سجين مجهول ولد يوم قُتل الخليفة عمر بن الخطاب

رواية "الأفغاني: سماوات قلقة" تعالج قضايا الهوية والانتماء والتاريخ بين الزيف والحقيقة من خلال ثماني سرديّات.
الأربعاء 2020/08/19
هوشنك أوسي والبحث عن الهوية

عمان – تجري أحداث رواية “الأفغاني: سماوات قلقة” للشاعر والروائي السوري المقيم في بلجيكا، هوشنك أوسي، في سجن للمهاجرين غير الشرعيين في جزيرة خيوس اليونانية، خلال صيف وخريف 2009، حيث يختفي أحد السجناء في ظروف غامضة.

وتفتح سلطات السجن تحقيقا بخصوص اختفاء السجين الغريب، وبعد مضي نحو أسبوع يتمّ العثور على جثته، مقتولاً بشكل بشع في فناء كنيسة قريبة من السجن.

الشخص المقتول، قدّم نفسه للسلطات اليونانية على أنه لاجئ أفغاني، يتحوّل التحقيق من البحث عنه إلى البحث عن هويته كمدخل للتحقيق في ظروف وملابسات مقتله، والأسباب والخلفيّات والدوافع التي تقف خلف ذلك.

تراسل السلطات اليونانيةُ السفارةَ الأفغانية في الاتحاد الأوروبي – بروكسل، كي تستلم جثة مواطنها الأفغاني، فتجيب السفارة بأنه يستحيل التعرّف على هوية وشخصية هذا الشخص، لأن السجلات المدنية في مدينته محترقة، نتيجة الحرب، ويمكن أن يكون منتحلاً صفة الأفغاني.

يبدأ التحقيق مرحلته الأولى لمعرفة حقيقة وهويّة الشخص القتيل، هل هو أفغاني أم لا؟ ومن ضمن الأشخاص – السجناء المهاجرين الذين يجري التحقيق معهم، أشخاص ربطتهم علاقة وطيدة بالقتيل.

رواية تشكك في التاريخ الرسمي المتوارث
رواية تشكك في التاريخ الرسمي المتوارث

الأول مهاجر مصري، يقول إن القتيل ليس أفغانيّا بل هو مصري. ويسرد حكايته، ويذكر أنه مِن المصريين الذين ذهبوا إلى القتال في أفغانستان (الأفغان العرب) وعادوا إلى مصر. وينفي الثاني، وهو مهاجر فلسطيني، أن يكون القتيل أفغانيّا، بل هو فلسطيني، ويسرد حكاية مختلفة عن حكاية الأول، بينما يؤكد الثالث، وهو مهاجر أفغاني، أن القتيل أفغاني فعلا وليس لديه أدنى شك في ذلك.

ويقول الرابع، وهو مهاجر جزائري، إن القتيل جزائري. كما يؤكد الخامس أنه مهاجر تونسي ابن بلده. وينفي الشاهد السادس، وهو مهاجر إيراني، أنه أفغاني، ويؤكد أنه إيراني. أما الشاهد السابع، مهاجر كردي من سوريا، فيؤكد أنه كردي من العراق، ويسرد حكاية مختلفة عن كل الحكايات.

يُقفَلُ التحقيق. ويتم دفن الرجل، دون معرفة هويته. وبعد مرور عقد من الزمن، سنة 2019، يتم العثور على صندوق فيه رزمة من الأوراق، مكتوبة عليها نصوص بلغة البشتون. بعد فحصها وترجمتها، يتبيّن أنها للشخص القتيل. وفي تلك النصوص هويته وسيرته الحقيقيتان، على أنه شخص وهبه الله العمر المديد، دون أن تكون له ذرية. وأنه ولد يوم قُتل الخليفة عمر بن الخطاب. وشهد على كل ما جرى في التاريخ الإسلامي. وكان والده من رموز الجماعة التي انشقت عن علي بن أبي طالب، لذا هو كائن عابر للعصور، وعليه عدم إفشاء هذا السرّ. وبقاؤه حيًّا منوط بمحافظته على سرّه. لكنه في النهاية، يحاول اللجوء إلى الكتابة في محاولة الالتفاف على هذا الشرط.

وتعالج رواية “الأفغاني: سماوات قلقة” أفكارا عديدة منها: الهوية والانتماء، التاريخ المزيّف والحقيقي من خلال ثماني سرديّات عن حياة شخص واحد. ورغم جريمة القتل، فهي ليست رواية بوليسية ولا تاريخيّة، لأنها تشكك في التاريخ الرسمي المتوارث.

ونذكر أن رواية “الأفغاني: سماوات قلقة”، صدرت حديثا في 200 صفحة من القطع المتوسط، عن دار “خطوط وظلال للنشر” بالعاصمة الأردنية عمان.

15