سعيد يتهم 'عملاء وخونة' بتأجيج التوتر في مدينة المزونة

الرئيس التونسي يشدد على ضرورة الاستجابة السريعة لمطالب السكان المشروعة في التنمية بعد احتجاجات منددة بمقتل 3 تلاميذ نتيجة سقوط جدار معهد.
الجمعة 2025/04/18
احتجاجات واضرابات بتحريض من معارضين في الخارج

تونس - قام الرئيس التونسي قيس سعيّد بزيارة ليلية مفاجئة إلى مدينة المزونة في محافظة سيدي بوزيد وسط البلاد حيث التقى بعدد من الأهالي واستمع إلى مشاغلهم، مستغلاً المناسبة لتوجيه انتقادات لاذعة لقوى المعارضة التي اتهم بعضها بـ"الخيانة والعمالة"، على خلفية اتهامها بمحاولة تأجيج الأوضاع الاجتماعية والسياسية في المدينة عبر استغلال حادثة انهيار سور المعهد الثانوي، التي أودت بحياة ثلاثة تلاميذ وخلّفت عدداً من الجرحى.
واعتبر سعيّد أن بعض القوى المعارضة تقود "حملات ممنهجة" هدفها التحريض على الفوضى والتشكيك في الدولة ومؤسساتها، عبر استخدام الحادث الأليم كأداة ضغط سياسي، مشدداً على أن هؤلاء "لا علاقة لهم لا بالوطن ولا بالمصلحة العامة".
ويقصد الرئيس حملات ممنهجة تقوم بها قوى معارضة في الخارج لتأليب الراي العام على السلطة عبر استغلال حادثة سقوط سور المعهد. 
وفي تصريحاته من المزونة، أثنى سعيد على ما وصفه بـ"الوعي الشعبي" لدى المواطنين، وخاصة مشاركتهم في حملات التنظيف وعودة الهدوء بعد التحركات الاحتجاجية، مشيراً إلى أن أهالي المدينة "كنسوا العملاء والخونة كما كنسوا الشوارع"، في إشارة مباشرة إلى فشل محاولات استغلال الحادث من قبل المعارضة.

 كما شدد على ضرورة الاستجابة السريعة لمطالب السكان المشروعة في التنمية، مؤكداً أن الدولة تعمل على تلبية تلك الاحتياجات "بعيداً عن أي توظيف سياسي أو مزايدات شعبوية".
من جهته، أوضح علي الجد، عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في المزونة، في تصريح لإذاعة "موزاييك"، أن رئيس الدولة وعد بالتسريع في تطوير المستشفى المحلي، وتفعيل مشروع معمل البلاستيك، الذي قال إنه من "أولويات الدولة"، إضافة إلى الالتزام بصيانة شبكة الطرقات وإنشاء فروع جهوية لعدد من المؤسسات العمومية.
واختتم سعيد زيارته بتقديم واجب العزاء لعائلات ضحايا الحادثة، مشدداً على أن قراره زيارة المدينة جاء بعدما شاهد مشاهد من حملة نظافة أطلقتها مكونات المجتمع المدني بالتعاون مع البلدية والأمن، وهو ما دفعه لتعجيل الزيارة وتأكيد وقوف الدولة إلى جانب الأهالي.
وعاد الهدوء النسبي إلى المدينة الخميس وسط إضراب عام ومسيرة شعبية، بينما شهدت ليلة الأربعاء، مواجهات بين قوات الأمن ومحتجين، وفق نشطاء.
ومساء الأربعاء، تجددت الاحتجاجات بالمزونة، للتنديد بمصرع 3 تلاميذ في انهيار جدار بمعهد دراسي، ورفضا لـ"تهميش المدينة".
ويحتج المشاركون في المظاهرات على "تهميش الحكومة للمزونة وضعف البنى التحتية فيها"، فضلا عن قرار السلطات اعتقال محمد الكثيري، مدير المعهد الثانوي، حيث وقع الحادث، معتبرين أنه تم التعامل معه كـ"كبش فداء" قبل اطلاق سراحه.
وتعليقا على الوضع بالمزونة، قال مؤمن قرافة (ناشط في المجتمع المدني) ، "عاد الهدوء نسبيا صباح الخميس، إلى معتمدية المزونة، بعد ليلة مشتعلة بين قوات الأمن والمحتجين".
وأضاف قرافة، أن "المستشفى المحلي بالمزونة كان يعج بالمواطنين، مساء الأربعاء، جراء استعمال مكثف للغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي من قوات الأمن لتفريق المحتجين".
وتابع أن "مسيرة شعبية انطلقت صباح الخميس شارك فيها تلاميذ وعمال ونشطاء بالمجتمع المدني، نادت بعدة مطالب لعل أبرزها انسحاب القوة الأمنية وإطلاق سراح كافة الموقوفين".
وتواصل الإضراب العام لليوم الثالث على التوالي، وشهدت المدينة إغلاقا كليا لكل المحلات والمؤسسات الإدارية والتعليمية، وبعد التفاوض انسحبت القوات الأمنية من وسط المدينة، فيما قدم الجيش الوطني لحماية المؤسسات، وفق المصدر نفسه.
وقال قرافة، إن "الغضب الليلي لم يطل أي مؤسسة، ولم يشهد حالات سرقة وفوضى أو ما شابه" مضيفا أن "أبناء المدينة سيتجهون إلى اعتصام سلمي إلى حين تحقيق مطالبهم في رد اعتبارهم وحل العديد من المشاكل التنموية الأخرى، وتحسين الأوضاع المعيشية".
من جهة أخرى، أعلن محمد الصافي، كاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية)، في تدوينة على موقع فيسبوك، أن مدير المعهد الثانوي بالمزونة (الكثيري) تمّ إطلاق سراحه ظهر الخميس".
والثلاثاء، أكد الناطق باسم المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد جوهر القابسي، في تصريح لقناة التاسعة الفضائية (خاصة) أنه "تم إيقاف مدير المعهد الثانوي بالمدينة على إثر فاجعة سقوط حائط المعهد، الذي أودى بحياة 3 تلاميذ وجرح آخرين".
وأضاف أن "النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد أذنت بفتح تحقيق للكشف عن ملابسات مصرع وإصابة تلاميذ بسبب الإهمال أو التقصير".
ومنذ الثلاثاء، تخرج مسيرات احتجاجية تجوب المزونة، تنديدا "بتهميش الحكومة للمدينة وضعف البنى التحتية بها".
بدوره، أوضح وليد الجد، ناشط بالمجتمع المدني، أن مطلب المحتجين وأعضاء المجتمع المدني هو "إحداث تنمية اجتماعية واقتصادية عادلة تنهض بالمدينة".
والاثنين، أعرب سعيد، عن "عظيم ألمه لحادث مصرع عدد من التلاميذ بالمزونة"، ووجّه "تعليماته بتحميل المسؤولية لكل من قصر في أداء واجبه"، وفق بيان للرئاسة.
ففي ذات اليوم، انهار الجدار على التلاميذ، بعد هبوب رياح قوية، حيث أنه "بُني منذ ثمانينات القرن الماضي وكان آيلا للسقوط"، وفق إعلام محلي.
وفي 17 ديسمبر 2010، انطلقت من مدينة سيدي بوزيد مركز الولاية، التي تحمل الاسم نفسه، احتجاجات شعبية توسعت للولايات الأخرى، أطاحت في 14 يناير 2011 بالرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011).