سكان مخيم جنين محاصرون بنيران السلطة الفلسطينية والمسلّحين

الاشتباكات في المخيم أدت إلى مقتل 14 فلسطينيا، ستة منهم من رجال الأمن وسبعة مدنيين ومسلح واحد.
الثلاثاء 2025/01/07
الاشتباكات تشل الحركة في المخيم

جنين (الضفة الغربية) - تخلو شوارع مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية المحتلة من المارة باستثناء بعض الذين ينتظرون لشراء الخبز أو العائدين لتفقد منازلهم التي فرّوا منها على وقع اشتباكات متواصلة منذ شهر بين مجموعة مسلحة والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.

وتدور منذ الخامس من ديسمبر مواجهات بين عناصر من أجهزة السلطة التي تقودها حركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس، و”كتيبة جنين” التي تسيطر على المخيم وتتألف من مسلّحين ينتمون إلى فصائل عدة منها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.

وتضاف حلقة العنف الجديدة هذه في الضفة الغربية إلى المواجهات الناتجة عن الغارات والمداهمات الإسرائيلية وهجمات المستوطنين، والتي ازدادت بنسبة كبيرة منذ بدء الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر 2023.

وتبدو آثار الدمار والرصاص جلية في مختلف أنحاء المخيم، وبعض هذه الآثار حديثة العهد جراء الاشتباكات الأخيرة، بحسب سكان.

وأغلقت المحال أبوابها في الأزقة المتضررة، بينما نصب المسلّحون متاريس حديدية لعرقلة تقدم قوات الأمن الفلسطينية التي تنتشر في مداخل المخيم في عربات عسكرية سوداء.

ويقول مؤيد السعدي (53 عاما) الذي كان يقود دراجة هوائية تسهّل تنقّله في المخيم “عدت فقط للاطمئنان على منزلي” بعدما غادره وأولاده الثلاثة للإقامة في مدينة جنين في ظل انقطاع الكهرباء والمياه.

نحو ثلاثة آلاف من سكان مخيم جنين اضطروا إلى المغادرة منذ اندلاع المواجهات خوفا على حياتهم وحياة عائلاتهم

وأدت الاشتباكات في المخيم، الذي يناهز عدد سكانه 17 ألف نسمة، إلى مقتل 14 فلسطينيا، ستة منهم من رجال الأمن وسبعة مدنيين ومسلح واحد.

وبحسب مصادر في اللجنة الشعبية المحلية غادر نحو ثلاثة آلاف من السكان المخيم منذ اندلاع المواجهات خوفا على حياتهم وحياة عائلاتهم.

وتُسمع بين الحين والآخر أصوات لإطلاق نار من داخل المخيم نحو نقاط للأجهزة المتمركزة عند أطراف المخيم.

وبعدما توقفت المخابز عن العمل بسبب المعارك، يصطف سكان أمام محل أم هاني لشراء خبز يصل من خارج المخيم.

وتقول السيدة السبعينية “أعايش الحروب منذ كان عمري ثماني سنوات، لكن ما يحدث اليوم لم أره منذ حرب يونيو 1967” التي احتلت خلالها إسرائيل الضفة الغربية.

وتضيف “ليأتوا (رجال الأمن) ويعتقلوا من يريدون، نحن لا علاقة لنا بذلك.”

وتتحدث سيدة ثلاثينية، فضّلت عدم كشف اسمها، قائلة “الجميع يريدون الحكي لكنهم غير قادرين خوفا من ردود فعل الطرفين… لكننا نعاني وغير قادرين على الخروج أو الدخول إلى المخيم.”

مصادر إعلامية عبرية كشفت أن السلطة الفلسطينية طالبت إسرائيل بتزويدها بالمزيد من الأسلحة، لكن الأخيرة تحفظت على الطلب

وأعلنت السلطة الفلسطينية أنها تنفّذ عملية سمتها “حماية وطن”، لاعتقال المسلحين الذين تعدّهم “خارجين عن القانون” ومصادرة أسلحتهم. ويقول متابعون إن السلطة متمّسكة بإنهاء “الحالة المسلّحة” في المخيم.

ويتهّم المسلحون السلطة بخدمة أهداف إسرائيل.

ويقول أحد المسلحين، وكان برفقة آخرين يحملون بنادق “إم 16″، “هم (رجال السلطة الفلسطينية) لا يريدون أي مقاومة ضد الاحتلال،” متهما السلطة بقطع المياه والكهرباء عن المخيم.

ويضيف “بالنسبة إلينا كمقاتلين، نحن معتادون على هذا الحصار،” متابعا “لكن بالنسبة إلى سكان المخيم هو مأساوي وصعب جدا على المدنيين، لا يوجد لديهم ماء ولا طعام، وتوقفوا أيضا عن العمل.”

ويرفض الناطق باسم الأجهزة الأمنية أنور رجب تهمة فرْض “حصار”. ويقول “نحاول تجنيب المواطن أي آثار جانبية للعملية، لكن الخارجين عن القانون يهدفون إلى التضييق على المواطنين وتنغيص حياتهم اليومية.”

ويتابع “نحن لا نحاصر المخيم لأن مشكلة الأجهزة الأمنية ليست مع سكان المخيم، وإنما مع الخارجين عن القانون… الناس يدخلون ويخرجون من المخيم بشكل اعتيادي،” مشيرا إلى أن “المسلحين هم من يطلقون النار على طواقم الكهرباء والماء كلما حاولت إصلاح الشبكات،” وذلك لأنهم “لا يريدون كشف تحركاتهم.”

وسبق أن كشفت مصادر إعلامية عبرية أن السلطة الفلسطينية طالبت إسرائيل بتزويدها بالمزيد من الأسلحة، لكن الأخيرة تحفظت على الطلب.

Thumbnail

وكان مسؤول في السلطة فضّل عدم كشف هويته أكد سابقا لفرانس برس أنّ “الرئيس محمود عباس يرفض بشكل قاطع أي وساطة… ويشدّد على أن يسلّم هؤلاء أنفسهم وأسلحتهم للسلطة الفلسطينية.”

وبدأت الأحداث عقب اعتقال الأجهزة الأمنية قياديا ميدانيا من كتيبة جنين بتهمة حيازة أسلحة وأموال، أعقبه قيام مسلحين بمصادرة مركبتين تابعتين للسلطة الفلسطينية.

ولاحظ مراسلون أن عددا محدودا من سكان مخيم جنين يتنقل بمركباته، بينما يمشي آخرون سيرا على الأقدام عبر الأزقة والطرق الفرعية لقضاء حوائجهم.

وردا على سؤال بشأن الطرق الخالية، يقول مسلح “الناس (بقوا) في منازلهم خوفا من الاستهداف العشوائي.”

ويضيف “قُتل أب وابنه وهما على سطح منزلهما،” وقبل ذلك “قتلت الصحافية شذى أمام منزلها،” في إشارة الى شذى الصباغ التي قضت أواخر ديسمبر الماضي.

وتتبادل الأجهزة الأمنية وكتيبة جنين الاتهامات بالتسبب في سقوط المدنيين.

ويقول ملثّم في التاسعة عشرة من عمره “إذا كانوا يريدوننا نحن، لمَ لا يستهدفوننا نحن كفصائل مقاومة وكتيبة جنين، لماذا يستهدفون المدنيين؟” مضيفا “لن نتراجع”.

 

اقرأ أيضا:

       • عودة إلى ضجيج صفقة الأسرى

       • نظرة فاحصة لليوم التالي لغزة بعد تولي ترامب

2