ستة ملايين عراقي صوتوا في الانتخابات المحلية وسط تشكيك في الأرقام

بغداد - أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، مساء الاثنين، أن نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات بلغت 41 بالمئة، وأن النتائج الأولية ستعلن الثلاثاء، لكن هذه النسبة قوبلت بالتشكيك، كونها لا تتناسب مع حجم العزوف الكبير عن الانتخابات.
جاء ذلك في بيان لنسب التصويت النهائية (الاقتراع العام والخاص) حسب تقارير المكاتب الانتخابية في المحافظات نشرته مفوضية الانتخابات، ونقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع".
ووفق البيان فإن "عدد المصوتين الكلي في التصويتين العام والخاص بلغ 6 ملايين و599 ألفا و668 ناخبا، من بين أكثر من 16.1 مليون ناخب يحق لهم التصويت، بينما بلغت نسبة التصويت الكلية 41 بالمئة".
وتطابقت نسبة إقبال الناخبين بشكل كبير مع الانتخابات البرلمانية لعام 2021 والتي بلغت نسبة التصويت فيها 41 بالمئة أيضا.
وتتزايد لا مبالاة الناخبين بعمليات الاقتراع خاصة وأن أغلبهم من الشباب الذين يشعرون بأنهم لم يلمسوا فوائد ثروة العراق النفطية الهائلة والتي تم توجيه قسم كبير منها بشكل خاطئ أو سُرق في بلد يصنف بين أكثر دول العالم فسادا.
وهناك ما يزيد عن 16 مليون عراقي مسجلون للتصويت اليوم الاثنين لكن هذا أقل مما كان عليه في الانتخابات البرلمانية لعام 2021 عندما قالت السلطات إن 22 مليونا مؤهلون للتصويت. وبلغت نسبة المشاركة حينها 41 بالمئة.
والسبت، جرى التصويت الخاص الذي شمل القوات الأمنية بكافة فروعها والنازحين، وبلغت نسبة المشاركة فيه 67 بالمئة، وفق مفوضية الانتخابات العراقية.
وفي وقت سابق الاثنين، أعلنت مفوضية الانتخابات العراقية، في بيان، إغلاق صناديق الاقتراع عند الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (15:00 ت.غ)، ونجاح اقتراع التصويت العام، موضحة أن "مساء الثلاثاء سيكون موعدا لإعلان النتائج الأولية".
ونقلت وكالة الأنباء العراقية، الاثنين، عن الناطقة الإعلامية لمفوضية الانتخابات جمانة الغلاي، قولها إن "نتائج التصويت العام والخاص ستعلن في وقت واحد، بعد انتهاء الاقتراع وخلال 24 ساعة بحسب قانون انتخابات مجالس المحافظات المعدل لعام 2023"، مشيرة إلى أنه "بعد إعلان النتائج تبدأ مرحلة استقبال الطعون".
وفي الساعة السابعة صباح الاثنين (الرابعة بتوقيت غرينتش)، فتحت صناديق الاقتراع ودعي أكثر من 16 مليون ناخب للاختيار من بين 6 آلاف مرشح يتنافسون على 285 مقعدا في جميع المحافظات.
واحتفى أغلبية زعماء الأحزاب المشاركة في الانتخابات، في حين نشر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على منصة "إكس" تويتر سابقا "شكراً للمقاطعين".
من جانبه، هنأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بإنجاز انتخابات مجالس المحافظات والأقضية، معتبراً أنّ الإنجاز الأهم تمثل في تنظيم الانتخابات بمحافظة كركوك.
ورأى، في بيان رسمي، أنّ "انتخابات مجالس المحافظات إيفاء من الحكومة بالتزامها الوارد في منهاجها الوزاري، وخطوة أخرى نحو اللامركزية الإدارية، وتدعيم للسلم الأهلي والاستقرار، وتحقيق لإرادة متأخرة تعثرت منذ عام 2013".
وشكك الكثير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في نسبة المشاركة المعلن عنها من المفوضية، حيث قام العديد منهم بإجراء عمليات حسابية لتوضيح تدني نسبة المشاركة.
قال الباحث بالشأن السياسي مهند سلوم في تدوينة له على منصة "إكس" "نسب مشاركة متدنية جدا في انتخابات مجالس المحافظات في العراق. رأي الشعب واضح بديمقراطية المنطقة الخضراء التي أُفرغت من محتواها بالفساد والطائفية/العرقية السياسية".
وقال الناشط السياسي علي الشمري عبر حسابه على منصة إكس "رغم ان السلطة والمال لديهم والمفوضية تحت أمرهم الا أنهم فشلوا بإقناع المواطن بالانتخابات، وتدني نسب المشاركة تُعتبر رصاصة الرحمة على هذه الطبقة السياسية الفاسدة".
وشرح الشمري في تدوينة أخرى نقلا عن خبير بشؤون المفوضية- لم يسمه- أن "عدد الناخبين الكلي في انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم كردستان العراق هو 23367081 ناخب، وأن عدد المصوتين (العام والخاص) 6599668 ناخب، وتحسب نسبة المشاركة الحقيقية وفق المعايير الدولية عن طريق حاصل قسمة عدد المصوتين على عدد الناخبين الكلي وبالتي فإن نسبة المشاركة الفعلية الحقيقية في انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم هي 28 بالمئة".
واستغرب أحد المغردين من نسبة المشاركة المعلنة رغم العزوف، موضحا أن المفوضية اعتمدت نسبة الناخبين الذين قاموا بتحديث بطاقاتهم وسجلاتهم الانتخابية، وهم لا يتجاوزون 16 مليون عراقي من أصل 27 مليوناً يحق لهم التصويت، ونسبة المصوتين 6.6 مليون، في حين أن الانتخابات السابقة كانت النسبة تحسب من 27 مليون.
وفي ظل تواتر العمليات الحسابية المشككة في نسبة المشاركة قال الصحافي عمر الجنابي إن مفوضية الانتخابات وحدها تعرف كيف وصلت نسبة المشاركة إلى 41 بالمئة في انتخابات مجالس المحافظات. عموما هي جزء من النظام البائس.
وفي غضون ذلك، أصدر تحالف الشبكات والمنظمات الوطنية لمراقبة انتخابات مجالس المحافظات تقريراً عن مجريات عملية الاقتراع في التصويت العام، مؤكداً أنّ الحوادث التي رصدها مراقبو التحالف في المحطات الانتخابية بلغت 929 حادثاً، بالإضافة إلى حالات توقف للأجهزة وطرد لمندوبي المرشحين أو وكلاء ومراقبي الكيانات السياسية في مراكز الاقتراع.
وذكر التحالف، في بيان، أنّ "726 تقريراً وصلت إلى غرفة عمليات التحالف حتى ساعة إعداد التقرير الأولي، الذي شمل مشاركة 168.062 ناخباً من أصل 363.067 ناخباً مسجلاً في المحطات التي تمت مراقبتها من قبل مراقبي التحالف، وأنّ المجموع بلغ 929 حادثاً".
وقال رئيس دائرة الانتخابات في الجبهة التركمانية العراقية جودت زلال، الثلاثاء، إن العديد من الناخبين التركمان لم يتمكنوا من التصويت بانتخابات العراق المحلية، لعدم تمكن أجهزة التصويت الإلكتروني من قراءة بصمات أصابعهم.
وجاء حديث زلال تعقيبا على أنباء أفادت بأن بعض الأجهزة التي تم تركيبها للتصويت في الانتخابات المحلية في كركوك بالعراق، لم تتمكن من قراءة بصمات مئات الناخبين الذين لم يتسن لهم التصويت جراء ذلك.
وأشار زلال إلى أن "الناخبين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما واجهوا هذه المشكلة بشكل خاص، ما أدى لخسارة مئات الأصوات"، موضحا أن "الناخبين انتظروا في المراكز حتى إغلاق صناديق الاقتراع على أمل حل المشكلة".
وتنافس في الانتخابات المحلية 296 حزباً سياسياً، انتظمت في 50 تحالفاً، على 275 مقعداً هي مجموع مقاعد مجالس المحافظات بشكل عام، وقد جرى تخصيص 75 منها ضمن كوتا للنساء و10 مقاعد للأقليات العرقية والدينية في العراق.
وعقدت الانتخابات التي قاطعها التيار الصدري (شيعي معارض) في 15 محافظة من ضمن 18، حيث لا تشمل 3 محافظات منضوية في إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي شمالي العراق.
وتعد مجالس المحافظات في العراق بمثابة السلطة التشريعية والرقابية في كل محافظة.
وتتمتع هذه المجالس المنتخبة بالحق في إصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات.
وتمتد الدورة الانتخابية لمجالس المحافظات 4 سنوات تبدأ مع أول جلسة لها. ويتكون مجلس المحافظة الواحد من 10 أعضاء، يضاف إليه مقعد واحد لكل 200 ألف نسمة لما زاد على مليون نسمة، وفقا لآخر إحصائية سكانية تم وضع سجل الناخبين من خلالها.