سلطة الانتخابات الجزائرية في قلب الاتهام بتزوير مبكر للاستحقاق الرئاسي

راغبون في الترشح أقصتهم السلطة يحذرون من تداعيات التلاعب على صدقية الانتخابات.
الثلاثاء 2024/07/30
الانتخابات الرئاسية محل انتقادات مبكرة

يصطدم الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في الجزائر بحملة تشكيك من بعض المقصيين من خوض السباق، وسط اتهامات للسلطة الحالية بالتلاعب بمدى صدقية الحدث، من خلال التزوير المبكر لبيانات المرشحين.

الجزائر - اتهم مقصيون من سباق الانتخابات الرئاسية الجزائرية السلطة المستقلة للانتخابات، بالفشل والتزوير المبكر للاستحقاق، بعد ظهور بوادر فوضى وسوء تحكم في دراسة ملفات الترشح، خاصة استمارات التزكية، ووصفوا نتائجها النهائية بالمهزلة، ولذلك يعلقون آمالهم على المحكمة الدستورية لإنصافهم، وإنقاذ الاستحقاق من التزوير ومن فقدان المصداقية.

وأجمع راغبون في الترشح للانتخابات الرئاسية الجزائرية المقرر إجراؤها بعد خمسة أسابيع، على وصف عمل السلطة المستقلة للانتخابات بـ”المهزلة”، وبـ”التزوير” المبكر للاستحقاق، وبـ”التلاعب” ببيانات ملفات الترشح التي قدمها هؤلاء، خاصة في ما يتعلق باستمارات توقيع الناخبين والمنتخبين.

وتقدم بعض هؤلاء، على غرار سيدة الأعمال سعيدة نغزة، ورئيس تحالف حزبي بلقاسم ساحلي، بطعون إلى المحكمة الدستورية من أجل إنصافهم ومراجعة ملفاتهم، وفق مقتضيات القانون الانتخابي، فيما أذعن آخرون للأمر الواقع وسلموا بالنتائج المعلن عنها من طرف السلطة المذكورة.

وكان رئيس الهيئة محمد شرفي قد ظهر مرتبكا وغير متحكم في معطيات العملية برمتها خلال الندوة الصحفية التي عقدها للإعلان عن نتائج دراسة الملفات المودعة لدى السلطة المستقلة للانتخابات، وهو ما اضطره في عدة مرات إلى التوقف ومراجعة الوثائق أو الاستعانة بمساعديه في الكشف عن البيانات.

وانضمت المرشحة المنسحبة رئيسة حزب العمال اليساري لويزة حنون إلى جبهة منتقدي ومتهمي السلطة، بعد عودتها بالتفصيل إلى الأسباب والدواعي التي دفعت حزبها إلى الانسحاب من سباق الانتخابات الرئاسية ومقاطعته، بالتذكير بأن المعطيات التي تحدثت عنها حينها حول “وجود نوايا لإقصائها من السباق”، لقد ثبتت الآن بعد تعمد اللجنة التلاعب بملفات الترشح وحصر قائمة المتنافسين في مرشحين فقط ينافسان مرشح السلطة، الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون.

سعيدة نغزة، الراغبة في الترشح للانتخابات الرئاسية الجزائرية، نفت أن تكون قد أودعت 51 ألف استمارة توقيع للناخبين

ووصفت المتحدثة في لقاء حزبي تم بث تسجيله على الصفحة الرسمية له في فيسبوك، العمل الذي قامت به اللجنة بـ”الكارثة” و”المهزلة”، التي تنذر باستحقاق انتخابي يفاقم من أزمة البلاد ومن نفور الجزائريين من العمل السياسي والانتخابي.

وعادت المتحدثة للتذكير بمطالب حزبها الممهدة لأي استحقاق سياسي، والمتمحورة حول حزمة من إجراءات التهدئة السياسية، بفتح المجال أمام الحريات السياسية والإعلامية وإطلاق سراح معتقلي الرأي، ووقف الملاحقات الأمنية والقضائية لمعارضي السلطة، الأمر الذي يفرز مناخا يساعد على انخراط الشارع في العمل السياسي ويطوي صفحة القطيعة والمقاطعة المسجلة في الاستحقاقات الأخيرة.

وشبهت لويزة حنون الوضع السياسي السائد في البلاد بما هو سائد في تونس، غير أن المتحدثة أشارت إلى أن الرئيس التونسي بادر في الآونة الأخيرة ببعض التدابير المماثلة، وهو ما كان ينتظره وطالب به الحزب في وقت سابق من سلطات البلاد، إلا أن المؤشرات توحي بتمسك السلطة بممارساتها وسلوكاتها السياسية حتى ولو كان على حساب صدقية الاستحقاق السياسي، ودون اكتراث بتأجيج الغضب العام في البلاد، حسب المتحدثة. 

واستغرب متابعون حالة الفوضى والارتباك التي ظهر بها رئيس السلطة المستقلة محمد شرفي عند الإعلان عن نتائج العملية، خاصة وأنه ظهر غير متحكم في المعطيات والبيانات، رغم ثنائه في البداية على الإمكانيات المادية واللوجستية والبشرية التي سخرتها السلطة، من أجل ضمان عمل شفاف ونزيه يقود إلى انتخابات شفافة ونزيهة.

وبين اتهام الهيئة بالقصور والفشل في التنظيم والمراقبة الأولية، رغم أن العملية في بداياتها ويقتصر الأمر على عدد محدود من الملفات سواء المعلن عن استيفائها للشروط اللازمة أو تلك التي رفضت، وبين مرجح لدخول أكثر من تقرير أمام رئيس الهيئة تمهيدا لتفصيل مسار الانتخابات على مقاس معين، طرح مقصيون تحديات عملية على رئيس الهيئة، مما يضع الهيئة والاستحقاق معا محل شكوك وارتياب، ويفاقم من نفور الشارع من العمل السياسي والانتخابي.

متابعون استغربوا حالة الفوضى والارتباك التي ظهر بها رئيس السلطة المستقلة محمد شرفي عند الإعلان عن نتائج العملية

وفي هذا الشأن نفت الراغبة في الترشح سعيدة نغزة أن تكون قد أودعت 51 ألف استمارة توقيع للناخبين، فيما تحدث محمد شرفي عن “استلام هيئته للعدد المذكور، وأن حوالي 3800 استمارة فقط مقبولة والبقية مرفوضة لأسباب مختلفة”، وهو ما تحدت به السيدة رئيس الهيئة، وقالت في تصريح لها “إذا كان لدي 3800 استمارة توقيع لناخبين فقط مقبولة، فلتكشف اللجنة عن أصحابها أو يقوم شرفي بإعادتها لي.. أتحداه أن يفعل ذلك”.

وأضافت “لم أقدم أي استمارة توقيع للناخبين، فمن أين جاءت السلطة بذلك العدد؟ واكتفيت بتقديم 740 استمارة توقيع منتخبين، وكلها صحيحة ودقيقة وتم التأشير عليها في مصالح السلطة، وهو ما يسمح لي بالترشح للاستحقاق على اعتبار يوجب استيفاء 600 توقيع لمنتخبين على الأقل”.

وطرح بلقاسم ساحلي، المرشح عن تحالف حزبي، وسيدة الأعمال سعيدة نغزة، مسألة تكرار التوقيعات المعلن عنها من طرف السلطة، فيما كان رئيسها قد تعهد وجزم قبل ذلك بأن “التكرار لن يحدث”، لأن التطبيقة الإلكترونية المعمول بها في التوقيع مهيأة تقنيا لحظر تكرار التوقيع، وألمحا إلى أن السلطة عمدت إلى “هذه الحيلة لإقصاء بعض الوجوه من الترشح”.

ويعول الراغبان المذكوران على المحكمة الدستورية لاستعادة حقهما في الترشح للاستحقاق، وعدم تبديد جهود وثقة الذين وضعوا فيهما الثقة، وشددا على أن “المحكمة أمامها فرصة إنقاذ الانتخابات الرئاسية من التلاعب والتزوير المبكر لها”، لكن ثقتهما في المحكمة لم تبدد على ما يبدو المخاوف التي يشاركهما فيها فاعلون سياسيون من قدرة السلطة على الحفاظ على استقلاليتها وعلى تنظيم ومراقبة الانتخابات، وحتى تحولها إلى أداة في يد السلطة لتمرير مرشحها. 

وكان رئيس السلطة المذكورة، قد أعلن في ندوته الصحفية عن قبول ملفات ثلاثة مرشحين لخوض الاستحقاق الرئاسي، وهم يوسف أوشيش مرشح جبهة القوى الاشتراكية، وعبدالعالي حساني شريف، مرشح حركة مجتمع السلم، والمرشح المستقل والرئيس الحالي عبدالمجيد تبون.  

4