سلسلة "زيارة" الوثائقية في موسمها الثامن تحية لبيروت بعيون 12 فنانا

السلسلة تعبر عن حب وتعاطف واحترام وإعجاب وتكريم للمشاعر الإنسانية بلغة شاعرية بصرية تجريبية لا حدود لها.
السبت 2024/06/01
موريال أبوالروس: "زيارة" هي شعر ورسم وحب بلغة بصرية

بيروت - خصصت سلسلة “زيارة” الوثائقية في موسمها الثامن عبر يوتيوب تحية لبيروت بعيون 12 فنانا، وأقيم العرض الأول لها مساء الخميس في ساحة الشهداء ضمن افتتاح مهرجان ربيع بيروت بحضور شخصيات سياسية وفنية وثقافية.

استهل الاحتفال بتحية للإعلامية الراحلة جيزيل خوري، من خلال عرض فيلم قصير تحدثت فيه عن بيروت ومؤسسة "سمير قصير"، ثم عُرضت أفلام قصيرة مدة كل منها خمس دقائق لعدد من كبار الأسماء في عالم الرقص والمسرح والتلفزيون والموسيقى، وهم: جورجيت جبارة، روجيه عساف، رفعت طربية، رندة كعدي، فايق حميصي، زياد الأحمدية، ميراي معلوف، تقلا شمعون، هاروت فازليان، أميمة الخليل، نقولا دانيال ورندا الأسمر.

وتحدثت المنتجة دنيز جبور قائلة “لقد أهدينا الموسم الثامن إلى مدينة بيروت التي أعطتنا الجمال والحب والبشاعة والأسى والحرب والدمار، ولكن أجمل ما أعطتنا  إياه هو معنى الحرية لنكون مبدعين ونخلق أشياء نؤمن بها ونحقق هذه الأحلام”، مضيفة أن “خيار إقامة العرض الأول لهذا الموسم في ساحة الشهداء، لرمزية هذه الساحة التي تحمل رسائل مهمة، من ثورات مختلفة وأفكار متباينة، ونشعر بالحزن حين نرى أضواءها مطفأة خالية كأننا في مدينة أشباح".

◙ بيروت تبقى على الدوام منصة لكل الأفكار والأديان ودرسا للمجتمع عن الحرية
◙ بيروت تبقى على الدوام منصة لكل الأفكار والأديان ودرسا للمجتمع عن الحرية

وتابعت "لأننا نكرم مدينة بيروت، أحببنا أن نكون في هذه الساحة لنعيد إليها الحياة ولو لليلة واحدة لتصدح من قلبها أصوات هؤلاء الفنانين المشاركين في كل أنحاء مدينة بيروت. صورنا الحلقات مع 12 بطلا، هم  ست نساء وستة رجال ساهموا في تأسيس المسرح اللبناني، وشاركوا في النهضة الثقافية والفنية في البلد ويروون علاقتهم بهذه المدينة التي كانت مساحة كبيرة للحريات والجمال والفن والثقافة وكيف تحولت مع الحرب والأزمة الاقتصادية وانفجار الرابع من أغسطس وكل ما عاشته من حروب ونزاعات. تدمرت وتشوهت ودائما يبقى فيها أمل، كما يرون، ليعيش الإنسان ويحب ويبدع".

وفي حلقات هذا الموسم من "زيارة" الذي أنجز بدعم صندوق بيريت التابع لليونسكو وتولت إخراجه وتصويره كما المواسم السابقة موريال أبوالروس، روت جورجيت جبارة مثلا كيف أنها "في خضم الحرب، بينما كانت البواخر تنقل اللبنانيين المهاجرين"، كانت منهمكة في بناء مدرستها للرقص في الزوق "حجرا حجرا" وكيف أنجزت أعمالا بارزة حصدت جوائز "تحت القنابل".

وذكر روجيه عساف أن "بيروت كانت منصة لكل الأفكار والأديان ودرسا للمجتمع عن الحرية"، وأسف لأن "بيروت دمرت وأزيلت واقتلعوا آثارها وسكانها وأبنيتها وأجواءها"، ووصف السنوات ما بعد 2019 بأنها "أصعب مرحلة" في حياته "إذ انطفأت الثورة وانطفأ كل شيء. إنه الموت البطيء".

وقارنت ميراي معلوف بين بيروت وبرودواي، حيث المسارح النيويوركية الشهيرة، ولاحظت أن العاصمة اللبنانية كانت “ملتقى الشعراء والكتاب بالفنانين”، وقالت “في ثمانينات القرن العشرين كان لدينا  تعلق بالحياة، إنما اليوم الجو العام فيه كآبة ونعيش في زمن الدمار الشامل". وشدد رفعت طربية على أن "بيروت كانت عاصمة الحريات في العالم العربي"، وقال "توجنا بيروت الحبيبة بهالة المسرح، والمسرح هو مقياس حضارة أي شعب، ولكن خربوها".

واعتبرت رندة كعدي أن الحرب أفسدت طفولتها ووأدت أحلامها، وقالت "كانت بيروت تتمزق وقلبي أيضا. لدي غضب على هذا الوطن. فالوطن أم، ولكن ما هذه الأم التي لا تحضن أولادها؟". وأشار فايق حميصي إلى أن “بيروت أم للتجارب الجديدة التي تحتضنها”، وقال “أعطتني فرصة أن أعتلي المسرح وأن أكون مختلفا". أما رندا الأسمر فروت أن المسرح كان خلال الحرب “ملجأ وعلاجا لتنسى الواقع والقصف والعذاب”، وقالت “بيروت كانت فيها إمكانات كبيرة للفرح والأناقة والثقافة والفن” وكانت “مدينة حرة”، لكنها اليوم “لم تعد المدينة التي أعرفها".

◙ الاحتفال استهل بتحية للإعلامية الراحلة جيزيل خوري، من خلال عرض فيلم قصير تحدثت فيه عن بيروت ومؤسسة "سمير قصير"

ولاحظ نقولا دانيال أن بيروت “كانت أجمل مدينة للعيش، إذ كانت تضج بالحياة، ولكن اليوم اختفت معالمها”، ما يجعله يعيش "في غربة قاتلة. كلما نهض البلد يتعرض لضربة على رأسه". وأخبرت تقلا شمعون كيف تهجرت مرتين خلال الحرب، وقالت “شعرت بالخوف بعد التهجير الثاني في 1982 فكان الخيار أن نعيش في بيروت التي كانت يا للأسف مقسمة. لا أستطيع أن أعيش خارج لبنان".

ورأى زياد الأحمدية أن “اللبناني يجيد تدبر أمره في أي ظروف يعيش فيها. إنه شعب يعتمد على نفسه. من لا شيء يصنع أشياء". ووصفت أميمة الخليل بيروت بأنها “مدينة حزينة مهزومة مكسورة، ليس فيها شيء جميل لكنها جميلة، ولا أعرف من أين تأتي بهذا السحر". واستعاد هاروت فازليان ذكريات مسرحيات الأخوين رحباني التي كان يحضرها كونه ابن المخرج بيرج فازليان، وقال “لا نستطيع أن نعيش من دون فن ومن دون موسيقى. إذا لم يكن يوجد حب وأمل لا نملك شيئا".

وشرحت المخرجة ومديرة التصوير موريال أبوالروس أن “فلسفة ‘زيارة’ انطلقت في الأساس من الرغبة في تصوير أشخاص يشكلون مثلا أعلى لنا جميعا ويحفزوننا على الاستمرار رغم كل الصعوبات”، وأكدت أن “لغة زيارة السينمائية تعتمد على الحدس في التصوير الذي لا يقوم على تحضير أو تصميم مسبق".

ورأت أن “زيارة” هي عبارة عن "شعر ورسم وحب بلغة بصرية وسمعية تتيح الاستماع إلى الشخص والشعور به قبل اكتشافه، بغض النظر عن اللون والدين والاختلافات الموجودة بيننا جغرافيا". وأضافت “هذه السلسلة هي بمثابة حب وتعاطف واحترام وإعجاب وتكريم للمشاعر الإنسانية بلغة شاعرية بصرية تجريبية لا حدود لها”. وخلصت إلى القول "ما دمت أكسر الحدود التي في داخلي، ستتطور ‘زيارة'".

وتقف جمعية "هوم سينه جام" Home of Cine – Jam للفنون الإنسانية التي أسستها جبور وأبوالروس وراء مبادرة "زيارة"، إذ تهدف الجمعية إلى "إلهام وتحفيز الشفاء العاطفي الاجتماعي من خلال الأفلام القصيرة أو المسلسلات وتوثيق المشاعر الإنسانية من خلال الفنون السمعية والبصرية".

12