سلام هش في ليبيا قائم على تفاهمات تركية – روسية

طرابلس- جاءت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لتؤكد أن السلام الهش الذي تشهده ليبيا قائم على تفاهمات روسية – تركية لن تسمح بعودة ليبيا إلى مربع الحرب من جديد.
ويسود هدوء حذر في ليبيا بعد اشتباكات شهدتها العاصمة طرابلس خلال الأيام الماضية، تخللتها مخاوف من توسع الصراع وانخراط قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.
وتزايدت هذه المخاوف مع الاستعراض العسكري الضخم الذي نظمه الجيش في بنغازي بمناسبة ذكرى إطلاق عملية الكرامة والتصريحات التي أطلقها حفتر خلال الاستعراض وتلويحه بإمكانية تكرار الهجوم على طرابلس مرة أخرى.
وبدت تصريحات لافروف بمثابة طمأنة لليبيين الذين أثارت تلميحات حفتر مخاوفهم من تكرار حرب طرابلس التي مازال الليبيون لم يتجاوزا تداعياتها إلى اليوم. وما زاد من تأجيج مخاوفهم حضور نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف للاحتفالات.
يسود انطباع بأن حالة الحرب والسلم بيد الروس والأتراك وهو ما أكدته تصريحات لافروف الثلاثاء خلال لقائه بنظيره التركي هاكان فيدان
وكانت قوات تابعة لحفتر قد تقدمت نحو سرت بالتزامن مع اندلاع اشتباكات في العاصمة طرابلس كانت تهدف لتفكيك قوة الردع وتصفية قائدها عبدالروؤف كارة كما حصل مع جهاز دعم الاستقرار وتصفية قائده عبدالغني الككلي المعروف بـ”غنيوة”.
وتشير تسريبات إلى أن حفتر وأبناءه وخاصة صدام قد نجحوا خلال السنوات الأخيرة في ربط علاقات مع الميليشيات في طرابلس. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لنائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني يتحدث فيه عن نفوذ صدام القوي في طرابلس الذي قال إنه أصبح يضاهي نفوذ الدبيبة أو أكثر.
وكانت مصادر قد تحدثت الأيام الماضية عن تدخل تركي أوقف الهجوم الذي كان رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة يسعى لتنفيذه لتفكيك قوة الردع، معتبرة أنه لولا تدخل القوات التركية كانت قوات الدبيبة ستحقق هدفها رغم تحرك قوات من مختلف المناطق في غرب ليبيا لدعم قوة الردع.
وشن حفتر في 2019 حربا على العاصمة طرابلس استمرت لحوالي ثلاث سنوات وانتهت بخسارته لكل مواقعه في جنوب العاصمة وسحب قواته إلى الشرق على وقع التدخل التركي واستخدام الطيران التركي المسيّر الذي قلب موازين المعركة لصالح قوات طرابلس رغم دعم فاغنر لقوات حفتر.
ويسود انطباع منذ ذلك الحين بأن حالة الحرب والسلم بيد الروس والأتراك وهو ما أكدته تصريحات لافروف الثلاثاء خلال لقائه بنظيره التركي هاكان فيدان.
وكشف وزير الخارجية الروسي أن روسيا وتركيا اتفقتا على استخدام نفوذهما على الأطراف الليبية لمنع استئناف العمليات القتالية في البلاد.
وقال لافروف، عقب محادثاته مع نظيره التركي هاكان فيدان “اتفقنا على استخدام نفوذنا على الأطراف الليبية، من أجل منع تصعيد جديد يهدد باستئناف الأعمال العدائية،” بحسب ما ذكرته وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء.
وكان حفتر قد أكد الاثنين حرص “القيادة العامة” على “وحدة ليبيا وسلامة أراضيها،” مضيفا أن “القوات المسلحة ستكون لها الكلمة الفصل في اللحظة الحاسمة“.
ونوه في كلمته خلال الاحتفال بالذكرى الحادية عشرة لعملية الكرامة بدور قوات “القيادة العامة” في “دحر قوى الإرهاب والتطرف” مؤكدا أنها “قاتلت بالنيابة عن العالم بأسره“.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي “لقواتكم المسلحة هو استعادة الدولة الليبية وهيبتها وتعزيز الأمن والاستقرار وأن تكون ليبيا آمنة مستقرة موحدة ونحن مع إرادة الشعب الليبي ورهن إشارته“.
وجاءت تصريحات حفتر بالتزامن مع مظاهرات تطالب برحيل رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة وإحياء محاولات جديدة لإزاحته بتشكيل حكومة جديدة وهو ما لا تدعمه البعثة الأممية في الوقت الحالي، ما يجعل الإصرار على تشكيل الحكومة الجديدة نوعا من العبث السياسي الذي سيقود في أقصى الحالات إلى حكومة ثالثة أو حكومة تحل محل حكومة أسامة حماد في بنغازي.
وشهدت طرابلس في الفترة من 12 إلى 15 مايو اشتباكات عنيفة بين جماعات مسلحة وقوات موالية للحكومة بعدما قررت حكومة الوحدة الوطنية تفكيك “جميع الميليشيات” التي تسيطر على المدينة.
واندلعت معارك عنيفة أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، بحسب الأمم المتحدة، حتى التوصل إلى هدنة الخميس الماضي.
ورغم عودة الهدوء النسبي إلى المدينة منذ ذلك الحين، ما زال الوضع متقلبا جدا مع خروج مظاهرات رافضة لاستمرار الدبيبة وأخرى مؤيدة له وهو ما يثير مخاوف مراقبين من انفلات الوضع في طرابلس.