سلطنة عمان تدمج قطاع صناعة النفط في كيان عملاق

مسقط - انتقلت الحكومة العمانية مطلع هذا الأسبوع إلى الخطوات التنفيذية في طريق خطط دمج شركتي النفط العمانية والنفط العمانية للمصافي والصناعات البترولية (أوربك) في كيان واحد.
ويرى المسؤولون في سلطنة عمان أن تأسيس شركة توحد أعمال قطاع النفط سيسهم في تحقيق تطلعات الحكومة إلى زيادة العوائد مع رفع الكفاءة التشغيلية وتقليص ما أمكن من النفقات في السنوات المقبلة.
ويبدو أن عين الحكومة تتجه صوب الاستفادة من صناعة البتروكيماويات أسوة بجيرانها في منطقة الخليج وخاصة السعودية والإمارات اللتان وضعتا استراتيجية طويلة المدى للتوسع في هذا المضمار.
واعتبرت وكالة بلومبيرغ الأميركية أن قرار مسقط دمج أكبر شركتين نفطيتين محليتين، سيؤدي إلى إنشاء كيان نفطي عملاق، تبلغ طاقته التكريرية نحو 1.1 مليون برميل يوميا، داخل وخارج السلطنة.
وكان قد تم توحيد مجلس إدارة الشركتين خلال شهر أكتوبر من العام الماضي كخطوة مبدئية لعملية الدمج وإدارة الأصول والأعمال التابعة لهما.
وبدأ الرئيس التنفيذي مصعب المحروقي رسميا مهام منصبه الجديد للكيان الجديد منذ الأحد الماضي، ليشرف على عملية دمج الإدارة وأصول الشركتين، والتي تحتاج لعدة أسابيع، وفق خطة سيتم تنفيذها على مراحل.
وقالت الشركتان في بيان مشترك إن “المحروقي شغل منصب الرئيس التنفيذي لأوربك بين عامي 2010 و2016، ونجح خلال الفترة في قيادة وتحقيق أول وأكبر دمج تجاري في السلطنة خلال الفترة بين عامي 2010 و2012، كما عمل سابقا في شركة النفط العمانية”.
وأوضحت أن “تنفيذ عملية الاندماج سيتم وفق جدول زمني محدد على مراحل مع مراعاة طبيعة أعمال كلا الشركتين”.
كما أشارتا إلى أن المرحلة الأولى ستركز على إعداد خطة الدمج المتوقع الإعلان عنها في الربع الأول من العام المقبل بعد أن تم تشكيل فريق إدارة موحد بقيادة الرئيس التنفيذي للكيان الجديد.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية لوكيل وزارة المالية ناصر الجشمي قوله “تم تكليف شركة استشارية لدراسة هذا الدمج، والتي أوضحت أن العوائد المتوقعة تحصيلها من الخطوة قد يصل إلى حدود 3 مليارات دولار على مدى فترة تطبيق هذه الخطوة”.
ونسبت وكالة رويترز في مايو الماضي، لمسؤول عماني كبير ومصدر مالي، لم تكشف عن هويتهما، قولهما إن مسقط تعمل مع ماكنزي للاستشارات لدمج شركاتها، التي تعمل في أنشطة التكرير والبتروكيماويات في كيان واحد.
وأوضح الجشمي في تصريح أدلى به للصحافيين لدى حضوره مؤتمر الاستدامة الأول بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض أن “الهدف من دمج الشركتين هو تحقيق عملية التكامل بين الشركات الحكومية وتقليل التكاليف وتعظيم العائد المالي” لخزينة الدولة.
وستتيح الخطوة للشركتين إنشاء وحدة تكرير تجارية ضخمة، تمتلك مصافي وأصولا أخرى في السلطنة والهند والنمسا، وعمليات إنتاج نفط خام وغاز داخل البلاد.
ووفق البيانات الرسمية، تبلغ طاقة إنتاج أوربك حوالي 222 ألف برميل يوميا، في حين تخطط شركة النفط العمانية لإنشاء مصفاة في منطقة الدقم وسط شرق عمان، لإنتاج نحو 400 ألف برميل يوميا.
وتمتلك شركة النفط العمانية فعليا أسهما في مصفاة بهارات في الهند بطاقة إنتاج تقدر بنحو 120 ألف برميل يوميا، وأسهما أخرى في شركة مول النمساوية للتكرير.
وقالت بلومبيرغ إن عُمان ودولا نفطية عربية أخرى، في إشارة إلى السعودية والإمارات، تسعى لتوسيع طاقتها من المنتجات المكررة والبتروكيماويات، إضافة إلى تطوير وحدات تسويقية لتصدير الإنتاج وتوسيع حصصها في السوق العالمي.
وأكد محمد بن حمد الرمحي، وزير النفط العماني ورئيس مجلس إدارة شركة النفط العمانية وأوربك أنه “يؤمن بأن هذا الاندماج سيحقق فوائد عديدة للسلطنة وسيسهم في تحقيق خطط النمو المستقبلية الطموحة للمجموعة وسيوفر فرصا أكبر للتعلم والتطوير للموظفين”. وعلى إثر هذا الدمج، عملت أوربك على تحقيق استراتيجية نمو طموحة تتعلق بأعمالها.
وشملت الخطة تنفيذ كل من مشروع تحسين مصفاة صحار ومشروع خط أنابيب مسقط صحار لنقل المنتجات النفطية ومشروع مجمع لوى للصناعات البلاستيكية باستثمار إجمالي يزيد عن 9 مليارات دولار.
وتبلغ طاقة إنتاج سلطنة عمان من النفط الخام، نحو مليون برميل يوميا، وهي تتعاون باستمرار مع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، التي هي ليست عضوا فيها.
وفي السنوات الماضية، بحثت الدول الخليجية عن سبل لإصلاح شركاتها النفطية، بما في ذلك من خلال الخصخصة، لزيادة كفاءتها خلال فترة هبوط أسعار النفط.
وتدرس عُمان عمليات خصخصة على نطاق واسع منذ سنوات عديدة، لكنها لا تزال تسير ببطء وقد أرجع محللون ذلك إلى الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة على مستوى القوانين، فضلا عن البحث لاعتماد أرضية صلبة تستقطب كبرى الشركات العالمية.