سكان إدلب يخشون من وضع حكومة "الإنقاذ" يدها على المياه

إدلب (سوريا) - يشعر سكان مدينة إدلب والبلدات المحيطة بها بالقلق حيال إمكانية احتكار “حكومة الإنقاذ”، التابعة لهيئة تحرير الشام وغير المعترف بها دوليا، للمياه التي كانوا يحصلون عليها بشكل مجاني، طيلة السنوات الماضية.
وتأتي الهواجس على خلفية قرار منظمة “غول” الدولية بإيقاف الدعم الذي تقدمه لعدد من محطات التحلية التي تغذي المدينة ومحيطها نهاية العام الجاري.
وكانت المنظمة العاملة في إدلب شمال غرب سوريا، بدأت في مشروع دعم المياه في المحافظة، منذ نحو تسع سنوات، بما يشمل ذلك تمكين السكان من المياه الصالحة للشرب بشكل مجاني.
وقالت “غول” في بيان نشرته “وحدة مياه إدلب” التي تديرها المنظمة على صفحتها في موقع التواصل فيسبوك، إن المنظمة وخلال سنوات الدعم الماضية لم تدخر جهدا لضمان استمرار الدعم وتأهيل المحطات وشبكات المياه المرتبطة بها، حيث كان من المفترض أن ينتهي الدعم بنهاية أبريل 2023. إلا أنه واستجابة لجائحة كورونا والزلزال الذي ضرب المنطقة في السادس من فبراير 2023، تمكّنت المنظمة بالتعاون مع بعض الداعمين من تأمين استمرار الدعم حتى نهاية العام الجاري.
ويشمل إيقاف الدعم البعض من كبرى محطات ضخ مياه الشرب في إدلب، وهي محطات “سيجر، وسيجر القديمة، والعرشاني” وتغذّي المحطات الثلاث مدينة إدلب إلى جانب كل من بلدات وقرى “مرتين، عين مرتين، منطقة الغابات، سيجر – بقسمتا، القبي، بشمارون، العرشاني وخربة الناطور”.
منظمة "غول" تقرر إيقاف الدعم الذي تقدمه لعدد من محطات التحلية التي تغذي إدلب ومحيطها نهاية العام الجاري
وذكرت “مؤسسة مياه إدلب” لـ”موقع تلفزيون سوريا”، أن المحطات الثلاث كانت تضخ أكثر من 11 ألف متر مكعب من مياه الشرب “المُكَلوَرة” يوميا، وهو ما يغذّي نحو نصف مليون شخص.
ووفق المؤسسة، فإن المحطات توفر ثلثي احتياج مدينة إدلب من مياه الشرب، فيما تغذّي محطات أخرى داخلية المدينة وتشغّلها بعض المنظمات، أبرزها هيئة الإغاثة الإنسانية “إياد”، التي تغطي ثلث الاحتياج المتبقي.
ويخشى سكان إدلب من أن يؤدي توقف الدعم الذي توفره المنظمة الدولية إلى وضع حكومة الإنقاذ يدها على المياه، أسوة بباقي القطاعات الحيوية الأخرى مثل الكهرباء والمحروقات، ويصبح بذلك الحصول على المياه بمقابل.
وتحدثت بعض المصادر المحلية للموقع السوري عن ضغط مارسته “حكومة الإنقاذ” من أجل إيقاف الدعم عن المحطات، وتحويل توريد المياه للسكّان في إدلب إلى عمل ربحي لصالح الحكومة.
وحكومة الإنقاذ هي حكومة بديلة بحكم الأمر الواقع تتبع للمعارضة السورية، وتتخذ من محافظة إدلب مقرا لها.
وتشكلت الحكومة في أوائل نوفمبر 2017. تبع ذلك أسابيع من الصراع بين الحكومة الجديدة والحكومة السورية المؤقتة، مع تقارير عن أن هيئة تحرير الشام قامت، من جانب واحد، بحل العديد من المجالس المحلية المدعومة من الحكومة المؤقتة في شمال غرب سوريا.
ويقود حكومة الإنقاذ علي كده (منذ 18 نوفمبر 2019) والذي تم انتخابه من قبل هيئة تشريعية تسمى مجلس الشورى العام، والذي يرأسه مصطفى الموسى (منذ 24 أبريل 2020).
وتُعتبر حكومة الإنقاذ غير شرعية وغير معترف بها من المجتمع الدولي، لكنها تفرض سيطرتها على إدلب مستندة في ذلك على دعم هيئة تحرير الشام التي تبسط نفوذها على المحافظة.

وتسيطر حكومة الإنقاذ اليوم على العديد من القطاعات سواء عبر المؤسسات التابعة لها أو واجهات خاصة، وتفرض رسوما وضرائب مجحفة، وهو الأمر الذي يخشى من أن ينسحب على قطاع المياه.
وبحسب إحصائية أعدها فريق “منسقو استجابة سوريا” في العام 2021، يبلغ إجمالي عدد السكان في إدلب 4 ملايين و186 ألفاً و704 نسمة، نصفهم من السكان المقيمين (مليونان و98 ألفا و614)، ونصفهم الآخر نازحون ومهجرون (مليونان و81 ألفا و507).
وتحتوي المنطقة المشمولة بالإحصائية، 1293 مخيما، بينها 382 مخيما عشوائيا، ويعيش في المخيمات مليون و43 ألفاً و689 نازحا ومهجرا، بينهم 185 ألفا و557 شخصا في المخيمات العشوائية.
وقلّل المهندس محمد جمال ديبان مدير مؤسسة مياه إدلب من مخاوف إيقاف الدعم من قبل منظمة “غول”، قائلا “إنّهم اعتادوا على مسألة إعلان المنظمة إيقاف الدعم ومن ثم مواصلتها الدعم، كما حصل مطلع العام الماضي”.
وأضاف ديبان أنّ “مؤسسة مياه إدلب” عملت وتعمل على مسارين متوازيين، يتعلق الأول بدراسة متكاملة أعدتها المؤسسة عن المحطات والتكاليف التشغيلية اللازمة لها، وقدمتها إلى عدة منظمات، آملة في أن تحل إحدى هذه المنظمات التي تواصلوا معها محل “غول” في دعم محطات مياه الشرب، في حال أوقفت الأخيرة دعمها فعلا.
ويشمل المسار الثاني تجربة تطبيق فكرة عدّادات مياه شرب مسبقة الدفع، سيتم تركيبها في المنازل وضخ المياه من قبل المؤسسة، في حال توقّف دعم “غول”، وعدم وجود منظمة بديلة تدعم تشغيل المحطات.