"سعودية وسائق كويتي" قصص اجتماعية

بيروت – عندما نقرأ عنوانا مثل "سعودية وسائق كويتي"، للكاتب علي المطيري يمكننا التكهن بأننا إزاء نص يجعل من مادته فضاء لاحتمالات تأويلية كثيرة ممكنة ومحتملة. إذ كيف يمكن لكويتي أن يكون سائقا عند سعودية، ولكن ما إن نتجاوز عتبة العنوان وندخل في متن النص السردي ونتصفح خطراته حتى ندرك أنها مفارقة رمزية، تحمل حكاية ومعنى ورسالة قيمية تتحول معها القصة برموزها، خفيفة الظل، إلى رومنسية واضحة بألغازها، بعيدة عن الغوص في الغريب المعقَّد.
من خلال العديد من الصور القصصية التي أنتجها علي المطيري يقوم الكاتب بتمثيل مواقف حياتية، يقتسم أفرادها فضاء الألفة ذاته، في محاولة لكشف جوانب خفية من المجتمعات الخليجية، وفي ترسيخ لوعي متوازن عن تلك الذوات القصصية وتفاصيل تجاربها الحياتية الخاصة، التي توضح مجتمعة صورة مختلفة عن مجتمعاتها.
هكذا على امتداد النصوص التسعة عشر في المجموعة القصصية، و”باب ما جاء بالأحلام” ومنها “ومضة”، “الظن”، “شعور”، “عذاب”، “زعفران”، “البر”، “قناعة”، “السرقة”، “ورقة في خبزة التميس”، وغيرها، يظل أسلوب القص جزءا تكوينيا لا يتجزأ من مشهد التجديد السردي ذي الخصائص المحلية النابعة من مكونات البيئة المكانية، وهو ما ركز عليه القاص الذي حاول اللعب على خصوصية المكان وخصوصية ذواته بعاداتها وثقافاتها وما تعهيش.
يمكننا ونحن نتوغل في قصص المجموعة أن نقر بأن المكان هو البطل الأساسي والخيط الناظم لكل القصص، فالقاص مؤمن بأن الأرض ضرورية للعملية الفنية برمتها، وبهذا المعنى يضعها علي المطيري ميسمه الساخن، على الأوراق، من خلالها يستقي أغلب حكاياته ويحاول إبراز مواطن خفية فيها لا تمجيدا بل لينقدها بدقة أكبر موجها نحوها منظاره السردي.
يقول علي المطيري في تقديمه لمجموعته القصصية هذه “في هذه المجموعة بقايا لأشياء كثيرة.. إما جروح أو أحزان أو عادات وتقاليد بالية وقاسية أو تجارب كثيرة.. قد تشبهك أنت أو من هم حولك، كما أقدم بعض الأشياء التي بالحياة حصلت لك أو تعرضت لها أو عايشتها مع غيرك”.
ويضيف المطيري “عموما هي مجموعة قصصية قصيرة وبسيطة خفيفة لا أدّعي أنها شيقة.. أنت قد تشعر بتشويقها عن غيرك، ولا أدّعي أيضا أنها مفيدة.. فقد تستفيد من أشياء عديدة بنفسك ليس لي مقصد بتوضيحها، ولكن بنفسك من بين الأشياء وجدتها واكتشفتها ولم تكن عندي بالبال أو وضعتها بالحسبان”.
ونذكر أن المجموعة القصصية "سعودية وسائق كويتي" صدرت مؤخرا عن الدار العربية للعلوم ناشرون.
وعلي المطيري ممثل وكاتب سعودي شاب، اشتهر بكتاباته التي تناقش القضايا الاجتماعية، وهو ما يرسخه أكثر في مجموعته القصصية الجديدة التي جعل منها قصصا كاشفة لخفايا اجتماعية وفردية في المجتمع السعودي والمجتمعات الخليجية ككل.