سجلات تكشف عن "شبهة" علاقة مقربين من الأسد بشحنة الموت في بيروت

السوريون المحتملة علاقتهم بالشحنة ضمن قائمة العقوبات الأميركية.
الاثنين 2021/01/18
شواهد على النكبة

لم يبح ملف انفجار مرفأ بيروت بمعظم أسراره بعد، وسط قناعة بأن ما خفي كان أعظم في ظل الأنباء الواردة عن وجود علاقة محتملة تربط سوريين مقربين من دمشق بشحنة الأمونيوم التي أدت إلى أكبر انفجار شهده العالم منذ عقود.

بيروت - كشف تقرير أعده صحافي لبناني وسجلات شركات في لندن أن الشركة التي اشترت شحنة نترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت في أغسطس الماضي ربما كانت لها صلة برجلي أعمال سوريَّين يخضعان لعقوبات أميركية لعلاقتهما بالرئيس بشار الأسد.

وبحسب التقرير الذي أعده منتج الأفلام الوثائقية فراس حاطوم وبثته قناة “الجديد” التلفزيونية اللبنانية الأسبوع الماضي، فإن عنوان شركة “سافارو ليمتد” -التي اشترت المواد الكيميائية عام 2013- في لندن كان هو نفس عنوان شركات مرتبطة برجلي الأعمال جورج حسواني وعماد خوري.

وفرضت واشنطن على كل من حسواني وخوري وشقيقه مدلل خوري عقوبات بسبب دعمهم نظام الرئيس بشار الأسد في الحرب السورية. والثلاثة يحملون الجنسيتين السورية والروسية حسب ما تظهره قائمة العقوبات الأميركية وقاعدة بيانات تجمع معلومات من مؤسسات رسمية روسية.

واتهمت وزارة الخزانة الأميركية مدلل عام 2015 “بمحاولة شراء نترات الأمونيوم في أواخر عام 2013”. كما فرضت عقوبات على شقيقه عماد بعد ذلك بعام لمشاركته في أنشطة تجارية مع مدلل.

أما حسواني ففرضت عليه الخزانة الأميركية عقوبات في عام 2015 بتهمة مساعدة حكومة الأسد على شراء النفط من مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية، وهو الأمر الذي ينفيه.

وبمراجعة تلك الملفات مع هيئة “كومبانيز هاوس” لتسجيل الشركات في بريطانيا، وجدت وكالة رويترز أن كلا من شركة سافارو وشركة “هيسكو” لأعمال الهندسة والبناء والتي تخضع لعقوبات أميركية بسبب صلاتها بحسواني، قامتا بنقل سجلاتهما الرسمية إلى العنوان نفسه في لندن في 25 يونيو 2011.

وتظهر الملفات أن ذلك العنوان كان هو العنوان المسجل أيضا لشركة “آي.كيه بتروليوم إندستريال” التي كان عماد خوري مديرا فيها.

ويمكن للعشرات من الشركات أن تتشارك العناوين المسجلة ولا تثبت هذه الروابط بالضرورة أن مالكي الشركات على صلة ببعضهم البعض. لكن من النادر أن تنقل الشركات سجلاتها، خاصة إلى العنوان نفسه في اليوم نفسه وفقا لمراجعة رويترز لملفات المئات من الشركات.

يوسف لحود: ما تم التوصل إليه ربما يكون الخيط الذي يكشف الحقيقة
يوسف لحود: ما تم التوصل إليه ربما يكون الخيط الذي يكشف الحقيقة

وتمكنت رويترز من تحديد الجهة الوسيطة التي ساعدت على تسجيل شركة هيسكو، لكنها لم ترد على محاولات الوكالة لطلب التعليق على العلاقة بين شركتي هيسكو وسافارو. كما لم يتسن تأكيد ما إذا كان حسواني يسيطر على سافارو، وهو أمر قد يقدم مؤشرا محتملا على تورطه في شراء شحنة نترات الأمونيوم التي انفجرت في بيروت.

ونفى عماد خوري أي صلة بسافارو، وقال لرويترز “هناك جهة تسجيل في لندن الكثير من الشركات مسجلة من خلالها، وليست شركتي فقط… لا أعلم شيئا عن سافارو هذه”.

وقال مدلل خوري إنه “ليس هناك منطق” في توجيه اللوم في تفجيرات بيروت إلى شركة مسجلة بعنوان في لندن يضم العديد من الشركات الأخرى المسجلة هناك أيضا.

ولم يتسن لرويترز الوصول إلى حسواني للتعليق. وقال ابنه في موسكو لرويترز إن من غير المرجح أن يعلق والده على مزاعم حول الصلات بالمواد الكيميائية لأنها “محض هراء”.

وأثارت الاستنتاجات المتعلقة بوجود صلات محتملة تربط بين سافارو ورجال الأعمال السوريين تساؤلات لدى البعض في بيروت حول ما إذا كانت شحنة نترات الأمونيوم، التي تستخدم في صناعة الأسمدة والمتفجرات أيضا، موجهة إلى سوريا.

وقال يوسف لحود، أحد المحامين الذين يمثلون نحو 1400 من ضحايا الانفجار، إنهم يسعون للتحقيق في الأمر، مضيفا أن “ذلك قد لا يقود إلى شيء وربما يكون الخيط الذي يكشف الحقيقة”.

وقالت وزيرة العدل اللبنانية ماري كلود نجم “يجب التحقيق في التقرير، كما هو الحال مع أي مزاعم أخرى تتعلق بالتحقيق الجاري في الانفجار”.

وتظهر سجلات هيئة “كومبانيز هاوس” في لندن أن قبرصية تدعى مارينا بسيلو هي مديرة شركة سافارو والمالكة لأغلبية الأسهم فيها منذ عام 2016. وقالت بسيلو لرويترز في رسالة إلكترونية يوم الجمعة إنها لا تدير شركة سافارو أو تملكها، ولم ترد على أسئلة تتعلق بحسواني.

وأدى انفجار مرفأ بيروت إلى مقتل 200 شخص وإصابة الآلاف ودمر أحياء كاملة. وقال مسؤولون إن المواد الكيميائية اشتعلت بعد تخزينها في المرفأ في ظروف سيئة على مدى سنوات.

وتم تحميل نترات الأمونيوم على سفينة تسمى روسوس في جورجيا، كما تظهر سجلات الشحن، قبل أن تتوقف بشكل مفاجئ في لبنان في أواخر عام 2013. ولم تغادر روسوس المرفأ أبدا إذ أصبحت محل نزاع قانوني. وقالت الشركة الموزمبيقية التي طلبت شراء نترات الأمونيوم إنها طلبت الشحنة عبر سافارو ليمتد.

وكانت السلطة اللبنانية رفضت فتح تحقيق دولي في الانفجار بيد أنها سمحت بمشاركة عناصر فرنسية وأميركية في التحقيق الداخلي الذي يشهد تعثرا، وسط مطالبات بتغيير القاضي فادي صوان الذي يتولى الملف.

وكان صوان وجه الشهر الماضي اتهاما بالإهمال لأربعة مسؤولين، وهم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وثلاثة وزراء (اثنان منهم ينتميان إلى حركة أمل، والثالث ينتمي إلى تيار المردة).

ورفض الرباعي الوقوف أمام صوان مطالبين بنقل الملف إلى قاض آخر.

2