سكان شمال غزة أمام خيارين: الموت أو الرحيل

مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: عشرات الآلاف من المدنيين محاصرون دون طعام أو إمدادات.
الثلاثاء 2024/10/15
معاناة لا تنتهي

غزة - قتل عشرة أشخاص على الأقل وأصيب 40 في شمال غزة الاثنين، بسبب قذائف دبابات إسرائيلية استهدفت أشخاصا كانوا يصطفون للحصول على الطعام وسط تزايد المخاوف في القطاع من أن إسرائيل تخطط لتهجير جميع السكان من الشمال.

وأعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الاثنين عن صدمته إزاء الضربات الإسرائيلية العنيفة المستمرة على شمال قطاع غزة، مشيرا إلى أن عشرات الآلاف من المدنيين محاصرون دون طعام أو إمدادات.

وأضاف في بيان “في ظل تصاعد الأعمال القتالية في أنحاء الشرق الأوسط، يعزل الجيش الإسرائيلي على ما يبدو شمال غزة تماما عن بقية القطاع وينفذ أعمالا قتالية وسط تجاهل تام لحياة المدنيين الفلسطينيين وأمنهم”.

وذكر أنه تلقى تقارير تفيد بأن القوات الإسرائيلية أقامت حواجز رملية عند مفترق طريق رئيسي، مما أدى فعليا إلى “إغلاق شمال غزة” وإطلاق النار على أولئك الذين يحاولون الفرار.

سكان شمال غزة يخشون من أن يكون هناك مخطط إسرائيلي لإخلاء جباليا وربما المناطق الشمالية بأكملها من قاطنيها

وقال مسعفون إن طائرة إسرائيلية مسيّرة أطلقت النار أيضا على العشرات من السكان الذين تجمعوا للحصول على الطعام في جباليا أحد مخيمات اللاجئين الثمانية التاريخية في غزة. وأضافوا أن نساء وأطفالا من بين الضحايا.

وجباليا هي محور يتركز عليه هجوم عسكري إسرائيلي منذ نحو عشرة أيام. وأكمل الجيش تطويق مخيم اللاجئين التاريخي وأرسل دبابات إلى بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون المجاورتين بداعي القضاء على مقاتلي حركة حماس الذين يحاولون إعادة تجميع صفوفهم هناك.

وتشبه الأيام القليلة الماضية المراحل السابقة من الحرب في ظل مطالبة الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين بالإخلاء باتجاه الجنوب مع تصعيد ضغوطه على حماس ودعوة الحركة لهم بعدم المغادرة لأنها تنطوي على مخاطر كبيرة للغاية.

وتعرّض الجزء الشمالي من غزة، الذي يقطنه أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، لقصف شديد في المرحلة الأولى من الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ قبل عام.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن مئات الآلاف من سكان شمال غزة تركوا منازلهم في الأشهر الأولى من الحرب مدفوعين بأوامر إخلاء إسرائيلية وهجوم بري عسكري على مناطقهم، بينما بقي حوالي 400 ألف شخص.

لكن بعد أشهر من القتال البري الشديد هناك، أعادت إسرائيل قواتها إلى جباليا للقضاء على مقاتلي حماس الذين قالت إنهم يعيدون تجميع صفوفهم لشن المزيد من الهجمات.

وكشف الجناحان المسلّحان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي أن مقاتليهما ينفذون هجمات ضد القوات الإسرائيلية بالصواريخ المضادة للدبابات وقذائف الهاون.

خطط إسرائيل لمستقبل غزة غير واضحة فيما عدا هدفها المعلن المتمثل في تفكيك حماس كقوة عسكرية وحاكمة

ولم تكن هناك أيّ راحة من القصف بالنسبة إلى السكان.

وقالت مروة (26 عاما) التي غادرت مع عائلتها إلى مدرسة في مدينة غزة “إحنا بيتم قصفنا من السما ومن الأرض بدون توقف على مدار أسبوع.. بيعاقبونا مشان رفضنا نترك بيوتنا”. وأضافت أن الناس يخشون من أنهم قد لا يستطيعون العودة مطلقا إذا اتجهوا جنوبا.

وقالت حماس في وقت لاحق من الاثنين إن إسرائيل تستهدف تهجير سكان شمال غزة بالقوة من خلال القصف المتواصل ومنع وصول المساعدات والغذاء والوقود.

وأضاف سامي أبوزهري القيادي الكبير في حماس لرويترز “على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته وأن يأخذ موقفا ضد جريمة الحرب هذه والتي يقوم الاحتلال من خلالها بإغلاق المنطقة ومنع وصول المواد الإغاثية والطبية”.

وتابع أبوزهري “وبذلك فهو يتسبب بالموت البطيء وأيضا القتل اليومي المباشر الذي يمارسه الاحتلال”.

ويخشى سكان آخرون من أن يكون هناك مخطط إسرائيلي لإخلاء جباليا وربما المناطق الشمالية بأكملها من قاطنيها، وذلك وفقا لمقترح طرحه جنرالات إسرائيليون سابقون يدعون لإخلاء شمال غزة من المدنيين وفرض حصار على المسلحين المتبقين حتى يعلنوا استسلامهم.

وتنفي إسرائيل بشكل قاطع وجود مثل هذا المخططات.

وقال المتحدث العسكري نداف شوشاني لصحافيين “لم نتلق أيّ مخطط من هذا القبيل… نؤكد أننا نضمن عدم إلحاق أذى بالمدنيين أثناء تنفيذ عملياتنا (العسكرية) ضد هذه الخلايا الإرهابية في جباليا”.

وصرح جيورا إيلاند، المقدم الرئيسي للمقترح، بأن مخططه يهدف إلى الضغط على حماس لتحرير الرهائن من خلال تقليل عدد المناطق التي تسيطر عليها حماس والمساعدات الواردة إليها بدلا من إرسال قوات إسرائيلية لمحاربة مقاتلي الحركة.

وأضاف لإذاعة الجيش الأحد “ما يفعله (الجيش الإسرائيلي) في جباليا في الوقت الراهن هو جزء مما يحدث عادة… وخطتي لم تُنفذ بعد”.

Thumbnail

وخطط إسرائيل لمستقبل غزة غير واضحة فيما عدا هدفها المعلن المتمثل في تفكيك حماس كقوة عسكرية وحاكمة.

ووصفت الأمم المتحدة الظروف التي يشهدها السكان المتبقون في جباليا بالمأساوية.

وقال مهند هادي منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الأحد “نزح أكثر من 50 ألف شخص من منطقة جباليا التي باتت معزولة في حين لا يزال آخرون محاصرين في منازلهم وسط تصاعد القصف والقتال”.

وأضاف “أدت العمليات العسكرية في الآونة الأخيرة في شمال غزة إلى إغلاق آبار المياه والمخابز والمرافق الطبية وأماكن الإيواء فضلا عن تعليق خدمات الحماية وعلاج سوء التغذية وأماكن التعلم المؤقتة. وفي الوقت ذاته، تشهد المستشفيات تدفقا كبيرا من المصابين”.

من جهته أوضح المفوض العامّ لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، أن المدنيين في شمال غزة لم يُمنحوا أيّ خيار سوى مغادرة المنطقة أو الموت جوعا.

وأفاد لازاريني في منشور عبر منصة إكس، الاثنين، أن أكثر من 400 فلسطيني عالقون في المنطقة.

وأشار إلى أن النظام الصحي في شمال غزة “شبه منهار”، وأكد أنهم لم يتمكنوا من التواصل مع فرق الأمم المتحدة الميدانية بسبب انقطاع الاتصالات.

ولفت إلى عدم سماح إسرائيل للأمم المتحدة بتقديم أي مساعدات في المنطقة، بما في ذلك الغذاء، منذ 30 سبتمبر الماضي.

وأضاف “مخيم جباليا هو الأكثر تضررا، حيث اضطر ما يقرب من 50 ألف شخص إلى الفرار”.

وبدأت إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة بعد الهجوم الذي شنه مسلحو حماس في السابع من أكتوبر 2023 وأسفر بحسب إحصاءات إسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 250 رهينة، فيما تقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 42 ألف فلسطيني قتلوا منذ ذلك الحين.

2