سقوط ملوك أوروبا يفتح أبواب ثورة تصحيح المسار

فرض السقوط المروّع لفريق ريال مدريد أمام أياكس أمستردام، وخروجه من ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، نفسه بقوة على وسائل الإعلام العالمية. وأثار هذا الوداع المبكر ردود أفعال قوية. وجاء هذا الموسم الصعب عقب فترة تاريخية للميرينغي، تمكن خلالها من حصد لقب دوري أبطال أوروبا 4 مرات خلال 5 مواسم.
خطّ النادي الملكي مسيرة ناجحة بكل المقاييس في أعتى البطولات العالمية، وكتب التاريخ عقب فترة قياسية حصد من خلالها لقب دوري أبطال أوروبا 4 مرات خلال 5 مواسم. وبنى الميرينغي جيله الذهبي الذي فرض سيطرته على لقب أبطال أوروبا خلال 6 أشهر، ولكن يوم 5 مارس 2019، شهد أسوأ سقوط في تاريخ الميرينغي، بعد أن تعرض لخسارة مذلة أمام أياكس على ملعب البرنابيو.
ويمكن القول إن جميع محبي الفريق المدريدي شعروا بما يمكن أن يحدث للملكي هذا الموسم. وحذرت الجماهير والفنيون والمحيطون بالنادي العريق فلورنتينو بيريز من الأمر، وأخبروه بأنه لن يصبح قادرا على قيادة الفريق ما لم يُعد تأسيسه من جديد، خاصة أن هناك مؤشرات على الانهيار ظهرت في موسم 2017-2018.
وواقعة الثلاثاء ليست الأولى في الموسم الحالي لجماهير الفريق مع بيريز، حيث سبق أن هتف المشجعون ضد الرئيس عقب الكلاسيكو الأخير.
وتوالت خيبات ريال مدريد في الموسم الحالي، بعد أن خسر لقب السوبر الأوروبي وخرج من كأس إسبانيا ودوري الأبطال، بينما يحتل الفريق المركز الثالث في جدول الدوري الإسباني ويبتعد عن الصدارة بـ12 نقطة. فيما يبقى اللقب الوحيد الذي حققه زملاء بن زيمة هذا الموسم الحالي، هو الفوز بكأس العالم للأندية، على حساب العين الإماراتي.
ولا بد من التأكيد على أن ريال مدريد لم يكن مستعدا لخطوة رحيل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو كما أن النادي فشل في تعويض المدرب الفرنسي زين الدين زيدان من خلال اختيار جولين لوبيتيغي وسانتياغو سولاري لخلافته في الموسم الحالي.
ويدرك مشجعو فريق العاصمة الإسبانية واقع فريقهم جيدا في الموسم الحالي، لكنهم ينتظرون فترة أفضل مقبلة يستطيع خلالها الميرينغي استعادة توهجه من جديد.
نسخة باهتة
تجدر الإشارة إلى أن اللاعبين الجدد قدموا نسخة باهتة، مقارنة بالأسماء التي مثلت النادي خلال السنوات الماضية.
ويمكن القول إن عودة ريال للطريق الصحيح تحتاج إلى العثور على مدرب جيد قادر على استعادة هوية الفريق، للسير على خطى الجيل الذهبي الذي كان يقوده زيدان وكريستيانو رونالدو.
كما أنه حان الوقت لإجراء مراجعة واتخاذ قرارات كبيرة ومؤلمة داخل قلعة سانتياغو برنابيو. فريال مدريد فريق اعتاد على الفوز بكل شيء، والخروج من ثمن النهائي أمر مُحزن للغاية، لكن الجميع داخل قلعة بيرنابيو يعلم جيدا أن ذلك سيكون درسا يتعلّمه الفريق. وعلى النادي بكل مكوناته أن يعيد التفكير مرة أخرى في ما حدث وما يتبقى من الموسم، وما الذي يجب عليه تحسينه لاستعادة هوية بطل أوروبا.
وأعاد وداع النادي الإسباني لمنافسات دوري أبطال أوروبا إلى الأذهان خروجه من سباق هذه البطولة عام 1995 على يد أودنسه الدنماركي.
وجاء الخروج أمام أياكس مشابها لما حدث أمام أودنسه، حيث أن المباراة سجلت الوداع الثاني للملكي عبر تاريخه في البطولة الأوروبية بعد فوزه في مباراة الذهاب.
ويشار إلى أن ريال نجح في عبور الأدوار الإقصائية لدوري أبطال أوروبا بعد فوزه في مباراة الإياب في 33 من أصل 34 مناسبة، حيث كان السقوط الوحيد له أمام أودنسه. وتمكن الفريق في تلك النسخة القديمة من البطولة الأوروبية من الفوز في مباراة الذهاب خارج ملعبه بنتيجة 3-2، ليزيد من حظوظه في التأهل قبل مباراة العودة على ملعبه. ولكن أبناء مدريد بقيادة المدرب الأرجنتيني خورخي فالدانو، أخفقوا في استثمار تقدمهم في النتيجة في المباراة الأولى وسقطوا في لقاء العودة على ملعب سانتياغو بيرنابيو، بثنائية ليودع بذلك الفريق منافسات البطولة الأوروبية من دورها الثاني.
ما قدمه أياكس أمستردام كان أفضل مستوى، حيث ظهر الفريق الهولندي بأداء جماعي لافت، واستطاع أن يلقن درسا كرويا لبطل أوروبا لن ينسى.
ويذكر أن أياكس كان قد تسبب في مشكلات لعملاق أوروبي آخر هو بايرن ميونيخ، وهو أحد الفرق المرشحة للفوز باللقب. والآن وقد أقصى حامل اللقب، يبقى السؤال مطروحا: إلى أي مدى وأي دور يمكنه أن يصل في المسابقة الأهم عالميا؟
مصلحة الكرة الهولندية
ترك تأهل فريق أياكس إلى ربع نهائي دوري أبطال أوروبا سعادة كبيرة داخل الأوساط الكروية الهولندية. فقد كان شيئا أقرب إلى الكمال منه إلى الإنجاز، وكل شيء سار بشكل سليم، حيث استحق النادي التأهل، وكان أداء مذهلا من جميع اللاعبين الهولنديين.
وكانت لدى أبناء المدرب إيريك تين هاغ الثقة في أنفسهم، والجماهير أيضا وثقت بهم. ورغم تشكيك البعض في إمكانيتهم، لكنهم أظهروا للجميع أنهم يمتلكون فريقا رائعا، أمتع الجميع. وفي الحقيقة كانت هناك الكثير من الشكوك حول قدرة الفريق الشاب على التأهل بعد الأداء في الدوري مؤخرا. وكل ما حدث يصب في مصلحة الكرة الهولندية، حيث يعتقد الجميع أن الكرة الهولندية قد توجه الشكر إلى أياكس، وهو الفريق الذي يحصل على النقاط لهولندا.
الجميع في هولندا بدا فخورا بأياكس وبالعمل البطولي الذي قدمه رجال المدرب تين هاغ معتمدين على القوة والكرة الجميلة. كما أن الثقة التي حملها اللاعبون إلى إسبانيا أعادت إلى الأذهان أسلوب أياكس المعتاد؛ حيث مثل الفريق على مر التاريخ مدرسة كروية متجددة سواء على أرضه أو خارجها. وشدد فنيون على الأداء الجيد الذي قدمه الفريق الهولندي، الذي لم يتأهل إلى الدور ربع النهائي منذ سنوات عديدة، والآن هو بين أفضل 8 فرق. إنها أخبار جيدة لهولندا.