ستارغيت مشروع يؤكد أهمية الإمارات في التقنيات المتقدمة

في خطوة تعكس طموح دولة الإمارات لتصبح مركزا في مجال الذكاء الاصطناعي بالشرق الأوسط ويرسخ مكانتها على الخارطة العالمية، تم إطلاق مشروع "ستارغيت الإمارات"، كواحد من أضخم مراكز البيانات المتخصصة في التقنيات المتقدمة، ضمن ثمرة جهود يقودها تحالف تكنولوجي دولي.
أبوظبي - وضعت دولة الإمارات خطوة أخرى نحو تأكيد ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي عالميا من خلال احتضانها لمشروع ستارغيت الأميركي، الذي يعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، في خطوة تاريخية تهدف إلى تعميق التعاون الدولي.
وأشرف رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الخميس الماضي على إطلاق مشروع “ستارغيت الإمارات” من قبل تحالف يضم مجموعة من كبرى شركات التكنولوجيا تشمل جي 42 وأوبن آي.إي وأوراكل وإنفيديا ومجموعة سوفت بنك وسيسكو.
وحضر حفل إطلاق المشروع، الذي لم يتم الإعلان عن كلفته الاستثمارية، ولي عهد أبوظبي الشيخ خالد بن محمد بن زايد وولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب حاكم إمارة أبوظبي رئيس مجلس إدارة مجلس الذكاء الاصطناعي.
وقال بنغ شياو الرئيس التنفيذي لمجموعة جي 42 الإماراتية “يعدّ إطلاق مشروع ستارغيت الإمارات خطوة مهمة في الشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.”
وأضاف في بيان أورده مكتب أبوظبي الإعلامي “بصفتنا شريكاً مؤسساً، نفخر بالعمل إلى جانب مؤسسات تشاركنا إيماننا بالابتكار المسؤول والتقدم العالمي البنّاء.”
وتابع “تهدف هذه المبادرة إلى بناء جسر يرتكز على الثقة والطموح، يعزز نقل فوائد الذكاء الاصطناعي إلى الاقتصادات والمجتمعات والأفراد في مختلف أنحاء العالم.”
وتُعد هذه الخطوة، التي تسبق تنفيذ أول مجمع في الولايات المتحدة بقدرة 1.2 غيغاواط بدعم من الرئيس دونالد ترامب، رهانا كبيرا على الشرق الأوسط، وتوسعا لافتا في طموحات البلد الخليجي لتوسيع بنيته التحتية في مجال الذكاء الاصطناعي.
والمشروع عبارة عن تجمع حوسبي متطور للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي بسعة قدرها واحد غيغاواط سيُقام في مقر مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي – الأميركي الجديد في أبوظبي بسعة تصل إلى 5 غيغاواط.
وكان قد أُعلن الأسبوع الماضي خلال زيارة ترامب إلى أبوظبي عن إنشاء مقر المجمع الجديد الذي سيحتضن مشروع “ستارغيت الإمارات”. ومن المتوقع بدء تشغيل أول تجمع حوسبي بقدرة 200 ميغاواط في عام 2026.
ويمثل مركز البيانات المزمع إنشاؤه نقطة ارتكاز لاتفاقية تعاون أوسع بين الإمارات والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وضمن هذا الإطار ستقوم الجهات الإماراتية بتوسيع استثماراتها في البنية التحتية الرقمية داخل الولايات المتحدة، من خلال مشاريع مثل “ستارغيت الولايات المتحدة”، تماشياً مع سياسة “أميركا أولاً للاستثمار” التي تم الإعلان عنها مؤخراً.
ومن المتوقع أن توفر ستارغيت الإمارات بنية تحتية للذكاء الاصطناعي وقدرات حوسبة تغطي دائرة نصف قطرها ألفي ميل (3218 كيلومترا)، بما يصل إلى نصف سكان العالم.
وستتولى جي 42 بناء “ستارغيت الإمارات”، بينما ستتولى أوبن إي.آي وأوراكل إدارة تشغيله، فيما تشارك شركة سيسكو بتوفير أنظمة الأمان ذات الثقة الصفرية وبنية الاتصال الداعمة للذكاء الاصطناعي.
ويهدف المشروع إلى توفير بنية تحتية متطورة وقدرات حوسبة على مستوى البلد، مع تقليل زمن معالجة البيانات لضمان تقديم حلول ذكاء اصطناعي تلبي متطلبات عالم يشهد نمواً متزايداً في هذا المجال.
ويؤسس ستارغيت الإمارات قاعدة متينة للذكاء الاصطناعي القابل للتوسع والموثوق به، وسيسرع من وتيرة الاكتشافات العلمية ويدفع عجلة الابتكار عبر قطاعات متعددة تشمل الرعاية الصحية والطاقة والمالية والنقل، ما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية.
وأكد سام ألتمان المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لأوبن إي.آي أن هذه الشراكة “تمنحنا” فرصة تأسيس أول مشروع ستارغيت في العالم خارج الولايات المتحدة في دولة الإمارات.
وقال “نحن نحول رؤية جريئة إلى واقع ملموس ويعدّ هذا أول إنجاز في مبادرة أوبن إي.آي للدول التي تركز على التعاون مع الحلفاء والشركاء لبناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي حول العالم.”
وأضاف “تضمن هذه الخطوة ظهور بعض من أهم الابتكارات في هذا العصر، مثل الأدوية الأكثر أماناً والتعليم المخصص والطاقة الحديثة، من المزيد من الدول لتعود بالنفع على البشرية.”
أما لاري إليسون المدير التنفيذي للتكنولوجيا ورئيس أوراكل فأوضح أن مشروع ستارغيت يجمع بين السحابة المُحسّنة للذكاء الاصطناعي التابعة للشركة وبين البنية التحتية في الإمارات.
وقال “تتيح هذه المنصة الفريدة من نوعها في العالم لكل جهة حكومية ومؤسسة تجارية في الإمارات ربط بياناتها بأحدث وأكفأ نماذج الذكاء الاصطناعي عالميا.”
وأضاف “يُعد هذا الإطلاق علامة فارقة تُرسّخ معياراً جديداً للسيادة الرقمية ويبرز كيف يمكن للدول تسخير أهم التقنيات في تاريخ البشرية.”
1
غيغاواط قدرة المنشأة الحوسبية التي ستقام في مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي – الأميركي بأبوظبي
وسيقوم عملاق تصنيع الرقائق الإلكترونية إنفيديا بتزويد المشروع بأحدث أنظمته من طراز غريس بلاكوويل جي.بي 300.
وقال جينسن هوانغ مؤسس ورئيس شركة إنفيديا إن “الذكاء الاصطناعي يعد المحرك الرئيس للتحوّل في عصرنا، ومن خلال ستارغيت الإمارات، نقوم ببناء البنية التحتية التي تدعم رؤية الإمارات الجريئة لتمكين شعبها، وتنمية اقتصادها، وبناء مستقبلها.”
ويمتد مقر مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي – الأميركي على مساحة 10 أميال مربعة (16 كيلومتر مربع)، ما يجعله أكبر منشأة من نوعها خارج الولايات المتحدة.
وسيزوّد المجمع مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وموارد الحوسبة الإقليمية، وسيتم تشغيله باستخدام الطاقتين النووية والشمسية وأيضا الغاز الطبيعي لتقليل الانبعاثات، وسيضم متنزها علميا لتعزيز الابتكار وتطوير المواهب وإقامة بنية تحتية مستدامة للحوسبة.
وقال ماسايوشي سون رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لسوفت بنك “عندما أطلقنا مشروع ستارغيت في الولايات المتحدة بالتعاون مع أوبن إي.آي وأوراكل، كان هدفنا بناء محرك للثورة المعلوماتية القادمة والآن.”
وأضاف بهذا المشروع “تصبح الإمارات أول دولة خارج أميركا تعتمد هذه المنصة السيادية للذكاء الاصطناعي، ما يؤكد الطابع العالمي لهذه الرؤية.”
وأبدى سون دعم مجموعته للقفزة النوعية التي تقوم بها الإمارات نحو المستقبل، مشيرا إلى أن “الاستثمارات الجريئة والشراكات الموثوقة والطموح الوطني، كلها عوامل قادرة على إيجاد عالم أكثر ترابطاً وسعادة وتمكيناً.”
وعبّر تشاك روبينز رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لسيسكو عن أهمية انضمام شركته للمشروع الإماراتي، بما يحقق التطلعات نحو تكنولوجيا المستقبل.
وقال إنه “من خلال دمج بنيتنا التحتية الشبكية الآمنة والمحسّنة للذكاء الاصطناعي في هذا التوسع العالمي، نبني شبكات ذكية وآمنة وموفرة للطاقة، تترجم الذكاء الاصطناعي إلى أثر ملموس على المستوى العالمي”.