سلطات شرق ليبيا تنفتح على واشنطن مع الحفاظ على تحالفها مع روسيا

تسعى سلطات شرق ليبيا إلى المزيد من الانفتاح على الولايات المتحدة دون تجاهل تحالفها مع روسيا، وهو ما عكسته الزيارات المتكررة لمسؤولين من البلدين إلى المنطقة، خصوصا زيارات نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مدينة بنغازي.
بنغازي (ليبيا) - جاءت زيارة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى بنغازي بعد أيام من زيارة وفد أميركي بقيادة المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند إلى سبها والحديث عن تعاون لتطوير الخدمات جنوب ليبيا، لتؤكد أن سلطات شرق البلاد تراهن على الانفتاح على الولايات المتحدة مع الإبقاء على تحالفها مع روسيا.
وكانت زيارة الوفد الأميركي إلى مطار سبها قد أثارت نقاط استفهام كثيرة بشأن العلاقة بين الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر وروسيا باعتبار أن الجنوب بات منذ سنوات نقطة تمركز مجموعة فاغنر التي يقال إنها تسيطر على قاعدة براك الشاطئ التي تبعد كثيرا عن مطار سبها.
وفي هذا الإطار، ذكرت وكالة "نوفا" الإيطالية، أن الديناميكيات بين القوتين تنعكس أيضًا في العلاقات الداخلية لعائلة المشير خليفة حفتر وخصوصا بين ابنيه، حيث يبدو صدام أكثر انفتاحًا على التعاون مع الولايات المتحدة، بينما يحتفظ خالد بعلاقات وثيقة مع موسكو، وهي المنافسة الأخيرة التي تسلط الضوء على التنافس المتزايد بين روسيا والولايات المتحدة في المشهد السياسي والعسكري الليبي.
ومن غير المعروف ما إذا كانت الولايات المتحدة قد دخلت في منافسة على النفوذ مع روسيا في المناطق الخاضعة لسيطرة حفتر وخاصة الجنوب القريب من منطقة الساحل.
وأوضحت من خلال تقرير لها أن نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف تكررت زياراته إلى بنغازي منذ أغسطس 2023، مما عزز الشائعات بأن موسكو بدأت تشكيل “الفيلق الأفريقي” في ليبيا ليحل محل قوات مجموعة فاغنر، الذي سيعمل ليس فقط في ليبيا، ولكن أيضًا في بوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر.
وخلال زيارته منذ أيام قليلة إلى مدينة سبها، قال نورلاند في تصريح نشرته السفارة الأميركية عبر حسابها على منصة إكس "إنه لشرف لي وللقائم بالأعمال برنت أن نكون في سبها؛ حيث نجتمع اليوم مع مسؤولين وشركاء ليبيين للتأكيد على التزامنا المشترك بدعم الجهود المبذولة في جميع أنحاء البلاد لتحقيق الاستقرار والازدهار على المدى الطويل."
◙ وسائل إعلام غربية تحدثت عن وصول 1500 مقاتل روسي إلى شرق ليبيا، لاستبدال مجموعة فاغنر بالفيلق الأفريقي
وتأتي زيارة نورلاند ومرافقيه إلى مدينة سبها في إطار النهج الأميركي الجديد الذي يركز على جنوب ليبيا، القريب من مناطق التوتر في الساحل الأفريقي حيث ستعمل الولايات المتحدة في عدة مجالات مثل “التنمية السياسية والدفاعية التي تسهم في تحقيق الاستقرار مثل مساعدة المجموعات في المنطقة بعد الصراع في 2019 و2020، وهذا مجرد مثال واحد،” وفق ما أعلنه نورلاند في سبتمبر الماضي.
وتخطط الولايات المتحدة للعمل مع القوات المسلحة الليبية في طرابلس وبنغازي للمساعدة في الوصول إلى تفاهمات مشتركة تمكنهم من العمل معًا وتشكيل قوة عسكرية لتأمين المناطق الحدودية جنوب البلاد. وتتحرك الولايات المتحدة في غرب ليبيا خلال الفترة الأخيرة على عدة مستويات، سواء بالتدريب أو بزيارة عسكريين أميركيين لقواعد وتمركزات عسكرية ليبية رفقة رئيس الأركان التابع لحكومة الوحدة الوطنية محمد الحداد، دون الكشف عن طبيعة الزيارات وأهدافها.
وتستمر واشنطن في اعتمادها على جسور تواصلها مع المشير خليفة حفتر بما يساعدها على فهم ما يدور في المنطقة الخاضعة لنفوذ قواته وعلى الاطلاع على وجهات نظره بخصوص التحولات الداخلية والإقليمية التي تلامس اهتمامات سلطات شرق ليبيا في سياق تحالفاتها مع القوى المؤثرة في المنطقة، وخاصة من حيث رسم ملامح الخارطة الجيوسياسية التي بدأت في التشكل على نطاق واسع.
في المقابل، ولترسيخ نفوذها في شرق ليبيا وجنوبها عولت موسكو خلال السنوات الماضية على مجموعة فاغنر العسكرية، ولم يكن هنالك أيّ مؤشر واضح على تعامل عسكري رسمي بين موسكو والسلطات شرق ليبيا رغم الزيارات المتبادلة. وفي وقت سابق، تحدثت وسائل إعلام غربية عن وصول نحو 1500 مقاتل من القوات الروسية النظامية إلى شرق ليبيا، في إطار الخطة الروسية لاستبدال مجموعة فاغنر بعناصر من الفيلق الأفريقي.
وكثيرا ما ربط مراقبون تردد روسيا في إعلان وجودها بشكل رسمي شرق ليبيا بغياب حكومة شرعية معترف بها دوليا تكون مؤيدة لهذه الخطوة، حيث كانت كل الحكومات قريبة من الغرب بالإضافة إلى أنها المنافس للسلطات في الشرق. وكان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين قد دافع عن وجود بلاده العسكري في شرق البلاد وجنوبها.
وبداية العام الجاري، أسست روسيا "فيلق أفريقيا" الذي يضم نحو 45 ألف مقاتل ليحل محل مجموعة فاغنر لحماية المصالح الإقليمية الروسية، وفضلا عن السيطرة العسكرية على طرق التهريب، فإن هذا الفيلق مكلف بتأمين مصادر الموارد مثل حقول النفط والغاز، فضلاً عن مناجم الذهب والماس في القارة.