سكان الجنوب يبدأون بالعودة مع سريان وقف إطلاق النار في لبنان

واشنطن/بيروت/القدس - دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية حيز التنفيذ في الساعة الرابعة من صباح اليوم الأربعاء بالتوقيت المحلي (02:00 بتوقيت غرينتش) بعدما قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن الطرفين وافقا على اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا.
وسُمع دوي طلقات نارية في أنحاء العاصمة بيروت بعد سريان وقف إطلاق النار، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان ذلك احتفالا. واستُخدم إطلاق الأعيرة النارية من قبل لتنبيه السكان الذين ربما فاتتهم تحذيرات الإخلاء التي يصدرها الجيش الإسرائيلي.
وقال شهود من رويترز إن سيارات تقل النازحين الذين فروا من الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان خلال الشهور القليلة الماضية بدأت تتدفق على المنطقة، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وأعلن الجيش اللبناني صباح الأربعاء أنه يتخذ "الإجراءات اللازمة" لاستكمال انتشاره في جنوب البلاد بعد بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، داعيا النازحين من البلدات الحدودية للتريث في العودة إليها بانتظار انسحاب قوات الدولة العبرية منها.
وأورد بيان عسكري "مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، يعمل الجيش على اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال الانتشار في الجنوب"، داعيا "المواطنين إلى التريّث في العودة إلى القرى والبلدات الأمامية التي توغّلت فيها قوات العدو الإسرائيلي بانتظار انسحابها وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار".
ويمهد الاتفاق الطريق لإنهاء صراع عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل أودى بحياة الآلاف منذ اندلعت شرارته بسبب الحرب في قطاع غزة العام الماضي.
وقال بايدن مساء الثلاثاء، في تصريحات من البيت الأبيض بعد وقت قصير من موافقة مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على الاتفاق بأغلبية 10 أصوات مقابل صوت واحد، إنه تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي.
وأضاف أن القتال سينتهي في الساعة الرابعة صباحا بالتوقيت المحلي (02:00 بتوقيت غرينتش).
وأكد بايدن أن "هذا الاتفاق تمت صياغته ليكون وقفا دائما للأعمال القتالية. لن يُسمح لما تبقى من حزب الله والمنظمات الإرهابية الأخرى بتهديد أمن إسرائيل مجددا".
وأوضح أن إسرائيل ستسحب قواتها تدريجيا على مدى 60 يوما مع سيطرة الجيش اللبناني على الأراضي القريبة من الحدود مع إسرائيل لضمان عدم بناء حزب الله بنيته التحتية هناك مجددا. مضيفا "سيتمكن المدنيون في الجانبين قريبا من العودة بأمان إلى بلداتهم".
ولم يعلق حزب الله رسميا على وقف إطلاق النار، لكن المسؤول الكبير بالجماعة حسن فضل الله قال لقناة الجديد التلفزيونية اللبنانية إنه في حين يدعم حزب الله بسط سلطة الدولة اللبنانية، فإن الجماعة ستخرج من الحرب أقوى.
وقال فضل الله، وهو نائب عن حزب الله في مجلس النواب اللبناني، "نحن حريصون دائما على جيشنا الوطني وعلى قوته وتماسكه وهو موجود في الجنوب ويعزز انتشاره وهو السلطة الرسمية ونحن مع بسط سلطة الدولة".
وأضاف "حزب الله سيخرج من هذه الحرب أكثر قوة والمقاومة باقية.. سيكون هناك آلاف مؤلفة التي ستنضم للمقاومة.. نزع سلاح المقاومة كان طرحا إسرائيليا وسقط".
ورحبت إيران، التي تدعم حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) والمتمردين الحوثيين الذين هاجموا إسرائيل من اليمن، بوقف إطلاق النار.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في بيان الأربعاء إنّ الجمهورية الإسلامية "ترحّب بنبأ انتهاء عدوان الكيان الصهيوني على لبنان" و"تؤكّد دعمها الراسخ للبنان حكومة وشعبا ومقاومة".
ورحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر منصة إكس للتواصل الاجتماعي بالاتفاق، قائلا إنه "تتويج للجهود المبذولة على مدى أشهر عديدة مع السلطات الإسرائيلية واللبنانية، بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة".
واعتبر ميقاتي أن وقف إطلاق النار هو "خطوة أساسية نحو بسط الهدوء والاستقرار في لبنان".
وقال في بيان إنّ "هذا التفاهم الذي رسم خارطة طريق لوقف النار... يُعتبر خطوة أساسية نحو بسط الهدوء والاستقرار في لبنان وعودة النازحين الى قرارهم ومدنهم"، مجددا "تأكيد التزام الحكومة بتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب والتعاون مع قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان".
وقال وزير الخارجية عبدالله بوحبيب إن الجيش اللبناني سينشر خمسة آلاف جندي على الأقل في جنوب لبنان مع انسحاب القوات الإسرائيلية.
وقال نتنياهو إنه مستعد لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار لكنه سيرد بقوة على أي انتهاك من جانب حزب الله.
وأضاف نتنياهو إن وقف إطلاق النار سيسمح لإسرائيل بالتركيز على التهديد الإيراني وسيمنح الجيش فرصة لنيل قسط من الراحة وإعادة استكمال إمداداته، وعزل حركة حماس.
وقال نتنياهو "بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة، نحتفظ بحرية العمل العسكري الكاملة. وإذا انتهك حزب الله الاتفاق أو حاول إعادة التسلح، فسوف نضربه بحزم".
وقال نتنياهو إن حزب الله أصبح أضعف بكثير مما كان عليه في بداية الصراع.
وأضاف "أعدناه عقودا إلى الوراء، وقضينا... على كبار قادته، ودمرنا معظم صواريخه وقذائفه، وحيَّدنا آلاف المقاتلين، ومحونا بنية تحتية للإرهاب ظلت لسنوات بالقرب من حدودنا".
وقال مسؤول أميركي كبير في إفادة للصحافيين، مشترطا عدم ذكر هويته، إن الولايات المتحدة وفرنسا ستنضمان إلى آلية مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) ستعمل مع الجيش اللبناني لمنع أي انتهاكات محتملة لوقف إطلاق النار. وأضاف المسؤول أنه لن يتم نشر قوات قتالية أميركية.
وقال جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي في إدارة بايدن لشبكة (سي.إن.إن) إن واشنطن ستراقب الوضع لرصد أي انتهاكات للاتفاق.
وتابع "سيكون تنفيذ هذا الاتفاق أساسيا وسنكون متيقظين للغاية لأي محاولات لعرقلة ما التزم به الطرفان في إطار هذه العملية اليوم".
وقال بايدن، الذي يترك منصبه في يناير المقبل، إن الإدارة الأميركية ستواصل الدفع من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة وكذلك من أجل إبرام اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
رحب الأردن ببدء سريان وقف إطلاق النار واعتبرت وزارة الخارجية الأردنية أن الاتفاق "خطوة مهمة يجب أن تستتبع بجهد دولي يسهم في وقف العدوان على قطاع غزة والاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة".
ونقل بيان عن الناطق باسم الوزارة سفيان القضاة تأكيده "دعم المملكة للبنان الشقيق وأمنه واستقراره وسيادته وسلامة مواطنيه، وضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 بالكامل".
رحّبت وزارة الخارجية العراقية بوقف إطلاق النار وشددت على ضرورة "تكثيف الجهود الدولية لضمان تجنب تصعيد جديد" بين الطرفين.
ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى "اتخاذ خطوات جادة وعاجلة لوقف المجازر والاعتداءات المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
أعلنت تركيا استعدادها "لتقديم الدعم اللازم للبنان" ورحبت وزارة الخارجية التركية "بالنتيجة الإيجابية للمفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في لبنان وتأمل أن يكون دائما".
ودعت المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لضمان التزامها بوقف النار "والتعويض عن الأضرار التي سببتها في لبنان"، مشددة على ضرورة "إعلان وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة في أسرع وقت".
ورحّبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك باتفاق وقف إطلاق النار، واصفة إياه بـ"شعاع من الأمل للمنطقة بأكملها".
وقالت في بيان إن "الناس على جانبي الحدود يريدون العيش في أمان فعلي ومستدام"، معتبرة أن الاتفاق هو "نجاح للدبلوماسية".
ورحّب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مساء الثلاثاء باتفاق وقف إطلاق النار "الذي طال انتظاره" بين إسرائيل ولبنان، معتبرا أنّ من شأن هذه الهدنة أن "توفّر قدرا من الارتياح للسكان المدنيين" في كلا البلدين.
ودعا ستارمر إلى "تحويل الهدنة إلى حلّ سياسي دائم في لبنان". كما تعهّد رئيس الوزراء البريطاني أن يكون في "طليعة الجهود الرامية إلى كسر حلقة العنف المستمرة وذلك بهدف تحقيق سلام طويل الأمد ودائم في الشرق الأوسط".
ورحّبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بالاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، ووصفته بأنه "نبأ مشجع للغاية"، وسيعزّز "الأمن الداخلي والاستقرار" في لبنان.
واعتبرت فون دير لايين في منشور على منصة إكس أن الاتفاق محل ترحيب "في المقام الأول بالنسبة للشعبين اللبناني والإسرائيلي المتضررين من جراء القتال"، وأضافت "ستكون الفرصة متاحة للبنان لتعزيز الأمن الداخلي والاستقرار بفضل انحسار نفوذ حزب الله".
ورحّبت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت بالاتفاق على وقف إطلاق النار، معتبرة أن ضمان استدامته يتطلّب "الكثير من العمل".
وقالت المنسّقة الخاصة إن "هذا الاتفاق المفصلي يمثّل نقطة انطلاق لعملية حاسمة" لضمان سلامة المدنيين على جانبي الخط الأزرق، وهو خط رسمته الأمم المتحدة بين لبنان وإسرائيل، وإن "هناك الكثير من العمل يلوح في الأفق لضمان استدامة الاتفاق".
واعتبرت وزارة الخارجية السويسرية أن "الوقت حان لوضع حد لمعاناة المدنيين"، داعية "كل الأطراف الى احترام القانون الدولي وجعل الدبلوماسية أولوية للتوصل الى تهدئة في كل المنطقة". ورأت أن "وقف إطلاق نار في غزة، الافراج الفوري وغير المشروط عن كل الرهائن (الإسرائيليين في القطاع) وزيادة المساعدات الانسانية هي مسائل عاجلة أيضا".
واعتبر رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله هو "أمر جيد"، معتبرا أنه "من الضروري أن تعمل كل الأطراف من الآن على تهدئة الوضع وإتاحة عودة المواطنين على جانبي الحدود الى منازلهم بكل أمان".
وأكد أهمية وقف إطلاق النار في قطاع غزة بهدف "الافراج عن كل الرهائن، وإيصال المساعدات الانسانية بشكل أفضل، وخفض العنف في كل المنطقة".
وخلال الساعات التي سبقت وقف إطلاق النار، احتدمت الأعمال القتالية مع تكثيف إسرائيل للغارات الجوية على بيروت وأجزاء أخرى من لبنان، حيث أفادت السلطات الصحية بمقتل 18 شخصا على الأقل.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف "أجزاء من الأنظمة والإدارة المالية لحزب الله" بما في ذلك مكتب للصرافة.
كما واصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وقال الجيش الإسرائيلي إن سلاح الجو اعترض ثلاث عمليات إطلاق من الأراضي اللبنانية، في قصف صاروخي مكثف مساء الثلاثاء أدى إلى انطلاق صفارات الإنذار في نحو 115 مستوطنة.
وقالت عليا إبراهيم، وهي أم لفتاتين توأمتين من قرية قعقعية الصنوبر الجنوبية فرت قبل نحو ثلاثة أشهر إلى بيروت، إنها تأمل أن يلتزم المسؤولون الإسرائيليون بالاتفاق بعدما عبروا عن وجهات نظر متناقضة حيال وقف إطلاق النار.
وأضافت "ضيعتنا دمروا نصفها. في هذه الثواني قبل ما يعلنوا وقف إطلاق النار، دمروا نصف ضيعتنا". لكنها قالت "إن شاء الله نرجع لبيوتنا وأرضنا".
وأظهر استطلاع للرأي أجرته القناة 12 الإسرائيلية أن 37 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار، مقابل معارضة 32 بالمئة.
ومن بين المعارضين للاتفاق في إسرائيل زعماء المعارضة ورؤساء البلدات القريبة من حدود إسرائيل مع لبنان، الذين يريدون منطقة عازلة خالية من السكان على الجانب اللبناني من الحدود.
وأصرت الحكومة اللبنانية وحزب الله على أن عودة المدنيين النازحين إلى جنوب لبنان تشكل شرطا أساسيا للهدنة.
وقال وزير الأمن الوطني الإسرائيلي المنتمي لليمين المتطرف إيتمار بن غفير على منصة إكس إن الاتفاق لا يضمن عودة الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال، وإن الجيش اللبناني ليست لديه القدرة على التغلب على حزب الله.
وأضاف بن غفير "من أجل مغادرة لبنان، يجب أن يكون لدينا حزام أمني خاص بنا".