ستيفاني خوري تستعد لأول إحاطة بشأن ليبيا أمام مجلس الأمن

القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة ستستعرض التطورات السياسية والأمنية والإنسانية بعد لقاءات مكثفة أجرتها مع الأفرقاء الليبيين.
الثلاثاء 2024/06/04
خوري في مهمة صعبة

طرابلس - تستعد القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم ستيفاني خوري لتقديم إحاطتها الأولى لمجلس الأمن الدولي خلال منتصف الشهر الجاري، والتي ستتناول فيها التطورات السياسية والأمنية والإنسانية في ليبيا، كما سيعرض السفير الياباني يامازاكي كازويوكي رئيس لجنة العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا لعام 1970 إيجازا حول أنشطة اللجنة.

وتأتي الإحاطة المرتقبة لخوري بعد لقاءات مكثفة أجرتها مؤخرا مع الفرقاء الليبيين ركزت على تفعيل المسار الأمني عبر إطار لجنة 5+5 العسكرية واستكمال مشروع المصالحة الوطنية الشاملة للقبول بنتائج الانتخابات حسب قوانين توافقية.

ويدرس أعضاء المجلس دعوة ممثلي جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، لتقديم إحاطة بشأن الجهود المتعلقة بالعملية السياسية وعملية المصالحة الوطنية في ليبيا، حسبما أورد موقع "سيكيوريتي كاونسيل ريبورت".

كما سيناقش المجلس تعيين مبعوث أممي جديد في ليبيا خلفا لباتيلي على الرغم من أن الخلافات السياسية بين الأعضاء قد تعقد تلك العملية، إذ استغرق نحو عام كامل لتعيين مبعوث جديد في أعقاب استقالة المبعوث السابق يان كوبيش العام 2021.

وكان باتيلي قد أعلن في 16 أبريل الماضي استقالته من مهمته التي تسلّمها في 2 سبتمبر 2022، خلفًا للأميركية ستيفاني ويليامز. وأتت استقالته في خضم تصاعد التجاذبات الإقليمية والداخلية بشأن الأزمة الليبية، وفشل المبادرات الهادفة إلى إجراء انتخابات عامة تنهي حالة الانقسام والتشظي المؤسّساتي التي تشهدها البلاد منذ عام 2014.

وعلى الرغم من الخلافات السياسية بين الأعضاء يظل مجلس الأمن متوحدا بشأن حاجة ليبيا إلى عملية سياسية شاملة بقيادة ليبية تفضي إلى إجراء الانتخابات الوطنية، وإرساء الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، كما يظل المجلس ملتزما بتقديم الدعم الكامل للوساطة الأممية لتحقيق هذا المسار.

ويعتبر مجلس الأمن أن الجمود السياسي بين حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة والحكومة المكلفة من مجلس النواب في الشرق المحرك الرئيسي لانعدام الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد.

وتتوقع الأوساط السياسية الليبية أن تتجه خوري، إلى تغيير المشهد السياسي في البلاد، من خلال دفعها نحو بدء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي تنفيذ بعض الاتفاقات التي أعلنت في اجتماعهم السابق، وتحديدا مسألة تشكيل حكومة موحدة في ليبيا لإنهاء الانقسام الحكومي.

لكن مسألة تشكيل حكومة جديدة في ليبيا لتقود البلاد نحو الانتخابات التي يأمل مجلسا النواب والأعلى لدولة أن يتمكنا من تنفيذها قبل نهاية العام الجاري، لا تزال تلقى معارضة وخصوصا من طرف الدبيبة الذي يرفض تسليم منصبه إلا لحكومة منتخبة.   

وشكك رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح، في إمكانية إجراء انتخابات وطنية في ليبيا على المدى القصير، متحدثا عن عدد من العراقيل التي تحول دون ذلك، أبرزها غياب الدستور المنظم لعملية تداول السلطة، والتدخل الأجنبي الهادف إلى الإبقاء على الوضع القائم.

وتجد خوري نفسها أمام ضرورة إعادة إحياء العملية السياسية في ليبيا بعد فترة قصيرة من الركود في عهد عبدالله باتيلي، كما تواجه انقسامات عميقة في المشهد السياسي الليبي، في ظل وجود حكومتين، واحدة في الغرب وهي المعترف بها دوليا وأخرى في الشرق تم تكليفها من البرلمان، مع استمرار التنافس على السلطة والنفوذ بين الفصائل المسلحة.

ومنذ بداية مايو التقت خوري غالبية السياسيين من أطراف الأزمة في طرابلس وبنغازي، وناقشت معهم آخر تطورات الأزمة الليبية، وتطرقت في اجتماعاتها إلى جهود البعثة الأممية الرامية للدفع بالعملية السياسية قدماً من أجل عقد الاستحقاق العام.

وركزت خوري في لقاءاتها الأولى على القادة العسكريين، حيث التقت كلا من خليفة حفتر في مقره العسكري بالرجمة، شرق بنغازي، ورئيس الأركان العامة لقوات حكومة الوحدة الوطنية الفريق محمد الحداد في مقره بالعاصمة طرابلس، كما التقت رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ثم كل من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، ورئيس مجلس الدولة الاستشاري محمد تكالة.

ويصف التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة، المقدم في التاسع من أبريل الماضي ويغطي الفترة منذ السابع من ديسمبر، بأنه تقدم ضئيل فيما يتعلق بدعوة المبعوث الأممي السابق لعقد مؤتمر يجمع الأطراف الرئيسية الخمسة، لأن بعض الجهات الفاعلة لم ترشح بعد ممثليها أو وضعت شروطا مسبقة لمشاركتهم.

وبحسب التقرير، أصر المشير حفتر وعقيلة صالح على إشراك الحكومة برئاسة أسامة حماد، أو استبعاد حكومة الوحدة الوطنية.

إلى ذلك، طلب عقيلة صالح أن يركز الاجتماع على تشكيل حكومة موحدة جديدة، فيما واصل الدبيبة تأكيده على أن حكومته لن تتنحى إلا بعد إتمام العملية الانتخابية. في حين واصل المجلس الأعلى للدولة معارضته للقوانين الانتخابية المنقحة وسعى إلى تركيز المناقشات على العودة إلى النسخة الأولية.

ومع ذلك، لا تزال التوترات الجيوسياسية الأوسع تؤثر على ديناميكيات المجلس فيما يتعلق بليبيا لاسيما مع القلق الأميركي والغربي المتنامي إزاء الوجود الروسي في الجزء الشرقي من البلاد. يأتي ذلك في ضوء تقارير إعلامية تكشف تحركا مكثفا من قبل الكرملين لتعزيز الوجود في ليبيا في الآونة الأخيرة.

ومن جانبها، تحمل روسيا بشكل روتيني التدخل العسكري الذي قاده حلف شمال الأطلسي في العام 2011 مسؤولية انعدام الاستقرار في ليبيا، وتتهم الدول الغربية بالسعي إلى استغلال احتياطيات البلاد النفطية لتحقيق مكاسب اقتصادية.

وكانت خوري قد تعهدت لليبيين بالعمل على "تجنيب البلاد مخاطر الانقسام والعنف وهدر الموارد، وذلك من خلال تيسير عملية سياسية شاملة يملكها ويقودها الليبيون أنفسهم، بمن فيهم النساء والشباب ومختلف المكونات”، وكذلك الالتزام "بالعمل على دعم إجراء انتخابات وطنية شاملة حرة ونزيهة، لإعادة الشرعية للمؤسسات الليبية".

وعيّنت الأمم المتحدة خوري نائبة لرئيس البعثة الأممية في ليبيا، قبل شهر ونصف الشهر من استقالة باتيلي، الذي ترك منصبه بعد فشله في جمع القادة الليبيين للاتفاق على خارطة طريق ورزنامة واضحة للانتخابات.

وتتمتع خوري بخبرة تتجاوز 30 عاما في دعم العمليات السياسية ومحادثات السلام والوساطة في حالات النزاع وما بعد النزاع، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، وفق البعثة الأممية، كما تتوفر على تجربة تفوق 15 عاما من العمل مع الأمم المتحدة في العراق ولبنان وليبيا والسودان وسوريا واليمن، حيث شغلت مؤخرا منصب مديرة الشؤون السياسية في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان.