سلطان السبهان: الشعر تجربة إنسانية لا تؤتي ثمارها إذا كانت معزولة

الشاعر السعودي يعتبر أن برنامج "أمير الشعراء" مثّل فرصة كبيرة له ليخاطب الإنسانية ويؤدي رسالة الشعر.
الأربعاء 2019/04/10
القصيدة تجمل الحياة وتلون جوانبها المعتمة

توج مؤخرا الشاعر السعودي سلطان السبهان بلقب “أمير الشعراء” في الموسم الثامن من البرنامج الذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، ليكون هذا التتويج هو الثالث على التوالي لشاعر سعودي بهذا اللقب. “العرب” كان لها هذا الحوار مع الشاعر حول “أمير الشعراء” وقضايا أدبية وفكرية أخرى.

كان الشاعر السعودي سلطان السبهان، الفائز بإمارة الشعر في برنامج “أمير الشعراء” في دورته الثامنة، على ثقة بشعره ونصوصه، وهذا أغلى وأهم ما يملكه، وقد توقع الفوز في المسابقة الكبيرة، واعتبر مشاركته فيها مغامرة.

يقول السبهان معقبا على فوز شعراء سعوديين ثلاث مرات متتالية في “أمير الشعراء” وتوقف بيرق الشعر وبردته عندهم “إن هذا يزيد الأمر ثباتا ويقينا، وهو أن السعودية تتقدم خطوات ثابتة وطموحة في سبيل تعزيز الثقافة والإبداع، وأنها تمتلك كوكبة من الشعراء الذين يستحقون الاهتمام”، موضحا أن التصويت واحد من المعايير وليس كلها.

مسيرة التتويج

حين علم السبهان، الذي يعمل في وكالة جامعة الإمام لشؤون المعاهد العلمية، وأستاذا متعاونا في كلية الحقوق بجامعة الملك سعود، عن المسابقة في أول ظهورها (عام 2007) فرح كثيرا لإيمانه بأن الشعر تجربة إنسانية لا تؤتي ثمارها إذا كانت معزولة عن المتلقين، أو تحول بينها وبينهم بعض مخرجات الإعلام التي لا قيمة لها، غير أنه لم يخطر بباله أنه سيشارك يوما بها.

وعن قصيدته التي ألقاها في الحلقة الختامية من “أمير الشعراء” وكانت بعنوان “أُغالِبُ فيّ الطين” والتي أهداها لأولئك الذين يموتون من دون أن يشعر بهم أحد، وللنازحين، وللغارقين في عبّارة نينوى العراقية يقول السبهان “كان المنبر فرصة كبيرة لي لأخاطب الإنسانية وأؤدي رسالة الشعر في الوقوف بجانب الإنسان أيا كان بلده ودينه وثقافته، ولا أعتبر ذلك وقوفا على الأطلال البالية، بل وقوفا على الإنسانية المكلومة التي هي أغلى من الأطلال”.

رحلة رائعة ومهمة ومؤثرة
رحلة رائعة ومهمة ومؤثرة

وقد سعد السبهان كثيرا بآراء أعضاء لجنة التحكيم (المكونة من الدكاترة علي بن تميم وصلاح فضل وعبدالملك مرتاض) في قصيدته، قائلا “الحمدلله، فهؤلاء أساتذة كبار يعون ما يقولون، ويدركون قيمة النقد، وأنا سعيد بجميع انطباعاتهم الجيدة التي رافقتني طيلة مسيرتي في البرنامج”.

ويوضح السبهان “الدكتور علي بن تميم أحد كبار النقاد ورمز من رموز الحركة النقدية، يتمتع بالذكاء العالي، وربط النصوص ببعضها البعض، وحين سمعت كلامه تفاءلت كثيرا في الحقيقة”.

يقول صاحب “تفاصيل أخرى للماء” في أحد أبيات قصيدته:

أفتشُ في الصّلصالِ عن صوتِ آدمٍ/ وضحكاتُهِ الأولى على الأرض تُعشِبُ

وهو بيت شعري أراه قصيدة كاملة، ويعقب الشاعر على هذا الرأي بقوله “إن قصيدة الومضة الشعرية، والأشكال المكثفة من النصوص، هي أحد الأشكال التي فرضت نفسها ووجودها ولها محبوها والمهتمون بها، لكنها قد تتناسب مع نوع من الأفكار، وتقصر عن الوفاء بشروط التأثير في مواضيع وأفكار أخرى، وليس تجربة فيها، مع إعجابي الكبير ببعضها”.

ويثمن سلطان السبهان صاحب ديوان “ما لا يجيء” رحلته في “أمير الشعراء” قائلا “كانت رحلة رائعة ومهمة ومؤثرة، بحثت عن نفسي فيها ووجدت الكثير من الحب والشعر والتواصل والتعرف على أصدقاء كثر هم من نخبة الشعراء”.

عن قول أحد النقاد: بلغ الشعر منتهاه وأيقن فشله الإصلاحي والتنويري، يرى السبهان أنه كثيرا ما تخلخل إيمان بعض النقاد بجدوى الشعر والفنون الكلامية الإبداعية، وفي كل مرة يعودون ليجددوا بيعتهم للشعر مستمعين ومستمتعين ومعولين عليه في النهوض بالذوق والإبداع والمعرفة والوصول إلى المنشود من الصلاح الذاتي، والإغراء بالبحث والمقارنة.

الشعر وقضايا أخرى

يرى السبهان أن القصيدة تجمل الحياة وتلون جوانبها المعتمة، وترصد الواقع وتخفف من قبحه وتنتهض به ليكون أجمل وأصدق. كما أنها تحاول أن تقترب بالإنسان من الجمال المطلق ليلامس شيئا من المعنى.

وأذكر صاحب “يكاد يضيء” بقول للشاعر محمود درويش، قبل رحيله، فقد كان يرى أنه يمكن اختصار المتنبي في مئة صفحة. ويوافق السبهان على هذا الرأي قائلا “أوافق على هذا الرأي تماما، لا يمكن أن نصف أي نتاج شعري بالخلو من العادي، لذا لا أجد جدوى في أسئلة من نوع ‘من هو شاعرك المفضل‘ فكل شاعر لديه الجميل المحلّق ولديه العادي، حتى درويش نفسه”.

وعن الميديا الجديدة وشبكة الإنترنت وأهميتها في حياتنا قال السبهان “لا ينكر أحد فضل شبكة الإنترنت في تغيير موازين العالم بأسره وليس فقط الأدب. وبحكم وجودي كمستشار في موسوعة أدب العالمية على الشبكة، فقد رأيت ولمست بنفسي أثر الإنترنت في الأدب والشعر على وجه الخصوص”.

أما عن النقد الأدبي فيقر بأنه مهم جدا، فحين يعي الناقد دوره الحقيقي في تسريع خطوات التميز لدى الشاعر، ورصده للمسارات والاتجاهات اللغوية والإبداعية، يكون الشعر في أفضل حالاته، وحين يجنح النقد للمرابطة في ترصد الزلل والبحث عن الإثارة، يقل أثره، بل قد يتحول إلى عملية سلبية.

ويرى السبهان أن الشعر الشعبي لون جميل له رواده ومحبوه، وله أثره البالغ، وجمهوره شريحة كبيرة من المجتمع. ويضيف “لست مع اللهجة الشعبية في مجال البحوث والدراسات والتمثيل العالمي للأمة، لكن معها كجناح إبداعي يكرس للجمال”.

وعن دور الشعراء العرب حاليا في التصدي للأزمة الراهنة التي يتعرض لها العالم العربي الآن بتجلياتها سواء في العراق أو فلسطين أو سوريا أو ليبيا.. إلخ، يقول السبهان “عليهم فقط أن ينتصروا للقضايا العادلة، بشعرهم ومواقفهم، وأن لا يستخدموا الشعر لتمزيق الأوطان، وتوسيع هوة الخلاف بين الناس”.

وهو يرى أن مهمة الشعر الآن أن يحافظ على رزانته، ولا ينجرف وراء التفاهة والخلل، وأن يبقى متعاليا، واثقا، مميزا. أما عن مستقبل الشعر العربي، في ضوء التطور الحاصل الآن في القصيدة العربية فيقول: تعدد المدارس والتوجهات الكتابية شيء جميل ويصب في مصلحة الجمال والإبداع. ويبقى الشعر الموزون المقفى هو الرهان الذي لم يخسر على مدى عصور متعاقبة.

السبهان: القصيدة تجمّل الحياة وتلوّن جوانبها المعتمة
السبهان: القصيدة تجمّل الحياة وتلوّن جوانبها المعتمة

 

15