سكارليت جوهانسون تؤكد مخاوف السينمائيين من الذكاء الاصطناعي

أعادت حادثة تقليد صوت الممثلة الأميركية سكارليت جوهانسون في برنامج للذكاء الاصطناعي إلى دائرة النقاش مسألة حقوق الملكية الفردية، والمخاطر التي تتسبب فيها تطبيقات الذكاء الاصطناعي وخاصة منها التزييف العميق، علاوة على تهديده مهنا سينمائية هامة مثل التمثيل والكتابة.
سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - أعلنت شركة “أوبن إيه آي” عزمها على تغيير صوت أداة المساعدة في برمجيتها الشهيرة تشات جي بي تي، بعدما اتهمتها الممثلة الأميركية سكارليت جوهانسون بأنها نسخت صوتها عمدا ومن دون علمها. وكتبت "أوبن إيه آي" الاثنين عبر منصة إكس “لقد سمعنا التساؤلات بشأن الطريقة التي اخترنا فيها أصوات تشات جي بي تي”. وأضافت "نعمل على تعليق استخدام ‘سكاي’ (Sky) التي تتفاعل صوتيا مع مستخدمي البرمجية، ريثما نرد" على هذه التساؤلات.
أكدت “أوبن إيه آي” في مقال نشرته على مدونتها أن “صوت ‘سكاي’ ليس بأي حال من الأحوال تقليدا لصوت سكارليت جوهانسون”، لافتة إلى أنها طوّرت الصوت بناء على أصوات ممثلات مختلفات. لكنّ الممثلة تتهم “أوبن إيه آي” ومديرها العام سام ألتمان بتعمّد نسخ صوتها من دون علمها، ما اضطرها إلى الاستعانة بمحام من أجل الدفع باتجاه تعديل الصوت.
وقالت في بيان أصدرته الاثنين “في سبتمبر الماضي تلقيت عرضا من سام ألتمان، الذي أراد اختياري لأكون صوت نظام تشات جي بي تي بنسخة 4.0 الحالية”. وأضافت جوهانسون ” لقد أخبرني بأنه يشعر أن تضمين صوتي في النظام يمكنه أن يقلص الفجوة بين الشركات التكنولوجية والمبدعين ومساعدة المستخدمين على الشعور بالراحة مع هذا التحول الزلزالي المتعلق بالبشر والذكاء الاصطناعي”.
وأوضحت “بعد الكثير من التفكير ولأسباب شخصية، رفضت العرض”. وبينت أنه “بعد تسعة أشهر، أصدقائي وأفراد أسرتي وأفراد العامة لاحظوا مدى تشابه صوت النظام الجديد ‘سكاي’ مع صوتي”. وتابعت الممثلة قائلة “عندما سمعتُ العرض التوضيحي، شعرتُ بالصدمة والغضب وعدم التصديق لأن ألتمان طوّر صوتا يشبه صوتي بشكل مخيف إلى درجة أن أصدقائي المقربين ووسائل الإعلام لم يتمكنوا من تسجيل أي فرق”.
ولفتت إلى أن “ألتمان لمح إلى أن التشابه كان مقصودا، من خلال التغريد بكلمة واحدة ‘هي'”. وكانت سكارليت جوهانسون جسّدت صوت نظام بالذكاء الاصطناعي في فيلم “Her” (هير) الذي صدر سنة 2013، حيث تدور أحداثه في المستقبل القريب، وتقع خلاله الشخصية التي يؤديها الممثل يواكين فينيكس في حب المساعدة الافتراضية، والذي لم يخف مطوّرو تشات جي بي تي استلهامهم منه.
وأوضحت الممثلة أنها “أُجبرت بعد ذلك على تعيين مستشار قانوني كتب رسالتين إلى ألتمان و’أوبن إيه آي’ (…) ونتيجة لذلك وافقت ‘أوبن إيه آي’، على مضض، على إزالة صوت ‘سكاي'”. وأضافت “في الوقت الذي نكافح فيه جميعا التزييف العميق ونعمل على حماية صورتنا وعملنا وهويتنا، أعتقد أن هذه الأسئلة تستحق الوضوح المطلق”، مشيرة إلى أنها تنتظر “بفارغ الصبر” اعتماد “التشريعات المناسبة للمساعدة في ضمان حماية الحقوق الفردية”.
من جهتها فصّلت “أوبن إيه آي” طريقة عملها مع ممثلين محترفين لإنشاء مجموعة أصوات رقمية، أطلقت عليها أسماء “بريز” Breeze، و”كوف” Cove، و”إمبر” Ember، و”جونايبر” Juniper، و”سكاي” Sky. ويأتي ذلك بعد أيام من إعلان “أوبن إيه آي” حل فريق تابع لها كانت مهمته التخفيف من الأخطار المحتملة طويلة المدى للذكاء الاصطناعي.
وترافق ذلك خصوصا مع إعلان مغادرة أحد مؤسسي الشركة، إيليا سوتسكيفر، وكذلك رئيس الفريق، يان لايكه. وكتب لايكه عبر إكس الجمعة “يجب أن تصبح ‘أوبن إيه آي’ شركة تضع سلامة الذكاء الاصطناعي العام فوق كل الاعتبارات الأخرى”. وأعرب ألتمان عن أسفه لمغادرة لايكه، مضيفا أنه “على حق، علينا أن نفعل المزيد، هذا هو هدفنا”.
وقدمت الشركة الأسبوع الماضي الإصدار الجديد من منتجها الرئيسي، “جي بي تي – 4” أو“GPT – 4o”، بأداء وسلوك محسّنين يهدفان إلى جعله أقرب إلى البشر، مع طرحه مجانا لجميع المستخدمين. وأوضحت “أوبن إيه آي” على مدونتها “في المستقبل يجب توقع المزيد من الخيارات، إذ نخطط لإضافة أصوات إلى تشات جي بي تي لتلبية اهتمامات المستخدمين المتنوعة بشكل أفضل”. وأعادت الحادثة إلى الأذهان الاحتجاجت الكبرى التي عرفتها هوليوود في أكبر إضراب يشنه الكتاب والممثلون، ومن بين أسبابه التخوف من أدوات الذكاء الاصطناعي.
ورغم التطمينات فإن هوليوود انطلقت بالفعل في استبدال الموظفين بأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. لكن الذين يعملون في الصناعة يرغبون في رؤية قواعد تحكم التكنولوجيا الجديدة لضمان عدم اعتمادها صورهم وأصواتهم دون دفع تعويضات لهم. بينما يرفض آخرون أمثال سكارليت جوهانسون رفضا تاما أن تحل التكنولوجيا بديلا عن العنصر البشري في مهنة إبداعية مثل السينما.
وليست حالة اقتباس صوت جوهانسون الوحيدة التي تثير جدلا واسعا، فقد كشفت شركة “أوبن إيه آي” للذكاء الاصطناعي، المنتجة لبرنامج الدردشة شات جي بي تي، عن أداة أسمتها “سورا”، تنشئ مقاطع فيديو واقعية بناء على إدخال نصية بسيطة. وهي تروج للأداة حاليا على أستوديوهات هوليوود.
وتستمر هذه التقنيات في التطور بينما تتأكد يوما بعد يوم مخاوف السينمائيين من أن يكون الذكاء الاصطناعي قادرا على كتابة نص برمجي، وأن يكون قادرا على إنشاء ممثلين ومجموعات رقمية لإنتاج هذا النص، وتجهيزه للجمهور لمشاهدته دون الحاجة إلى عمل أي شخص عليه، باستثناء الأشخاص الذين يعملون مع الذكاء الاصطناعي. حينها بالتأكيد سيكون يوما حزينا للعاملين في الفن السابع الذين سيخسرون وظائفهم تباعا.