبة التوجه الحكومي للانتقال المنظم إلى خطة الحياد الصفري ومجال الاقتصاد الأخضر والاستثمار في مجالات الطاقة النظيفة.

وتتضمن سياسة التوليد الذاتي تنظيم عملية إنتاج الطاقة المتجددة لتلبية احتياجات المستهلكين مع الالتزام بالحصول على تراخيص محددة من هيئة تنظيم الخدمات العامة.

وبموجب القواعد الجديدة تُعفى المشاريع ذات السعة الإنتاجية الصغيرة التي لا تتجاوز حدًا معينا من التنسيق المباشر مع وزارة الطاقة مما يسهم في تسهيل تنفيذها.

كما تنص على تحديد سقف سنوي لإنتاج الكهرباء عبر التوليد الذاتي بالتنسيق مع الهيئة، بهدف تحقيق التوازن بين الإنتاج الذاتي واحتياجات الشبكة المحلية.

وتعتمد السياسة الجديدة على نهج تشاركي بين الحكومة والقطاع الخاص والمواطنين في إنتاج الطاقة، مما يعزز الفهم المشترك لأهمية هذا القطاع الحيوي ويسهم في تحقيق استدامته على المدى الطويل.

وأوضح محسن الحضرمي وكيل وزارة الطاقة أن السياسة الجديدة تعد خطوة جوهرية في مسيرة تطوير قطاع الطاقة في سلطنة عُمان التي تهدف إلى تمكين الاستفادة من الطاقة المتجددة بطرق مبتكرة ومستدامة.

ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى الحضرمي قوله “هذه السياسة جاءت لتوفير إطار تنظيمي شامل يدعم تنفيذ مشاريع التوليد الذاتي والبيع المباشر للطاقة الكهربائية، ما يسهم في تعزيز البنية الأساسية للطاقة وتنظيمها.”

وأوضح أنها ستوفر بيئة استثمارية جاذبة تُوازن بين المصالح الاقتصادية والبيئية، مع الأخذ بعين الاعتبار تحقيق استدامة الشبكة الكهربائية وتلبية متطلبات المستهلكين والمستثمرين.

وأضاف “هذه السياسة ستساهم في تحقيق أهداف سلطنة عُمان في قطاع الطاقة والحياد الصفري، حيث تستهدف الوصول إلى إنتاج ما بين 90 و100 في المئة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2050.”

وفي السنوات القليلة الماضية أجرت هيئة تنظيم الخدمات العامة العديد من الدراسات في ما يخص تحرير سوق الكهرباء، حيث تم في بداية 2022 تدشين السوق الفوري للكهرباء تحت مسمى “عُمان الفوري للكهرباء” وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط.

لنجاح الخطوة تراهن وزارة الطاقة على نهج تشاركي بين الحكومة والقطاع الخاص والمواطنين في إنتاج الطاقة

ويسمح للمولد الذاتي بامتلاك وتشغيل معدات تخزين الطاقة الكهربائية إذا ما كانت مجدية اقتصاديًّا، مما يسهم في تعزيز مرونة استهلاك الطاقة المتجددة. وسيُدعى المستهلكون الراغبون في الانتقال إلى التوليد الذاتي الالتزام بإبلاغ الجهات المعنية بالمخططات الزمنية لضمان مواءمة خططهم مع الخطط الوطنية.

وتنظم سياسة البيع المباشر عمليات بيع الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة مباشرةً من قبل شركات الإنتاج المؤهلة إلى المستهلكين المؤهلين، دون الحاجة إلى العودة إلى الشركة العُمانية لشراء الطاقة والمياه.

وتشترط القواعد أن تكون هذه العمليات متوافقة مع الإطار التنظيمي الذي تصدره هيئة تنظيم الخدمات العامة، مع تحديد سقف سنوي للإنتاج المؤهل للبيع المباشر بالتنسيق مع الجهات المعنية.

كما تفرض على المستهلكين المؤهلين دفع تعرفة خاصة لنقل وتمرير الكهرباء عبر الشبكات المحلية، والتي تُحدد بناءً على استخداماتهم للبنية الأساسية للطاقة. وهذا الترتيب يهدف إلى ضمان استقرار الشبكة الكهربائية وتجنب أية أعباء إضافية على المشتركين الآخرين غير المستفيدين من التوليد الذاتي أو البيع المباشر.

وتسمح سياسة تمرير الكهرباء بتمرير الكهرباء المنتجة لأغراض البيع المباشر عبر الشبكة الوطنية المملوكة للشركات المرخص لها بنقل وتوزيع الكهرباء، وفق ضوابط تنظيمية تضعها هيئة تنظيم الخدمات العامة. وتشترط أيضا أن تكون الطاقة المنتجة متوافقة مع النسب السنوية التي تُحدد بالتنسيق بين الجهات المعنية لضمان تحقيق أهداف التوسع في استخدام الطاقة المتجددة.

وتُلزم السياسة المستهلكين المؤهلين بتغطية التكاليف المتعلقة بعملية تمرير الكهرباء ودفع التعرفة المحددة من قبل هيئة تنظيم الخدمات العامة، كما تضمن السياسة أن يتم تمرير الكهرباء بشكل يحقق استقرار الشبكة الوطنية ويحافظ على كفاءتها التشغيلية.

وتشكل هذه السياسات الثلاث خطوة مهمة نحو تعزيز استغلال الطاقة المتجددة في سلطنة عُمان، بما يدعم تحقيق التنمية المستدامة ويعزز من استقرار وأمن قطاع الطاقة في البلاد.

وسجل إجمالي إنتاج السلطنة من الكهرباء خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، ارتفاعا بحوالي 8.1 في المئة على أساس سنوي، ليبلغ أكثر من 37.58 غيغاواط في الساعة، وفق المركز الوطني العماني للإحصاء والمعلومات. وتطمح الحكومة إلى أن تزيد مساهمة الطاقة البديلة من حوالي 16 في المئة حالي إلى نحو 30 في المئة بحلول نهاية العقد الحالي.

10