"سقيفة إيرانية" في بيت العامري تشترط على الصدر عدم التجديد للرئاسات الثلاث

احتضن منزل زعيم منظمة بدر هادي العامري الخميس اجتماعا ضم قادة الإطار التنسيقي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بغرض حلحلة الانسداد السياسي الراهن داخل البيت الشيعي، ولم يخلص هذا الاجتماع إلى أجوبة واضحة باستثناء تمسك الصدر بحكومة أغلبية.
بغداد - اعتبر مصدر سياسي عراقي أن قبول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشرط الإطار التنسيقي عدم التجديد للرئاسات الثلاث بمثابة إطلاق نار على نفسه.
وحذر المصدر زعيم التيار الصدري من أن القبول بشروط ما أسماه “سقيفة العامري” يعني التفريط في فوز تياره في الانتخابات التشريعية وخسارة ثقة الشارع العراقي التواق إلى إنهاء حكم الميليشيات المدعومة من إيران.
وقال المصدر في تصريح لمراسل “العرب” في بغداد “إن قادة الإطار التنسيقي يريدون، من خلال مطالبتهم بإزاحة رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، التخلص من شخصيات تحظى بدعم شعبي وتقف أمام هيمنة الميليشيات على الدولة العراقية”.
وحظي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر باستقبال عال من قبل زعيم منظمة بدر هادي العامري في الاجتماع الذي جرى الخميس، فيما كان ينتظره زعماء الإطار التنسيقي وعلى رأسهم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وزعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، فضلا عن هادي العامري وهمام حمودي.
ووصف مصدر مقرب من التيار الصدري الاجتماع في منزل العامري بـ”سقيفة إيرانية” جمعت كل الأحزاب الشيعية وقادة الميليشيات للمرة الأولى منذ سنوات من أجل المحافظة على دورها في العراق الذي تعده جزءا من أمنها القومي.
إلا أن الصدر أكد على تمسكه بحكومة وطنية في تغريدة كتبها بعد انتهاء الاجتماع بخط يده قائلا “لا شرقية ولا غربية، حكومة أغلبية وطنية".
وكشف مصدر مطلع أن اجتماع منزل هادي العامري الذي جمع رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر بقادة الإطار التنسيقي، وعلى رأسهم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ركز على عدم التجديد لرئيس الجمهورية برهم وصالح ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
وذكر المصدر أن زعماء الإطار التنسيقي تلقوا رسالة إيرانية واضحة نقلها لهم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى همام حمودي قبل الاجتماع مع الصدر، مفادها أن حدود الخلافات بين الأحزاب الشيعية يجب ألا تتجاوز الأمن القومي الإيراني في العراق.
وذكر حمودي في الاجتماع الذي كان من أبرز الحاضرين فيه، بالرغم من أن المجلس الإسلامي الأعلى لم يحصل على مقاعد في الانتخابات الأخيرة، أن وحدة البيت الشيعي يجب أن تكون فوق أي اعتبار أو مكاسب حكومية أو حزبية.
وأكد أن “اجتماع البيت الشيعي هو من أجل بناء رؤية موحدة يتحمل من خلالها مسؤولية رفع الظلم، ومعالجة اختلالات العملية السياسية بما شابها من فشل وفساد واستغلال حزبي للدولة”.
ومع أنه لم يتضح بعد الموقف النهائي للتيار الصدر من شروط الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، إلا أن رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري الذي حضر الاجتماع علق بالقول “الصدر والإصلاح لا يفترقان”، في إشارة تثير التكهنات بشأن الخلافات التي لا يمكن تجاوزها خلال لقاء واحد.
رغم أنه لم يتضح بعد الموقف النهائي للتيار الصدري من شروط الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الشيعية الموالية لإيران لكن التكهنات تتزايد بشأن الخلافات التي لا يمكن تجاوزها خلال لقاء واحد
غير أن الكاتب السياسي العراقي مسار عبدالمحسن راضي اعتبر ما ذُكر عن الشرطٍ الثُلاثي الذي لوَّحت به “تنسيقية الخاسرين” أمام الصدر، والذي مفادُه التخلّي عن الرِئاسات الثلاث، مُجرَّدُ عرضٍ لظلٍ عملاق لا يتناسب مع قِصر قامتِها الانتخابية.
وقال راضي، في تصريح لـ”العرب”، “لا بديل عن الشخوص التي تتولى الرِئاسات الثلاث، سواءٌ كان ذلك داخليّاً أم خارجيّاً، فضلاً عن أن قبول الصدر بهذا الشرط الثُلاثي يعني أنهُ يمتلك عقلية خاسر من النوع الممتاز، وسيُسقِط قاعدته الجماهيرية بالضربة القاضية”.
وعبر عن توقعه بأن اللقاء الذي حصل في منزل العامري لن ينتج عنهُ شيء، لأنه مجرد “لِقاء لتبويس اللحى وجسِّ النبض”.
إلا أن معلقا سياسيا عراقيا قال إن “الاتفاق في منزل العامري إذا حصل فعلا بعدم التجديد للرئاسات الثلاث فليس بعيدا عن القرار الإيراني، وإن لم يشارك فيه أي مسؤول إيراني”.
وأضاف المعلق الذي فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ“العرب”، “إن ما يجري هو إعادة ضبط المشهد العراقي ليس بوساطة إيرانية وإنما إيران هي التي قررت، عبر دوائرها المختلفة وعبر جهات سياسية عراقية تختلف في ارتباطاتها ما بين الحرس الثوري وما بين ‘إطلاعات’ (جهاز المخابرات الإيراني)، عدم التجديد للرئاسات الثلاث”.
وقال القيادي في تيار الحكمة فادي الشمري إن “المجتمعين قرروا أن يكون رئيس الوزراء القادم توافقيا والوزراء استحقاق انتخابي”.
وكان مقتدى الصدر قد أكد الأسبوع الماضي خلال لقاء جمعه مع عدد من الفائزين المستقلين في الانتخابات العراقية أنه يرفض الخضوع لإيران. وقال الصدر “أنا لم أخضع إلى مراجع فكيف يمكن لي الخضوع إلى دول، وسبق أن ذكرت ذلك خلال زيارتي إلى طهران”.
وأعلن مكتب زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي قبل الاجتماع أنه “لا يمكن التحدث عن حكومة أغلبية في ظل مشاركة سنية وكردية لتصبح أغلبية على الطرف الشيعي فقط، ومن الصعوبة الوصول إلى هكذا حكومة أغلبية”، مبينا أن “الأغلبية يجب أن تكون على كل الأطراف كي تسمى أغلبية، وحكومة الأغلبية يجب أن يشارك بها جزء من الكرد وجزء من السنة”.
وفي ختام الاجتماع أصدر الإطار التنسيقي بيانا أوضح فيه جملة القضايا الرئيسية التي تم التطرق إليها، من بينها استمرار الحوارات والمناقشات وصولا إلى وضع معالجات واقعية للانسداد الحاصل في المشهد السياسي.
وذكر البيان أنه تم التأكيد على أهمية الحفاظ على الحشد الشعبي ودعمه وتنظيمه، بما يعزز دوره في العراق، مع التشديد على خروج القوات الأجنبية وفق الجدول الزمني المعلن ووضع آليات كفيلة بحصر السلاح بيد الدولة.
وأكدت قوى الإطار التنسيقي في بيانها على استمرار خطواتها القانونية والجماهيرية في ما يتعلق بمتابعة موضوع نتائج الانتخابات، ما يعني أنها ستواصل متابعة دعوى قضائية رفعتها أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء الاستحقاق.