سرعة عقد المؤتمر وغياب الطابع الإلزامي يثيران شكوك السوريين في جدية الحوار الوطني

دمشق - ستنطلق جلسات مؤتمر الحوار الوطني السوري، الثلاثاء، حيث سيجري عقد جملة من الورشات على مدار يومين، يتم خلالها البحث في ستة محاور تهم الإعلان الدستوري، والعدالة الانتقالية، والاقتصاد، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، والحياة السياسية والحزبية.
وينظر جزء مهم من السوريين إلى المؤتمر على أنه الحجر الأساس لإعادة بناء الدولة التي دمرتها الحرب الأهلية، لكن محللين يرون أن هناك الكثير من الشكوك تحيط بفرص نجاح الاستحقاق، لعل أهمها أن ما سيتمخض عنه من توصيات ليست ذات طابع إلزامي للسلطة الانتقالية، وبالتالي يخشى من أن يكون عقده مجرد خطوة تسويقية لإقناع المجتمع الدولي بأن أي قرارات تهم قواعد الحكم في البلاد تمت بإشراك جميع السوريين.
ويشير المحللون إلى أن ما يعزز هذه الهواجس هو السرعة الكبيرة في عقد الحوار الوطني حيث تقرر توجيه الدعوات للمشاركين من الخارج والداخل، قبل يوم واحد من بدء الحوار، فضلا عن أن عددا من المحافظات مثل الرقة ودير الزور والحسكة لم تحظى بالتمثيل الكافي وسيجري الاقتصار على دعوة عدد من الشخصيات القاطنين خارج البلاد لتمثيلها.
وأعلنت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، الأحد، عن بدء توجيه الدعوات للمشاركين بالمؤتمر من داخل سوريا وخارجها الاثنين. ولفتت اللجنة إلى أنه “في إطار التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر الحوار الوطني، تم عقد أكثر من 30 لقاء شملت جميع المحافظات لضمان تمثيل مختلف مكونات المجتمع السوري.”
وأضافت أنه شارك في اللقاءات ما يقارب 4000 رجل وامرأة وأجرت اللجنة العديد من الحوارات بهدف الاستماع لمختلف الآراء والتوجهات حيث استمعت ودونت أكثر من 2200 مداخلة واستلمت مشاركات مكتوبة تزيد عن 700 مشاركة.
وتابعت اللجنة “لمسنا خلال اللقاءات حالة واسعة من التوافق بين السوريين ما سهل عمل اللجنة حيث برزت قضايا العدالة الانتقالية والبناء الدستوري والإصلاح المؤسسي والإصلاح الاقتصادي ووحدة الأراضي السورية وقضايا الحريات العامة والشخصية والحريات السياسية كأولويات أساسية لدى الجميع.”
وقالت “تكررت المطالبة بضرورة إصدار إعلان دستوري مؤقت لتسيير المرحلة الانتقالية وضرورة وضع خطة اقتصادية تتناسب مع المرحلة، إضافة إلى ضرورة إعادة هيكلة القطاعات الحكومية وإشراك المواطنين في إدارة المؤسسات وتعزيز الأمن والاستقرار لتسهيل إعادة بناء مؤسسات الدولة.”
وأكدت أنه رغم اختلاف وجهات النظر فإن التنوع “يعد مؤشراً صحياً على قدرة السوريين على الحوار والتعايش وهو ما يعزز القناعة بأن التنوع المجتمعي هو مصدر قوة للسوريين خلافا لما حاول النظام البائد ترسيخه.”
ولفتت اللجنة إلى أن الحوار ليس مجرد مؤتمر أو فعالية مرحلية بل نهج مستدام لحل القضايا الوطنية بشكل تدريجي ومسؤول. وأشارت إلى أن المؤتمر سيعتمد طابعاً عملياً حيث ستتضمن أعماله ورشات عمل تخصصية تعالج القضايا التي استخلصتها اللجنة من لقاءاتها مع مختلف شرائح المجتمع وسيشارك في كل ورشة خبراء ومتخصصون ومهتمون لضمان نقاشات معمقة وإيجاد حلول قابلة للتطبيق.
وأوضحت اللجنة أن هذا المؤتمر هو الخطوة الأولى في مسار وطني طويل يتطلب عملاً جماعياً مستمراً لبناء هوية وطنية سورية جديدة تحفظ السلم الأهلي وتحقق تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل يليق بتضحياته.
ومطلع الشهر الجاري، أعلنت الرئاسة الانتقالية في سوريا عن تشكيل لجنة تحضيرية من سبعة أعضاء من أجل عقد مؤتمر الحوار الوطني الذي أعلنت عنه منذ توليها السلطة.
وكلّف رئيس الفترة الانتقالية، أحمد الشرع، حسن الدغيم وماهر علوش ومحمد مستت ومصطفى الموسى ويوسف الهجر وهند قبوات وهدى أتاسي، بعضوية اللجنة التحضيرية.
وبحسب القرار، تقر اللجنة المحدثة نظامها الداخلي وتضع معايير عملها “بما يضمن نجاح الحوار الوطني”، على أن ينتهي عملها “بمجرد صدور البيان الختامي للمؤتمر المرتقب”.
اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري تعلن عن بدء توجيه الدعوات للمشاركين بالمؤتمر من داخل سوريا وخارجها
وليس من الواضح بعد الدور الذي ستلعبه اللجنة خلال المؤتمر هل ستكون فقط جهة مشرفة أم لديها الحق في طرح تصوراتها، وفرض توجهات معينة على المشاركين.
ويعد مشاركة عدد كبير من الشخصيات من مشارب فكرية وأيديولوجية مختلفة في مؤتمر الحوار الوطني، سلاح ذو حدين فهو وإن كان فرصة للإثراء لكنه في الآن ذاته قد يقود إلى فوضى من التصورات والرؤى التي قد تصل حد التناقض.
ومن النقاط المثيرة للجدل هو غياب ممثلين عن الإدارة الذاتية الكردية، الأمر الذي يجعل من إشراك الجميع مجرد شعار، للتسويق.
وقال المتحدث باسم اللجنة إن التوصيات من الحوار الوطني لن تكون مجرد نصائح وشكليات بل سيتم البناء عليها من أجل الإعلان الدستوري والهوية الاقتصادية وخطة إصلاح المؤسسات.
ولفت الدغيم إلى أن تشكيل الحكومة الانتقالية غير متلازم مع مسار الحوار الوطني، ولكن تشكيلها بعد انعقاد الحوار الوطني سيمكن من الاستفادة من طروحات المؤتمر.
وإثر إعلانه في التاسع والعشرين من يناير رئيسا انتقاليا للبلاد، تعهد الشرع بإصدار “إعلان دستوري” للمرحلة الانتقالية بعد تشكيل “لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغّر” وحلّ مجلس الشعب.
وتعهد كذلك بتشكيل “لجنة تحضيرية” لمؤتمر حوار وطني. وقال الشرع إن بلاده ستحتاج من 4 إلى 5 سنوات لتنظيم انتخابات.