سكان كردستان العراق ينتخبون برلمانهم وسط خيبة من السياسيين

توقعات بأن يؤدي تشكيل أربع دوائر انتخابية إلى إعادة توزيع للأصوات والمقاعد في البرلمان المقبل مع محافظة الديمقراطي الكردستاني على الأغلبية.
الأحد 2024/10/20
انتخاب 100 عضو وكيانات جديدة تنافس الحزبين الرئيسين

أربيل (العراق) - يدلي الناخبون في إقليم كردستان بشمال العراق بأصواتهم الأحد لانتخاب برلمان جديد، وسط مناخ من السأم وفي ظلّ هيمنة حزبَين رئيسيين يتنافسان منذ عقود على السلطة.

وفتحت مراكز الاقتراع الـ1266 الساعة السابعة صباحا (04:00 ت غ)، على أن تُغلق عند السادسة مساء (15:00 ت غ) حسبما أفادت وكالة الأنباء العراقية.

وبلغت نسبة المشاركة 31 بالمئة حتى الساعة 12:00 (09:00 ت غ)، بحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي أشارت إلى أن النتائج النهائية ستصدر بعد 24 ساعة من إغلاق الصناديق.

ويبلغ عدد الناخبين المسجّلين للتصويت في الدوائر الأربع في انتخابات الإقليم المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991، 209 مليون ناخب تقريبا، بحسب المفوضية. وهم مدعوّون لانتخاب مئة عضو في البرلمان ما لا يقلّ عن 30 بالمئة منهم نساء.

ويشهد كردستان العراق منذ عقود تنافسا على السلطة بين حزبين أساسيين وعائلتيهما هما الحزب الديموقراطي الكردستاني وأسرة بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني وأسرة طالباني.

وعلى الرغم من تعبئة كثيفة قام بها الحزبان اللذان عقدا تجمعات انتخابية كثيرة لحشد قواعدهما الانتخابية في الأسابيع الأخيرة، أشار خبراء إلى خيبة من الطبقة السياسية في ظلّ وضع اقتصادي صعب وبعد تأجيل أربع مرات للانتخابات التي كانت مقررة في الأساس لخريف 2022 بسبب خلافات سياسية.

وفي أربيل عاصمة الإقليم، طالبت المدرّسة هاوجين الثلاثينية "الحكومة المقبلة بمنع الفساد وتنفيذ المزيد من الإصلاحات ومساعدة الشباب".

من جهتها، أعربت ربة المنزل هوري محمد (66 عاما) التي صوّتت للحزب الديموقراطي الكردستاني عن أملها "أن تلتفت الحكومة المقبلة للشريحة الفقرة لأن شعبنا أغلبه بإمكانيات محدودة" وهؤلاء "هم الداعمون الدائمون للحكومة" تقليديا.

ويقدّم الإقليم وهو حليف الولايات المتحدة والأوروبيين، نفسه على أنه واحة استقرار جاذبة للاستثمارات الأجنبية في العراق. لكن ناشطين ومعارضين يدينون مشاكل تعانيها كذلك بقية أنحاء العراق، أبرزها الفساد وقمع الأصوات المعارضة وزبائنية تمارسها الأحزاب الحاكمة.

في السليمانية، طالبت الشابة تلار برهان (22 عاما) التي تعمل في شركة تصميم داخلي "السياسيين بأن يتّحدوا من أجل معالجة المشاكل (...) أبرزها صرف رواتب الموظفين في وقتها شهريا وبناء مشاريع خدمية لمواطني كردستان".

ومن شأن التصويت المناهض للحزبين التقليديين، أن يعود بالنفع على أحزاب صغيرة جديدة نسبيا ومعارضة مثل "تيار الموقف الوطني" و"الجيل الجديد" وحزب "جبهة الشعب" برئاسة لاهور الشيخ جنكي الذي انفصل عن الاتحاد الوطني الكردستاني.

وقال المرشّح عن لائحة حزب "تيار الموقف الوطني" هيوا هادي (44 عاما) الأحد لفرانس برس "نرى الناس غير راضين وغاضبين بسبب ارتفاع الأسعار والضرائب والرسوم ونقص الكهرباء والمياه ومشاكل الرواتب".

وقال المحلل السياسي شيفان فاضل مؤخرا إن "الناس لا يبدون متحمّسين"، مضيفا أن "الخيبة من السياسة بشكل عام آخذة في الازدياد".

وعزا طالب الدكتوراه في جامعة بوسطن ذلك إلى "تدهور الظروف المعيشية للناس خلال العقد الماضي"، متحدثا كذلك عن التأخير في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية والبالغ عددهم نحو 1,2 مليون، وهي أموال تشكّل "مصدر دخل رئيسيا للأسر".

ويعود هذا الملف الشائك إلى الواجهة بانتظام ويعكس التوترات بين بغداد وأربيل إذ يحمّل كل طرف الآخر مسؤولية تأخير دفع رواتب الموظفين الحكوميين.

وتوقّع فاضل أن يؤدي تشكيل أربع دوائر انتخابية "إلى إعادة توزيع للأصوات والمقاعد في البرلمان المقبل"، معتبرا مع ذلك أن الحزب الديمقراطي الكردستاني "قد يحافظ على الغالبية بفضل انضباطه الداخلي وتماسكه".

ويتمتع الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان المنتهية ولايته، بغالبية نسبية مع 45 مقعدا وقد أقام تحالفات مع نواب انتُخبوا بموجب نظام حصص مخصصة للأقليتين المسيحية والتركمانية.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا أصدرت في فبراير قرارا حدّدت فيه عدد أعضاء برلمان الإقليم بمئة بدلا من 111، ما أدى عمليا إلى إلغاء خمسة مقاعد للأقلية التركمانية وخمسة للمسيحيين ومقعد واحد للأرمن.

غير أن القضاء العراقي أعاد في وقت لاحق خمسة مقاعد للأقليات من بين مئة نائب.

بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة في العام 2018 نحو 59 بالمئة، بحسب الموقع الرسمي للبرلمان الكردي.

وسيصوّت البرلمان المنتخب لاختيار رئيس للإقليم خلفا لنيجرفان بارزاني ورئيس لحكومته خلفا لمسرور بارزاني.

وأكّد نيجرفان بارزاني لصحافيين الأحد عزم حزبه على الجلوس مع الأحزاب الأخرى "بعد انتهاء الانتخابات ونشكل الحكومة خدمة لإقليم كردستان"، معربا عن أمله في "تشكيل حكومة موحدة بأسرع وقت".

وجرت المرحلة الأولى من الاقتراع المعروفة بـ"التصويت الخاص" للقوات الأمنية والتي صوّت فيها أكثر من 208 آلاف ناخب الجمعة بنسبة مشاركة بلغت 97 بالمئة وفق المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) محمد الحسّان الأحد بعد زيارته مراكز للاقتراع في أربيل "هذا يوم مهم لإقليم كردستان ويوم جيد للديمقراطية، وهذا هو الطريق للمضي قدما".

من جهتها، أكدت المدرّسة سازان سعد الله (55 عاما) أنها لن تدلي بصوتها "لأن هذه السلطة لا يمكن تغييرها من طريق التصويت وتغيير المقاعد".

وأضافت "ما يحكم هو قوة السلاح والمال، والتغيير من خلال البرلمان أمر صعب"، معتبرة أن تغيير النظام ممكن فقط في حال حدوث "انتفاضة للشعب".