سفير السودان لدى الإمارات ضحية جديدة لهيمنة الإخوان على الحكومة

التعامل السلبي مع السفير شرفي يتزامن مع إظهار الإخوان تحركات مكثفة لتوظيف الوضع الراهن في تصفية حساباتهم مع الإمارات.
الاثنين 2024/10/07
حكومة الأمر الواقع تريد تصفية حساباتها مع ما تبقى من دبلوماسيين مناهضين للإخوان

بورتسودان (السودان)- تصر حكومة الأمر الواقع في السودان التي يسيطر عليها الإخوان على تصفية حساباتها مع ما تبقى من دبلوماسيين جرى تعيينهم بعد ثورة ديسمبر، ويؤدون مهامهم بلا توجهات عقائدية، كان آخرهم سفير السودان لدى الإمارات عبدالرحمن شرفي الذي استدعته وزارة الخارجية للعودة إلى بورتسودان.

وعلمت “العرب” من مصادر سودانية أن عددا كبيرا من السفراء السودانيين في الخارج عزلوا أو تمت إحالتهم إلى التقاعد، بعد أن أتت بهم الثورة عقب إسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير، بسبب توجهاتهم السياسية المناهضة لتنظيم الإخوان.

وأكدت المصادر ذاتها أن حكومة الأمر الواقع في بورتسودان لم تقبل بموقف من أي دبلوماسي لا يدعم الحرب التي شنها الجيش ضد قوات الدعم السريع، ولم يتفهم الجناح الإسلامي داخل المؤسسة العسكرية أن الدبلوماسية هي الخط الموازي للحرب.

◄ عبدالرحمن شرفي معروف بالتزامه بالأعراف الدبلوماسية وعدم الانغماس في الجدالات السياسية التي تمارسها بعض الأطراف
عبدالرحمن شرفي معروف بالتزامه بالأعراف الدبلوماسية وعدم الانغماس في الجدالات السياسية التي تمارسها بعض الأطراف

وتشير بعض المعلومات إلى أن تنظيم الإخوان في السودان يشن منذ فترة حملة انتقادات ضد دولة الإمارات، وطالب باستدعاء السفير عبدالرحمن شرفي وعدم استبعاد محاكمته بتهمة “الخيانة العظمى”، وهو المعروف بالتزامه بالأعراف الدبلوماسية وعدم الانغماس في الجدالات السياسية التي تمارسها بعض الأطراف.

وأضافت المصادر السودانية لـ”العرب” أن حكومة الأمر الواقع تعبر عن أجندات مختلفة، وتستمد جزءا كبيرا من توجهاتها السياسية من حاضنتها جماعة الإخوان وفلول النظام السابق اللتين تريدان الانتقام ممن يعارضون تصوراتهما.

وقال المحلل السوداني عادل سيد أحمد لـ”العرب” إن “الإخوان غاضبون في الأصل من دولة الإمارات منذ فترة ما قبل اندلاع الحرب الحالية، لأن الإمارات لعبت دورا مهما في اللجنة الرباعية الدولية، والمشكّلة منها ومن الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، حيث كانت أبوظبي تعمل من خلال وجودها ضمن هذه اللجنة في اتجاه إقرار السلام في جوبا وتثبيت ركائزه، ووضع اتفاق إطاري ينقل السودان من الحكم المختلط (المدني – العسكري) إلى نظام مدني بالكامل”.

وجاء التعامل السلبي مع السفير شرفي في وقت يُظهر فيه تنظيم الإخوان تحركات مكثفة لتوظيف الوضع الراهن في تصفية حساباته مع دولة الإمارات وكل الجهات والدول التي تقف حجر عثرة في طريقه ولا تتوافق سياساتها مع أجندته.

وأكد عادل سيد أحمد أن الموقف السوداني المناهض لدولة الإمارات ليس له علاقة بالحرب الراهنة وما يتردد حول انحيازات لصالح طرف معين، كما يدعي الإخوان، لأن موقف أبوظبي يتسق مع مواقف العديد من عواصم الإقليم وأغلبية دول العالم الرافضة لعودة الإخوان إلى السلطة.

عادل سيد أحمد: السفير عبدالرحمن شرفي كان يقدم طرحا دبلوماسيا خالصا، وهو ما يغضب الإخوان
عادل سيد أحمد: السفير عبدالرحمن شرفي كان يقدم طرحا دبلوماسيا خالصا، وهو ما يغضب الإخوان

ورأى المحلل السوداني أن السفير عبدالرحمن شرفي كان يقدم طرحا دبلوماسيا خالصا، وهو ما يغضب الإخوان، ومن غير المستبعد أن تتم إقالته أو محاسبته، لكن لن يستطيعوا إعادته إلى بورتسودان، وذلك أسوة بما حدث مع سفير السودان السابق لدى واشنطن نورالدين ساتي، الذي رفض العودة إلى الخرطوم وفضل الانضمام إلى القوى السياسية الوطنية المناهضة للانقلاب العسكري.

وتسود مخاوف من أن يكون السفير عبدالرحمن شرفي ضحية للأوضاع السياسية المتوترة، وقد يتعرض لعقوبات قد تصل إلى حد الإعدام، إذا تم اتهامه رسميّا بـ”الخيانة العظمى”، ويعد توجيه مثل هذا الاتهام الخطير سابقة قد تؤثر على العلاقات الدبلوماسية بين السودان والإمارات، وتعمق الانقسامات الداخلية داخل الجيش.

وكانت دولة الإمارات قد أعربت قبل أيام عن إدانتها الشديدة “للاعتداء الغاشم الذي استهدف مقر رئيس بعثة الإمارات في الخرطوم من خلال طائرة تابعة للجيش”.

وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها إن “الاعتداء أدى إلى وقوع أضرار جسيمة في المبنى”، مطالبة الجيش بـ”تحمل المسؤولية كاملة عن هذا العمل الجبان”.

وأوضحت وزارة الخارجية إبّان ذلك أنها “ستقدم مذكرة احتجاج لكل من جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، على هذا الاعتداء، الذي يمثل انتهاكا صارخا للمبدأ الأساسي المتمثل في حرمة المباني الدبلوماسية”.

وأعربت الوزارة عن “استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القانون الدولي”.

ووجد هذا التصرف إدانات سياسية واسعة من منظمات إقليمية ودول عديدة، باعتباره تصرفا يتعارض مع كل القيم والتقاليد الدبلوماسية المتعارف عليها.

لكن الجيش السوداني نفى الاستهداف واتهام قواته بقصف مقر سفير الإمارات في الخرطوم، وأكد أنه “لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية ولا يتخذها قواعد عسكرية ولا ينهب محتوياتها”، وحاول إلصاق التهمة بقوات الدعم السريع وإبعادها عن سلاح الجو السوداني.

1