سلطة فلسطينية يقودها سلام فياض بقوات إقليمية لدعم استقرار ما بعد حرب غزة

غزة- بدا إعلان حركتي حماس وفتح في بكين عن اتفاق بينهما لتقاسم السلطة خطوة مستعجلة لقطع الطريق على ما يجري من نقاشات إقليمية ودولية بشأن مبادرة إماراتية لتشكيل سلطة فلسطينية جديدة يقودها رئيس الوزراء السابق سلام فياض ومدعومة بقوات إقليمية بهدف دعم استقرار ما بعد حرب غزة.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تفاصيل خطة إماراتية عرضت خلال اجتماع عُقد في أبوظبي الخميس الماضي بمشاركة مسؤولين من الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات، وأن “المشاركين في الاجتماع ناقشوا الدور الذي يمكن أن تلعبه السلطة الفلسطينية الإصلاحية في دعوة مجموعة من الدول إلى توفير قوات لدعم الاستقرار في غزة”، فضلا عن مناقشة قائمة بزعماء السلطة المحتملين، وعلى رأسهم فياض.
ويستند جوهر الاقتراح الإماراتي على “سلطة فلسطينية إصلاحية، تدعو الشركاء الدوليين إلى دعم الأمن والمساعدات الإنسانية في غزة، خلال مرحلة تحقيق الاستقرار، قد تستمر مدةً تصل إلى عام”.
وذكرت الصحيفة أن “الإماراتيين يفضلون سلام فياض، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية من عام 2007 إلى عام 2013، كزعيم جديد لجهود إصلاح السلطة الفلسطينية”، مشيرة إلى أنه “من المحتمل أن تكون إسرائيل على استعداد لقبول ذلك”.
ويفسر التسريب الصحفي لتفاصيل الاجتماع إلى حد كبير تشدد تصريحات حركة حماس وحديثها عن وضْع سد منيع أمام أي دور إقليمي في مرحلة ما بعد الحرب وتحمّسها الواضح للاتفاق مع فتح وبقية الفصائل على المصالحة، وهو اتفاق الهدف منه تأمين بقائها داخل السلطة وإن لم تكن في الواجهة، إلى حين مرور عاصفة الضغوط الإقليمية والدولية.
وكشفت تصريحات أدلى بها رئيس مكتب العلاقات الوطنية في حماس، عضو المكتب السياسي حسام بدران، أن الأهم في الاتفاق من وجهة نظر الحركة هو منع خيار تم تداوله ويتمثّل في إشراك قوات إقليمية في إدارة القطاع بعد الحرب، وهو ما ينهي دور الحركة كشريك مواز للسلطة الفلسطينية في رام الله.
وراهن بدران على إمكانية أن تتيح مشاركة الصين مواجهة سياسة الولايات المتحدة، الحليف الكبير لإسرائيل وداعمها العسكري الرئيسي، في موقف يظهر أن الهدف من موافقة حماس على اتفاق بكين هو البحث عن مظلة صينية لتخفيف الضغوط الأميركية، وهو رهان غير واقعي لما عرف عن الصين من تجنب للاحتكاك في الملفات التي لا توجد فيها مصالح صينية مباشرة.
لكن واشنطن ردت بشكل واضح لتبديد رهان حماس على الصين للبقاء في المشهد بعد نهاية الحرب، مجددة التأكيد على أنه لا يمكن أن يكون للحركة أي دور في إدارة قطاع غزة بعد الحرب.
وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي الثلاثاء إلى أن الإدارة الأميركية تعتبر حماس “منظمة إرهابية”.
وقال “عندما يتعلق الأمر بإدارة غزة بعد الحرب، فلا يمكن أن يكون لحماس دور”، لافتا إلى أن واشنطن تريد أن تدير السلطةُ الفلسطينية غزة والضفة الغربية.
وتنظر حماس إلى بقائها في المشهد من بوابة مصالحها الحزبية ومصالح حلفائها الإقليميين، خاصة إيران وحزب الله، لكن المبادرة الإماراتية تأتي استجابة للنقاشات الإقليمية والدولية الهادفة إلى تجنيب الفلسطينيين معاناة جديدة يتحملون أعباءها دون أفق فيما تغامر حماس وغيرها من الفصائل بدخول حروب غير متكافئة لتحقيق أجندات حزبية ولا تراعي أرواح الفلسطينيين وممتلكاتهم ورغبتهم في العيش بأمان مثل غيرهم من سكان دول المنطقة.
◄ التسريب الصحفي لتفاصيل الاجتماع يفسر تشدد تصريحات حماس وحديثها عن وضْع سدّ منيع أمام أي دور إقليمي
ويعتقد مراقبون أن سعي حماس لتضخيم اتفاق بكين مع فتح وغيرها من الفصائل هدفه قطع الطريق على حلول إقليمية واقعية تؤسس لسلام يستفيد منه الفلسطينيون، مشيرين إلى أن حماس سبق وأن عطلت اتفاقيات شبيهة باتفاق بكين ولم تلتزم بها، وكان الهدف من حضورها هو إظهار أن الحركة لا تعارض الحوار ولا المصالحة مطلقا، لكن على أرض الواقع كانت تعيق بنود المصالحة.
ويشير المراقبون إلى أن اتفاق بكين غامض ولا يحوي سوى شعارات عامة، ولم يكشف عن الضمانات التي يمكن من خلالها تحقيق المصالحة وبناء مؤسسات جديدة وإجراء انتخابات عامة، في الوقت الذي لا يزال فيه التوتر مسيطرا على العلاقات بين مختلف الفصائل، ولم تمر إلا أيام قليلة على حملات إعلامية بين حماس وفتح.
وانتقد المحلل السياسي في غزة مخيمر أبوسعدة “الغموض” الذي يكتنف صياغة الاتفاق. وقال “بالنسبة إلى الفلسطيني في غزة… الاتفاق في بكين مجرد ورقة أخرى”. وأضاف “هناك فكرة لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ولكن لا يوجد ذكر لكيفية دمج حماس فيها”.
وشكّك بعض المحللين في رغبة الفصائل في العمل معا خلال الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 39145 شخصا معظمهم من المدنيين، وفقًا لأرقام وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.