سرطانات الثدي والرئة والمعدة مسؤولة عن العدد الأكبر من حالات الوفاة

كليفلاند (الولايات المتحدة) - لاحظ أطباء الأورام في السنوات الأخيرة، زيادة في حالات السرطان لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا، وخصوصا لدى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاما.
وأكد الدكتور ديفيد ليسكا على ضرورة زيادة الوعي بالأعراض والتاريخ الصحي العائلي والاختلافات في طرق العلاج للمراهقين والشباب، بالتزامن مع تصاعد حالات تشخيص الإصابة بالسرطان لدى الشباب حول العالم.
وبيّن بحث نشرته جامعة إدنبرة في المملكة المتحدة مؤخرا، أن عدد حالات الإصابة الجديدة بالسرطان لدى الأفراد ممن هم تحت سن الـ50 قد ارتفعت بنسبة 79 في المئة ،خلال الفترة ما بين عامي 1990 و2019. كما أظهر البحث أن حالات الوفاة في صفوف هؤلاء المصابين ارتفعت بأكثر من 27 في المئة.
وتشير توقعات البحث إلى أن هناك أكثر من مليون شخص تحت سن الـ50 يموتون بسبب السرطان سنويا. وتعد حالات سرطان الثدي والقصبة الهوائية والرئة والأمعاء والمعدة مسؤولة عن العدد الأكبر من حالات الوفاة.
1
مليون شخص تحت سن الـ50 يموتون بسبب السرطان سنويا وتعد حالات سرطان الثدي والقصبة الهوائية والرئة والأمعاء والمعدة مسؤولة عن العدد الأكبر من حالات الوفاة
وقال الدكتور ليسكا، وهو جراح سرطان القولون والمستقيم والذي يقود برنامجا متعدد التخصصات لتحسين أساليب العلاج ونتائجه في صفوف المراهقين والشباب لدى كليفلاند كلينك: “تنفذ كليفلاند كلينك وغيرها من المؤسسات على الصعيد العالمي، أبحاثا حول أسباب الزيادة الملحوظة في حالات الإصابة بالسرطان في صفوف الشباب، وإننا نعتقد بأن السبب وراء ذلك متعدد العوامل”.
وأضاف الدكتور ليسكا، الذي يشغل كذلك منصب مدير مركز كليفلاند كلينك لسرطان القولون والمستقيم لدى الشباب: “لاحظ الباحثون وجود تأثير متعلق بمجموعات المواليد، حيث أشاروا إلى أن الأفراد، الذين وُلدوا في العقود منذ خمسينيات القرن الماضي سجلوا معدلات أعلى للإصابة بالسرطان لدى الشباب مقارنة بأولئك الذين وُلدوا في العقود السابقة لذلك. ويشير هذا الأمر إلى أن التعرض المشترك لعدد من العوامل المحددة في البيئة قد يكون مرتبطا بهذه المخاطر المتنامية، سواءً كان ذلك تغيرا في العادات الغذائية أو استخدام المواد الكيميائية أو أي عدد من العوامل الأخرى”.
وتابع ليسكا قائلا: ولقد اكتشفنا اختلافات في ميكروبيوم الأمعاء وعملية الاستقلاب والبيئة الدقيقة المناعية للورم في الشباب والمتقدمين في السن ممن أصيبوا بنفس السرطان. ومن الاعتبارات الأخرى، التي تم النظر فيها، هي أن عوامل الخطر الشخصية للسرطان مثل السمنة وأسلوب الحياة الخامل قليل الحركة أصبحت أكثر انتشارا في صفوف هذه الفئة العمرية، ولذلك فإنها تسهم على الأغلب في مفاقمة المشكلة”.
وكتب موقع مجلة “فوكوس” الألمانية، أنه “يبدو واضحا للخبراء أن الجمع بين نظام غذائي غير صحي والسمنة وعدم ممارسة الرياضة في مرحلة الطفولة، هي أرض خصبة للإصابة بسرطان القولون في سن مبكرة”.
وأضاف الموقع المذكور أن دراسات مختلفة أظهرت أن زيادة استهلاك اللحوم، والوجبات السريعة، والأطعمة الجاهزة وجميع الأطعمة عالية المعالجة تضر بصحة القناة الهضمية، خاصةً عندما تحل محل الأطعمة الطازجة المليئة بالفيتامينات ومضادات الأكسدة والألياف.
وبخصوص الحصول على العلاج، أشار الدكتور ليسكا إلى أن هناك حاجة لتوجه مخصص للمرضى الشباب، إذ أن الطبيعة البيولوجية للسرطان إلى جانب الآثار النفسية والعلاج طويل الأمد تختلف لدى الشباب مقارنة بكبار السن.
وأوضح الدكتور ليسكا أن هناك فريقا من الخبراء في كليفلاند كلينك يعمل عن كثب مع أطباء الأورام والجراحين لضمان تلبية احتياجات جميع المرضى الشباب، وقال: “هناك عوامل فريدة تواجه المرضى الشباب في مراحل حياتهم، فعلى سبيل المثال، قد يرغب هؤلاء الشباب بتأسيس عائلة، الأمر الذي يجعل بحث المسألة مع أخصائي خصوبة أمرا مهما. وقد يكون لشباب آخرين أبناء أو أنهم يقومون برعاية ذويهم المسنين، ولذلك فإن التحول من كونهم مقدمي رعاية إلى أشخاص يحتاجون إلى الرعاية قد يكون صعبا من الناحية المالية والاجتماعية، وهو المجال، الذي تظهر فيه أهمية دور علماء النفس والأخصائيين الاجتماعيين”.
وأضاف قائلا: “ويستفيد المرضى الشباب كذلك من النصائح، التي يقدمها خبراء الرعاية الصحية، الذين يمكنهم العمل مع هؤلاء الشباب من أجل تعديل نظامهم الغذائي وتمارينهم وغير ذلك من عادات أسلوب الحياة بهدف دعم العلاج، وتجنب المضاعفات المتعلقة بالسرطان أو العلاج، وتقليل مخاطر عودة السرطان من جديد”.
وأردف قائلا: “يعد العثور على فريق من الأخصائيين متعددي التخصصات والمتمرسين في علاج مرضى السرطان من الشباب أمرا على قدر كبير من الأهمية، إذ يمكن لجودة العلاج المقدمة أن تؤثر بصورة ملموسة على النتائج، ليس فقط من حيث مستويات البقاء للمرضى، ولكن أيضا من حيث جودة الحياة بعد العلاج”.
وأضاف ليسكا: “فيما يتعلق بالوقاية، فإننا نوصي باتباع أسلوب حياة صحي يشمل نظاما غذائيا متوازنا وممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتجنب استهلاك التبغ والكحول”.
وتابع قائلا: “ويعد التشخيص المبكر مهما كذلك، إذ أنه كلما تم اكتشاف السرطان وعلاجه في فترة مبكرة، فإن النتائج ستكون أفضل. ويجب على الأفراد عدم تجاهل الأعراض المستمرة والدائمة أيا كان نوعها، بل يجب عليهم التحدث بخصوصها مع الطبيب. كما يجب على الأفراد بحث أي تاريخ عائلي من الإصابة بالسرطان مع الطبيب، الذي يمكنه تقديم المشورة حول أفضل توقيت لإجراء فحوصات السرطان ووتيرة هذه الفحوصات، وما إذا كان يتوجب على الأفراد إجراء اختبارات جينية”.
وكانت دراسة أميركية قد وجدت أن انتشار الخلايا السرطانية لدى مرضى سرطان القولون، الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما، يحدث بشكل أكبر منه لدى مرضى سرطان القولون الأكبر سنًا، في مرحلة التشخيص الأولي. لكن من وجهة نظر الخبراء، فإن الخطر الناجم عن نمط الحياة الضار بالقولون لا يفسر سبب إصابة المرضى الأصغر سنًا في كثير من الأحيان بأورام شرسة.
ونظرا لأن سرطان القولون يتطور عادة من الأورام الحميدة غير الضارة في بطانة القولون، فيمكن منع تطوره إذا كشفت اختبارات الفحص تلك الأورام الحميدة، وتمت إزالتها، وفي هذه الحالة لا تكون هناك أرض خصبة للسرطان.
الفحص المنتظم لسرطان القولون يمكن أن يساعد في الوقاية عن طريق التعرف على الأورام الحميدة وإزالتها قبل أن تتحول إلى سرطان
ويشير الخبراء إلى العديد من الخيارات الشخصية التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون أو المستقيم. وتشمل: التدخين، الإفراط في شرب الكحول، وإتباع نظام غذائي عالي الدهون وقليل الألياف، وعدم ممارسة الرياضة.
ولا يعني اتخاذ خطوات فعلية لتجنب الإصابة بسرطان القولون والمستقيم تجنب اللحوم تمامًا لاسيما إذا كان الشخص يستمتع بها، والأهم في معظم الأشياء المذكورة هو الاعتدال. فالاعتدال هامٌ جدًا في الوقاية من سرطان القولون.
وتوجد أيضا عوامل خطر خارجة عن سيطرة الشخص. ويقول الأطباء إن هناك حالات وراثية أو أمراض موروثة، مثل متلازمة لينش وداء السلائل الورمي الغدي العائلي يمكنها أن تؤدي إلى سرطان القولون والمستقيم في الأعمار الأصغر في العائلات. ورغم أن تلك الأمراض غير شائعة نسبيًا، لكنها يمكن أن تخلق مخاطر عالية للإصابة بسرطان القولون.
ويوضح الأطباء أن اختبارات الفحص المنتظمة لسرطان القولون والمستقيم يمكن أن تساعد في الوقاية من سرطان القولون عن طريق التعرف على الأورام الحميدة وإزالتها قبل أن تتحول إلى سرطان.
وتختلف إرشادات الفحص في جميع أنحاء العالم، ولكن بشكل عام، يوصى بالفحص بدءًا من سن 45 عامًا للأشخاص المعرضين لخطر متوسط بالولايات المتحدة، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. ويشير الأطباء إلى أنه بسبب زيادة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بين الشباب في الولايات المتحدة، توصي الإرشادات بإجراء الفحص بداء من عمر 45 عاما للأشخاص المعرضين لخطر متوسط. ويوصى بالفحص في الأعمار الأصغر لمن هم عُرضة لخطر كبير، مثل من لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بالمرض.