سلطنة عمان تخطط لسياحة ما بعد كورونا

السلطنة تسعى إلى الترويج للمزارات السياحية خاصة الجبل الأخضر والأشخرة ومصيرة وأيضا محافظة مسندم، من أجل جذب الأفواج السياحية من دول المنطقة.
الأحد 2020/04/26
أجواء الواحات

عطّل انتشار فايروس كورونا حركة السفر والسياحة في جميع دول العالم، ومن المنتظر أن يستمر ذلك حتى بعد انتهاء خطر هذا الوباء، لذلك تراهن سلطنة عمان على الحركة السياحية الداخلية والمجاورة من خلال الترويج للجزر والجبال كمناطق جذب لعشاق المغامرات والسياحة البيئية التي يمكن أن توفر لهم عطلات آمنة.

مسقط –  بعد أن أغلقت حدودها البرية والبحرية والجوية، وأغلقت فنادقها ومطاعمها، وطلبت من السياح مغادرة البلاد حفاظا عليهم من جائحة كورونا، تعمل سلطنة عمان على إيجاد حلول لإعادة تنشيط السياحة التي ستعرف ركودا طويلا كما يتوقع خبراء هذا القطاع، فالمغرمون بالسفر وقضاء العطلات بعيدا عن منازلهم وأماكن عملهم سيظلون متوجسين من السفر، لأن التأثير النفسي للوباء سيكون كبيرا على الأفراد والمجتمعات.

ويتوقع المشرفون على قطاع السياحة في السلطنة أن السياحة، وإن عادت، لن تعود إلى الأماكن المكتظة كالمدن والشواطئ، لذلك تم الشروع في البحث عن حلول بديلة كالسياحة الداخلية والسياح الجيران، خاصة لما تزخر به السلطنة من مناطق طبيعية يمكن أن توفر عطلا هادئة ويمكن أن يطبق فيها التباعد الاجتماعي.

مرحبا بالجيران

تركيز على السياحة الداخلية
تركيز على السياحة الداخلية

أشارت وكيلة وزارة السياحة ميثاء بنت سيف المحروقية، إلى أن السلطنة سوف تركز على السياحة الداخلية والإقليمية خلال الفترة المقبلة، كبداية لتعافي القطاع السياحي شيئا فشيئا بعد أزمة كورونا، وخاصة أن السلطنة بلد سياحي آمن وقريب من دول المجلس ويتمتع بالعديد من المقومات السياحية الجاذبة.

وأكدت أنه سيتم التركيز على هذين العنصرين للجذب السياحي عبر توفير برامج تسويقية إقليميا، وخاصة أن تعافي القطاع السياحي على المستوى العالمي سيحتاج إلى فترة طويلة قد تستمر إلى أكتوبر 2021 أو بداية 2022.

وناشد علي بن سالم الحجري، رئيس لجنة السياحة في غرفة تجارة وصناعة عُمان، وزارة السياحة وقف دفع الضرائب على الفنادق والشركات السياحية في هذه الفترة حتى يتعافى القطاع في بداية عام 2021.

وهو أمر مهم  حسب رأيه، حتى تستطيع هذه الشركات استعادة أنفاسها، وتستطيع المساهمة في إنعاش القطاع في المرحلة المقبلة مع بداية الخروج من الأزمة.

وأضاف، أنه يجب أيضا الترويج للمزارات السياحية في السلطنة بشكل أكبر في دول المنطقة خاصة الجبل الأخضر، والأشخرة ومصيرة، وأيضا محافظة مسندم لجذب الأفواج السياحية إليها من دول المنطقة.

سيلفي الجبل الأخضر

يحلو السيلفي
يحلو السيلفي

يحتل الجبل الأخضر مكانة خاصة في قلوب السياح وخاصة من الدول المجاورة، فهو واحد من أجمل معالم السياحة في عمان، هناك ترى المساحات الخضراء والمناظر الطبيعية الساحرة التي تسر الناظرين، ويحظى الجبل الأخضر بضم القمة الأعلى في شبه الجزيرة وينجح في جذب آلاف السياح إليه.

ويمتاز الجبل بارتفاعه الشاهق الذي يصل إلى 3 آلاف مترا،  هناك يمكنك التقاط أجمل الصور التذكارية من منصة “السيدة ديانا” وهي أعلى نقطة حيث الطبيعة الخلابة والطقس الممتع الجميل، كما يمكنك التمتع بمشاهدة القمم الثلجية التي تتراكم على الجبل الأخضر في فصل الشتاء، ويمكن أن تشاهد الهضاب والأنواع المتعددة من الأشجار كالجوز والتين، وأيضا أشجار المشمش واللوز التي تتفتح أزهارها في فصل الربيع.

وفي وديان الجبل الأخضر يمكن للسياح أن ينعموا بمغامرة فريدة، فوادي بني حبيب يعتبر واحدا من أهم أسباب زيادة معدلات السفر إلى الجبل، بجانب القرى المجاورة.

وتحظى الوديان بشعبية كبيرة للغاية وتشهد إقبالا واسعا من قبل السياح من داخل وخارج عمان، فهي مكان بالغ الجمال والروعة وهناك يمكنك أن تزور وادي بني حبيب.

ويضم الجبل الأخضر مجموعة من القرى المتميزة الجميلة، وأشهرها قرية العقور التي تعتبر أحد أفضل الأماكن السياحية في عمان، أين توجد منصة “السيدة ديانا” حيث يمكن التقاط الصور التذكارية من أعلى نقطة تمتاز بالإطلالة ساحرة على المعالم السياحية التي يضمها الجبل الأخضر.

السياحة في مدينة الأشخرة لا ترتبط بموسم محدد، فهي واحدة من المناطق السياحية التي تشهد تدفقا ملحوظا من السياح القادمين من داخل وخارج السلطنة، وهي وجهة سياحية فريدة، يعشقها الزائر لطبيعة جوها وجمال شواطئها وكثبانها الرملية الناعمة، فبمجرد اقترابك من نيابة الأشخرة ستشعر بانخفاض مفاجئ في درجة الحرارة.

قال فايل بن علي الراشدي من سكان الأشخرة، إن المنطقة يزورها خلال فترة الصيف المئات من الضيوف يوميا، وتكتظ  بالسياح في أوقات الإجازات، فيتخذون من شاطئ البحر موقعا مثاليا للجلوس والاستجمام والراحة، والبعض يفترش الرمل، وآخرون يحجزون غرفا في الفنادق والاستراحات الموجودة في الأشخرة ومنها بيوت الشباب.

ويستطيع الزائر أيضا الاستمتاع بالقرى والمناطق الساحلية الممتدة على الشريط الساحلي لبحر العرب، سواء من جهة الشمال أو من جهة الجنوب، كما أن للزائر خيارات عدة لاختيار الموقع المناسب للتخييم، فيمكن أن يجد المكان المناسب على شاطئ البحر أو على الكثبان الرملية أو بجوار ميناء الصيد البحري الذي يشكل مصدر جذب للسياح.

في الميناء، يمكن للزائر أن يستغل قوارب بعض الصيادين الذين يأخذون السياح وأسرهم في نزهة قصيرة على البحر أو في محيط الميناء، خاصة إذا كان البحر هادئا.

ويمكن للزائر أن يمارس رياضة ركوب الأمواج حيث تضم الأشخرة أخوارا بحرية عدة لعل أشهرها خور عمر، وخور عويجة.

جزيرة السلاحف

جوهرة وسط المياه الزرقاء
فسحة تضمن التباعد الاجتماعي

اعتادت جزيرة مصيرة استقبال السياح الذين يتوافدون عليها للاستمتاع بمناظرها الطبيعية وأمواجها التي تعد من أهم عوامل الجذب السياحي فيها.

وتقع جنوب شرق السلطنة، وتعد أكبر جزيرة عمانية، وتمثل معلما بارزا وسط البحر فتبدو للناظر مثل جوهرة وسط المياه الزرقاء، كما أن الزائر يذهله جمال الطبيعة الخلابة المتمثل في تنوع البيئات بها، فتوجد البيئة البحرية التي تشكل الغالبية العظمى لها كما توجد بها البيئة السهلية الصالحة للزراعة فترى أرضاً بكراً تنمو فيها الأعشاب أوقات هطول الأمطار، وللبيئة الجبلية موقع في تلك الجزيرة حيث ينتشر عدد من الجبال على رأس حلف وراسيا والعيجة وأماكن أخرى، كما أن جوها معتدل طوال العام.

وأكثر ما يجذب السياح إلى الجزيرة السلاحف البحرية التي تنتشر على طول شواطئ مصيرة والتي تخرج في الأيام القمرية، وقد اتخذت ولاية مصيرة من السلاحف البحرية شعارا لها، لكثرتها وأشهرها “الريماني” التي تضع كميات من بيضها على رمال الشاطئ الناعمة، ثم تعود إلى البحر قاطعة مسافات بعيدة في أعماق البحار والمحيطات تصل فيها إلى شواطئ بعيدة في العالم.

وتعد رياضة ركوب الأمواج العاتية في جزيرة مصيرة، أكثر ما يشد انتباه السائح، كما تتم إقامة مسابقات الطيران الشراعي على الأمواج، والتي تلقى إقبالا من السياح للاستمتاع بشواطئ مصيرة، فهي من أفضل الوجهات لعشاق الرياضات البحرية، وخاصة رياضة الغوص وركوب الدراجات المائية “جيتسكي” والتزلج على الماء. وتوجد في مصيرة عدة جزر مهمة، كجزيرة مرصيص التي تكثر فيها الطيور وأشهرها طائر يسمى محليا بالتراع، وهناك جزيرة شعنزي وكلبان وجزر منطقة صور مصيرة التي يرتادها الأجانب الذين يمارسون رياضة ركوب الأمواج وتقام فيها مسابقات الطيران الشراعي على الأمواج.

يقول خميس بن علي بن خميس الجحماني، من العاملين في القطاع السياحي بالجزيرة، إن الإقبال على جزيرة مصيرة يبدأ في الارتفاع من بداية شهر مايو ويصل إلى ذروته في شهر يونيو خاصة من السياح الأجانب من عشاق رياضات الأمواج،  حيث تكون الأجواء مناسبة، وبعضهم يقيم في معسكرات قريبة من البحر، كما أن هناك إقبالا من الزوار العمانيين ومن دول مجلس التعاون الخليجي.

جدير بالذكر أن جزيرة مصيرة أُطلقت عليها على مرّ العصور مجموعة من الأسماء المختلفة ومنها داماسيرة، وداموج، وسيرا، وماكاجرة، وأورجانون، وماشيزوسيرانيون، إضافة إلى سيرابيس وهي التسمية التي كانت تُعرف بها لأطول فترة زمنية حيث أطلق تلك التسمية الإسكندر المقدوني قبل الميلاد. أمّا اسمها الحالي مصيرة فذكرت الكثير من الروايات أقربها تقول بأنّ اسمها جاء من كلمة صيرة، وهي أكثر الأماكن ارتفاعاً في البحر.

الطبيعة في مسندم

جزيرة
جوهرة وسط المياة الزرقاء

تجمع محافظة مسندم بين الجبال الشاهقة ومياه البحر العميقة والشواطئ المتنوعة الرملية والصخرية الوعرة والتي شكلت على امتداد ساحلها سلسلة من الأخوار المائية الجميلة بطولها وعرضها وتعرج ممراتها وجزرها البحرية بتنوع أشكالها وأحجامها ومواقعها.

و تزخر مسندم أيضا بالواحات الخصبة المنتشرة على قمم الجبال وبطون الأودية مشكلة منتزهات خضراء جميلة، كمنتزهات الخالدية، والسي والصحاصح والروضة بولاية خصب، والعيون المائية العذبة والموسمية، والأفلاج كعيون السي والمحل والمحاس، وعين الرحيبة، ووادي خن بولاية خصب، وعين الثواره وعين لو الأثرية بولاية بخاء، وعين السقطه بولاية دبا وأفلاج العاضد والمعترض والشريكي والداير وحجر بني حميد بولاية مدحاء.

يقول موسى الريامي، أحد مسؤولي السياحة في المحافظة، يعد جبل حارم من أشهر الجبال في المحافظة ويقع في ولاية خصب حيث يرتفع عن سطح البحر 1600 متر ويصل ارتفاع أعلى قممه إلى 2087 مترا فوق سطح البحر.

ويمتاز الجبل بوجود أحافير أسماك وأصداف وأحياء بحرية أخرى متحجرة يقدر العمر الجيولوجي لها بأكثر من 250  مليون سنة حينما كانت تغمر البحار تلك القمم الجبلية، وتكسوه الثلوج في أيام معدودة خلال فصل الشتاء في سنوات متفرقة، ويكون معتدل البرودة في باقي أيام السنة، تكثر فيه مختلف أنواع الأشجار الجبلية كالسدر والسمر والمزي وغيرها من الشجيرات، مع وجود الطريق الممهد الذي يصل بين ولاية خصب وولاية دبا مرورا بجبل حارم ووادي الخب الشامسي، مما يعطي فرصة كبيرة لتوافد السياح، وخاصة سياحة المغامرات، ما يجعل من جبل حارم ووادي الخب مقصدا سياحيا جذابا.

ويكثر في مياه محافظة مسندم عدد كبير من الجزر البحرية السياحية وهي جزر صخرية تكون شاهقة في أكثرها، أبرزها جزيرة أم الغنم وجزيرة سلامة وبناتها وجزيرة الخيل وجزيرة مسندم، وجزيرة أم الطير، وجزيرة التلغراف، وجزيرة أم الفيارين، وجزيرة ساويك “السوداء” وجزيرة أبومخالف، ولكل جزيرة تميز منفرد عن قريناتها، إذ أن جزيرة أم الطير تقع بالجهة الشرقية للمحافظة، وتسمى أيضا جزيرة البيض، وجاء اسمها من كثرة عدد الطيور البحرية المهاجرة التي تتخذها مقرا للتعشيش بها، وتعتبر محمية طبيعية لتلك الطيور.

وعن المواقع السياحية التراثية في مسندم يقول المسؤول السياحي موسى الريامي، لا تختلف محافظة مسندم عن باقي محافظات السلطنة بوجود معالم تراثية تحكي قصصا تاريخية عبر العصور الماضية، وتتعدد تلك المعالم بين القلاع والحصون والأبراج والآثار، إذ تضيف تلك المعالم مقومات سياحية تكمل بها عقد التنوع السياحي بالمحافظة.

ويبقى الرهان على مكاتب التمثيل السياحي في الأسواق المصدرة للسياح لتروج لهذه المناطق السياحية التي لا تشكل خطرا على السياح باعتبار أنهم يستطيعون التنزه فيظل ضمان التباعد الاجتماعي حتى يأمنوا من العدوى من بقايا الوباء، فالمناطق الريفية والجبلية خيارهم للسفر في الفترة المقبلة لما تتمتع به من تضاريس ومقومات سياحية وهدوء وأمان.

16