سخاء الصين مع أفريقيا يحرج القوى العالمية المنافسة

جوهانسبرغ - عشية ذكرى وفاة الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا، بدأت في مدينة جوهانسبرغ أمس أعمال قمة “منتدى الصين – أفريقيا” السادسة، بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورؤساء دول وحكومات وممثلين عن الدول الأفريقية، سعيا إلى تحقيق التنمية الشاملة.
وتعهد الرئيس الصيني في افتتاح القمة، بتقديم 60 مليار دولار تخصص للتنمية في قارة أفريقيا، وإلغاء الديون المترتبة على الدول المتعثرة حتى العام 2015، والارتقاء بمستوى العلاقات مع الصين إلى المستوى الاستراتيجي.
وتعد الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يصل التبادل التجاري بينهما إلى نحو 220 مليار دولار، وهي أيضا أكبر المانحين للقارة، بقروض مباشرة تبلغ قيتمها حوالي 300 مليار دولار، إلى جانب استثمارات في دول القارة توزاي أيضا 300 مليار دولار.
وقال جين بينغ إن بلاده تسعى إلى إقامة علاقات مع أفريقيا تقوم على المساواة. وحدد خطة تنمية شاملة من عشر نقاط تقودها الصين لثلاث سنوات، تغطي مجالات التصنيع والتحديث الزراعي والبنية الأساسية والخدمات المالية والتنمية الخضراء وتسهيلات التجارة والاستثمار.
إضافة إلى بنود أخرى تهدف إلى تخفيف حدة الفقر وزيادة الخدمات الاجتماعية والصحة العامة والتعليم وتعزيز السلام والأمن.
وضمانا للتطبيق الناجح لخطط التعاون قررت الصين تقديم 60 مليار دولار في صورة دعم مالي، وتقديم 60 مليون دولار لمساعدة قـوات التدخـل السريـع في أفـريقيـا، إلى جانب دعوة 40 ألـف طالـب للدراسة في الصين سنويا والتعهد بتدريـب 200 ألـف فني أفـريقي، منهم ألف من العاملين في وسائل الإعلام.
وأمام المنتدى تحدث رئيس دولة زيمبابوي روبرت موغابي باعتباره رئيس الاتحاد الأفريقي في دورته الحالية، واعتبر أن الصين بمثابة “هدية من الله” إلى سكان القارة السمراء.
وأضاف أن على المستعمرين أن ينظروا لما تفعله الصين تجاه الأفارقة من تقديم الدعم وضخ الاستثمارات، في إشارة إلى الدول الغربية التي استعمرت بلدان أفريقيا في الماضي مثل فرنسا وبريطانيا وأسبانيا والبرتغال.
الرئيس الصيني شي جين بينغ تعهد بتقديم 60 مليار دولار وإلغاء ديون الدول المتعثرة
في السياق نفسه، تحدثت أيضا رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي نكوسازانا دلاميني زوما، والتي استبشرت بحديث الرئيس الصيني، خاصة في ما يتعلق بالأمن الغذائي.
وذكرت بأن القارة تستورد من الحبوب ما تصل قيمته سنويا إلى 8 مليارات دولار، داعية إلى ضرورة تنفيذ خطط الصين لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ويشارك في القمة التي تختتم أعمالها اليوم السبت 41 من رؤساء الدول والحكومات وعدد كبير من الوزراء والمسؤولين. وحظيت القمة باهتمام عالمي كبير لأنها تعد الثانية على مستوى القادة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، بعد القمة الأولى التي عقدت في بكين عام 2006.
ويصاحب القمة إقامة معرض حول تصنيع المعدات في مجالات تشمل السكك الحديد والطيران والطاقة الكهربائية والاتصالات، علاوة على معارض فنية صينية وأفريقية وعروض موسيقية.
وقال لي جوانغ ياو الأكاديمي في معهد السياسات العامة في الجامعة الحكومية في سنغافورة، إن الصين تقدم النموذج الأفضل للدول النامية في مكافحة الفقر، ومنذ الإصلاح والانفتاح، اعتبرت الصين حق التنمية أحد الحقوق الأساسية لبقاء وتطور البشرية.
وأشار في تصريحات لـ“العرب” على هامش القمة إلى أنه على مدى 30 سنة تمكنت الصين من خفض عدد الفقراء على نطاق واسع، كما عملت على تسريع وتطوير قضية مكافحة الفقر، ولعبت دورا هاما في خفض عدد الفقراء في العالم.
وأكد أن الصين أصبحت نموذجا بالنسبة إلى الدول النامية وأن قضية مكافحة الفقر تكتسب هناك أهمية كبيرة بالنسبة إلى العالم، حيث ستواصل الصين لعب دور أكثر أهمية بالنسبة إلى هذه القضية على مستوى العالم.
وأوضح لي تشي بياو الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية لـ“العرب”، أن مساعدات الصين لأفريقيا جزء من الدعم المتبادل بين الدول النامية أو ما يسمى بالمساعدة المتبادلة بين بلدان الجنوب والتي تختلف بشكل جذري عن المساعدات الغربية.
وأكد رالف ماثيكجا، رئيس قسم الاقتصاد السياسي في معهد مابونجوبوي للأبحاث الاستراتيجية، وهي مؤسسة بحثية في جنوب أفريقيا، أن قارة أفريقيا شهدت لفترة طويلة من الزمن شروطا غير مواتية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تضمنت سياسات تم تمريرها مع المساعدات الغربية، لا تصب في مصلحة أفريقيا.
وأضاف لـ“العرب” أن الصين لديها فائض مالي كبير وخبرة في البنية التحتية والتمويل لتحرير أفريقيا من المؤسسات المالية الغربية.