سحوبات على جوائز تسويقية تتحول إلى قضية فساد في الكويت

الكويت- توسعت قضية الغشّ والتحايل في السحوبات على جوائز يتمّ منحها عشوائيا على سبيل الحظ خلال مناسبات ومهرجانات تجارية تقام في الكويت لأغراض إشهارية وتسويقية، إلى فضيحة فساد تحرّكت أجهزة الدولة لتطويقها ومحاسبة المسؤولين عنها.
وأثارت القضية حالة من الامتعاض كونها مثّلت بحسب بعض الدوائر السياسية والإعلامية الكويتية مؤشّرا على مدى انتشار الفساد وتسرّبه إلى مختلف المؤسسات والأنشطة نتيجة ضعف الرقابة في فترات سابقة قبل تصدّي أمير البلاد شخصيا لملف الإصلاح ومحاربة الظاهرة بتقوية سلطة الدولة وإحكام مؤسساتها.
وانطلقت القضية مؤخرا عندما تمت ملاحظة فوز وافدة مصرية بشكل متكرر في عمليات السحب على جوائز قيّمة من بينها عدّة سيارات، ليتم الكشف لاحقا أن وراء الأمر شبكة تقوم بعمليات تلاعب بالسحوبات وتتقاسم الأرباح بين أفرادها.
وفي ظل الصدى المدوي الذي خلّفته القضية تحرّكت السلطات وفتحت تحقيقات بشكل فوري أفضت إلى الكشف عن العشرات من المتورّطين من بينهم مسؤولون في وزارة التجارة.
وفي ظلّ شكوك بشأن تواصل عملية الغشّ والتحايل في السحوبات التجارية منذ سنوات طويلة قررت وزراة التجارة فتح الملف بمفعول رجعي وأعلنت عن إجراء مراجعة وتدقيق موسع للسحوبات التي أشرفت عليها خلال السنوات الماضية، بينما قدم وكيل الوزارة زياد الناجم استقالته من منصبه على خلفية هذه القضية.
وجاءت تلك الإجراءات التي وصفت بالعاجلة والأولية في انتظار إجراءات أشمل ومراجعات أعمق لملف السحوبات، بالتوازي مع تحرّك وزارة الداخلية لضبط المسؤولين عن عملية الغش والتحايل.
وأعلنت السلطات الأمنية عن توقيف بعض أعضاء شبكة التلاعب بالسحوبات وإبلاغ الإنتربول لإلقاء القبض على آخرين هاربين خارج البلاد.
وترافق ذلك مع أمر موجّه من البنك المركزي إلى باقي بنوك البلاد بوقف السحوبات المقّرة بعد رواج معلومات عن تمكن المتربّحين من عمليات التلاعب من تحصيل مبالغ تقدر ببضعة ملايين من الدولارات.
وأصدر وزير التجارة والصناعة خليفة العجيل سلسلة قرارات تتعلق بقضية السحوبات شملت تشكيل لجنة لتقصي الحقائق برئاسة رئيس جمعية المحامين عدنان آبل وأخرى للإشراف على السحوبات الحالية والمقبلة ووضع آليات لتطوير النظم لتلافي حدوث مخالفات في المستقبل، بالإضافة إلى إدخال تغييرات في صفوف المشرفين على قطاع الرقابة وشؤون حماية المستهلك تمثلت في إقالات ونُقل من الوظائف.
ونقلت صحيفة “النهار” المحلية عن مصادر وصفتها بالمطلعة قولها إن الجهات الرقابية والأمنية تتعاون للوصول إلى أذرع طويلة للمتحايلين على إجراءات سحب الجوائز بالمهرجانات التسويقية امتدت إلى جهات حكومية وخاصة، مؤكدة أن المراجعة الشاملة للسحوبات السابقة ستعود إلى عدّة سنوات سابقة.
وذكرت المصادر أن إلغاء تكليف قياديين في وزارة التجارة أو تقديم البعض لاستقالاتهم لن يعفياهم من المساءلة في حال ثبت تورطهم أو تخاذلهم أو حتى عدم قيامهم بمسؤولياتهم في مراقبة السحوبات وضمان الشفافية والنزاهة.
ويشمل التحقيق، بحسب المصادر ذاتها، الشركة المتعاقدة معها وزارة التجارة للإشراف على برنامج السحب الإلكتروني للتأكد مما إذا كانت الآلية تسمح بالتدخل البشري وضبطها على اسم محدد للفوز بالجائزة.
وفي الجانب الأمني من قضية التلاعب بالسحوبات قالت النيابة العامة في بيان إنّه تمّ خلال عمليات التفتيش التي شملت مساكن ووسائل نقل تابعة للمشتبه بتورطهم في القضية ضبط مقتنيات ثمينة ومستندات وأجهزة كمبيوتر محمولة وهواتف نقالة تحتوي على دلائل قاطعة على عمليات التلاعب والتزوير المرتبطة بالسحوبات المجانية في مهرجان الكويت للتسوق المعروف باسم “يا هلا” وسحوبات أخرى سابقة مرتبطة بعدة مؤسسات وشركات.