سكان مجد الكروم العربية الإسرائيلية ينشدون انتهاء الحرب

القدس - تعيش أريج مناع، في مجد الكروم في شمال إسرائيل، في ذعر من تعرض بلدتها التي تفتقر إلى الملاجئ العامة، لسقوط صواريخ. فقد أخذت منها الحرب ابنتها أرجوان (24 عاما)، ولم تعد تريد سوى وقف الحرب والموت.
قبل ساعات على إعلان محتمل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي، تتمنى أريج مناع (42 عاما) “ألا يقتل أحد. كفى موتا كفى حربا… نحن لا نشعر بالأمان.”
وتروي أن ابنتها قتلت في 25 أكتوبر جراء سقوط صاروخ على مكان عملها في مجد الكروم، القرية العربية الإسرائيلية التي لم يغادرها أهلها كما مناطق حدودية أخرى في الشمال أكثر قربا من الحدود اللبنانية.
وتضيف باكية “هذه الحرب أخذت مني ابنتي، روحي.. أخذت قلبي، أخذت صديقتي. أنا غير مصدّقة.. أقول أحيانا لنفسي أنها ستعود، وأنه حلم. أنا في حالة ذهول، عندما أسمع صفارة إنذار، أصاب بالهلع.. وأتخيّل ابنتي أمامي.”
بلدة مجد الكروم في الجليل الأعلى يسكنها 17 ألف شخص. ويتهم السكان السلطات الإسرائيلية بعدم توفير ملاجئ لهم
ويسكن بلدة مجد الكروم في الجليل الأعلى 17 ألف شخص. ويتهم بعض السكان السلطات الإسرائيلية بعدم توفير ملاجئ لهم كما تفعل مع السكان الآخرين.
ويقول رئيس المجلس البلدي سليم صليبي “مجد الكروم باتت جزءا من الحرب والمعارك، فقد سقط أكثر من 13 صاروخا مباشرا علينا، إضافة إلى شظايا الصواريخ جراء تصدّي منظومة القبة الحديدية. وقد تسبّب ذلك بقتل شخصين وجرح العشرات.”
ويضيف “لا توجد لدينا ملاجئ عامة مثل تلك التي تبنيها الدولة. بيوتنا غير آمنة وشوارعنا غير آمنة، فبيوت البلدة قديمة،” مشيرا الى وجود عدد قليل من المنازل “المرخّص لها والتي يفرض عليها بناء غرفة صغيرة كملجأ.”
إلا أنه يؤكد أن “70 في المئة من مساحة البلدة غير آمنة.”
ويتابع “الوقت بين انطلاق صافرات الإنذار والهروب إلى الملاجئ قليل جدا، فقط 30 ثانية، ما لا يسمح للمرء بأن يتحرّك أكثر من ستين إلى سبعين مترا، والملاجئ غير متوافرة.”
ويشير صليبي إلى أن الدولة وضعت في شوارع مجدل الكروم ستة ملاجئ متنقلة يتسّع كلّ منها لـ13 شخصا. وتبرّع سكان لشراء ثمانية ملاجئ أخرى.
الدولة وضعت في شوارع مجدل الكروم ستة ملاجئ متنقلة يتسّع كلّ منها لـ13 شخصا. وتبرّع سكان لشراء ثمانية ملاجئ أخرى
في كرمئيل، “يوجد 129 ملجأ عاما”، وفق صليبي، الذي يقول “الدولة وفّرت لكرمئيل أضعاف ما حصلنا عليه من ملاجئ مؤقتة.”
ويرى أن “العرب يدفعون الثمن لعدم وجود ملاجئ في بلداتهم،” مشيرا إلى وقوع قتلى عرب في القصف، ومعتبرا أن “الدولة تتعامل مع المجتمع العربي باستهتار.”
بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، فتح حزب الله ما اسماه “جبهة إسناد” لغزة عبر الحدود اللبنانية وبدأ تبادل إطلاق النار والقصف مع إسرائيل، إلى أن تحوّلت المواجهة إلى حرب مفتوحة في 23 سبتمبر.
وكثّفت إسرائيل منذ ذلك التاريخ قصفها على مناطق تعتبر معاقل لحزب الله في لبنان، ما تسبّب بسقوط مئات القتلى. وزاد حزب الله من وتيرة إطلاق الصواريخ على مناطق عدّة في شمال الدولة العبرية وصولا إلى وسطها، ما أوقع قتلى وإصابات.
ووضع أحد المقاولين عددا من عبّارات الصرف الصحي المصنوعة من الإسمنت والتي كان يفترض تركيبها في مجد الكروم، في تصرّف الأهالي كملاجئ، ووُضعت عند مداخلها أكياس من الرمل.
الوقت بين انطلاق صافرات الإنذار والهروب إلى الملاجئ قليل جدا، ما لا يسمح للمرء بأن يتحرّك أكثر من ستين إلى سبعين مترا
في بعض الشوارع، يمكن رؤية أعلام حمراء مرفوعة على بيوت محدّدة.
ويوضح الصليبي “أن البيوت التي فيها غرفة آمنة أو مكان مغلق آمن، تفتح أبوابها للناس وتعلّق علما أحمر. عند انطلاق الصافرات، يلجأ اليها من هو بالقرب منها.”
ويقول الشاب محمد أيوب من أمام بيته الذي رفع علما أحمر اللون، “كنا نرى الناس يأتون للاختباء عند حائط بيتنا وكنا ننادي عليهم أن يدخلوا.” بعد طرح فكرة رفع علم أحمر من المجلس البلدي وبعض السكان، رفعت عائلة أيوب علمين على مبنيين فيهما ملجأ.
وتقول جدته أمينة أيوب (68 عاما) “نريد أن نساعد في حماية الناس قدر المستطاع. في عام 2006 (تاريخ الحرب السابقة بين حزب الله وإسرائيل)، سقط على بيتنا صاروخا كاتيوشا وهدمت الدار.”
وتتابع “أنا أخاف وأصاب بالذعر عند سماع صافرات الإنذار، أرتجف وأبكي. صرت أخاف من أي شيء، ووصف لي الطبيب مهدئات.”
أما حلوة نصراوي (37 عاما)، وهي صاحبة محل تجميل، فتقول “لا يوجد لدي ملجأ. عندما نكون في البيت نلجأ إلى حائط في وسطه. لدي طفل عمره تسع سنوات لا يخرج من البيت. المدارس مغلقة. الليل صار نهارا، والنهار صار ليلا. هو لا ينام في الليل ويحلم كثيرا بالحرب، لا يذهب للعب في الملعب مع الأولاد، حتى لا يذهب الى الحمام وحده.”
وتضيف “أنا أشرح لأولادي أن الخوف شيء طبيعي، وأقول لهم عبّروا عن خوفكم.”
ويقول منيب مناع (70 عاما) بينما يشير إلى زاوية تحت درج بيته، “هذا ملجأنا” مضيفا “هذه أطول حرب أشهدها: سنة وشهرين. لا يوجد أمان، الوضع الاقتصادي سيء للغاية، والناس في حالة هلوسة من الخوف.”