سجن رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريض في قضية التسفير

تونس – قرر قاض تونسي سجن رئيس الوزراء الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة الإسلامية علي العريض، وذلك بعد التحقيق معه لساعات للاشتباه في أنه أرسل شبانا للقتال في سوريا، وفق ما أفاد محاميان الاثنين.
وهذا الملف أعيد فتحه بعد التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو من العام الماضي، وهي التدابير التي رفعت الغطاء السياسي والحصانة عن أضلاع منظومة الحكم السابقة التي يتهمها سعيّد بالفساد.
وذكرت المحامية إيناس حراث أن "قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أصدر بطاقة إيداع في حق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض في ما يعرف بملف التسفير".
وأكد ذلك مختار الجماعي، وهو محام عن العريض، لوكالة "رويترز" قائلا "هذا صحيح" لدى سؤاله عن قرار سجن رئيس الوزراء الأسبق، دون أن يسهب في التفاصيل.
ويخضع العريض وسياسيون آخرون من الحزب، من بينهم رئيس الحركة راشد الغنوشي، للتحقيق في القضية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب منذ سبتمبر الماضي.
وبررت حركة النهضة الإسلامية في بيان نشره زعيمها راشد الغنوشي عبر صفحته على فيسبوك القرار بأنه استهداف ممنهج على أحد خصوم الرئيس قيس سعيّد "للتغطية على الفشل الذريع في الانتخابات"، كما طالبت بإطلاق سراح العريض.
وكعادتها اختارت الحركة ذو المرجعية الإسلامية سياسة الهروب إلى الأمام بالزج بمواضيع لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بالقضية، من قبيل ارتفاع الأسعار وغياب بعض المواد الغذائية، في محاولة لاستثمار هذه الأزمة في تأليب الشارع التونسي على الرئيس سعيّد، رغم أنها تتحمل المسؤولية عن وصول البلاد إلى هذه الوضعية المتأزمة بعد عشر سنوات من الحكم وصفها البعض بـ"العشرية السوداء".
ويرى مراقبون أن نفي حركة النهضة علاقة العريض بتسفير الشباب إلى سوريا مثير للاستغراب، خصوصا وأن الرجل كان يشغل حقيبة وزارة الداخلية من أكتوبر 2011 حتى فبراير 2013، ثم رئاسة الحكومة من 2013 إلى 2014، وبالتالي كيف يمكن ألا يكون على دراية بما يجري من عمليات تسفير.
ويشير هؤلاء إلى أن الأمر لا يتعلق بحالة شخص واحد سافر منفردا إلى سوريا حتى ينكر علاقته بالقضية، فالأمر يتعلق بالآلاف من التونسيين شاركوا في النزاع في سوريا إلى جانب كتائب إسلامية ضد النظام، بعد اندلاع الاحتجاجات ضد حكم بشار الأسد ضمن موجة الربيع العربي بعد 2011.
وقدرت السلطات التونسية أعدادهم بنحو ثلاثة آلاف عنصر دخلوا سوريا عبر تركيا، لكن مصادر أمنية ورسمية قدرت أن حوالي ستة آلاف تونسي سافروا إلى سوريا والعراق خلال العقد الماضي للانضمام إلى الجماعات المسلحة، ومنها تنظيم الدولة الإسلامية. ولاقى كثيرون حتفهم هناك، بينما هرب آخرون وعادوا إلى تونس.
وكان جهاديون تونسيون اعتقلتهم سوريا قد أقروا في اعترافات بثتها وسائل الإعلام السورية الرسمية، وكذلك في برنامج حول الجهاديين المغاربة الذين التحقوا بصفوف داعش بثته قناة "الشروق الجزائرية"، بأنهم لم يواجهوا أي صعوبات خلال رحلة سفرهم من تونس إلى طرابلس التي شكلت نقطة تجمع أساسية خلال فترة الحكم الانتقالية، التي هيمن عليها الإسلاميون وكانت تدعمها ميليشيات فجر ليبيا، ومنها إلى مطار إسطنبول الدولي ومنه إلى بؤر التوتر.
وأشاروا إلى أنهم تلقوا كذلك تسهيلات أو تغاضيا من قبل السلطات التركية في رحلة العبور إلى الأراضي السورية.
لكن مصادر من جماعات إسلامية اعتبرت أن اعترافاتهم انتزعت تحت التعذيب، وشككت في صدقية الروايات والشهادات التي بثتها وسائل الإعلام السورية الرسمية.
وبدأت التحقيقات في قضية تسفير جهاديين إلى بؤر التوتر بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021، إثر الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي وعزل بموجبها منظومة الحكم السابقة بحل الحكومة وتجميد عمل البرلمان قبل حله نهائيا.
وكانت السلطات التونسية أعلنت أنّ القطب القضائي لمكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لعشر شخصيات، من بينها الغنوشي ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي.